لا بديل عن المشروع العربي الإسلامي .. كشرط لنهوض الأمة


في كل لحظة من لحظات العمر نشاهد مباشرة فقرات انحدار الأمة وتمزقها وبعثرتها وفقدانها لقيمتها الوزنية والقيمية ودرجة الهوان والذل الذي لحق بنا وجُله من صنع أيدينا....حالة الأمة مشخصة ولو تبارى فذالكة الكتاب والسياسيين والمفكرين في شرحها....توصيف الحالة لم يعد عملا يحتاج إلى شكر وعرفان.؟
بكل صراحة لم تكن لدينا دولة مكتملة الأركان لا قبل الإسلام ولا بعده...وهنا قد يستشيط البعض غضبا على الدولة الإسلامية ما بعد الرسول (صلّ الله عليه وسلم) ونقول له على رسلك لا ننكر محطات مضيئة هنا وهناك ولكنها غير مترابطة وغير متماسكة ولم تؤسس لمنهجية مؤسسية لا يستطيع الحاكم المتغلب أن يلغيها بجرة قلم. ربما كان لسرعة انتشار الإسلام ودخول أمم أخرى في الإسلام وتباعد المسافات مابين المركز للدولة والأطراف وقلة وسائل الاتصال والتواصل وعوامل السيطرة الأثر البالغ في عدم إرساء دولة إطارها الإسلام ولكن جوهرها قوانيين وأنظمة تصوغ حياة الناس وتبين الواجبات والحقوق بما يتفق مع أركان الشريعة وتأخذ الخلفيات التاريخية والثقافية والقيمية للأمم الداخلة للتو في الإسلام.
لهذه الأسباب وغيرها تمزقت الدولة الإسلامية وتشكلت داخل جسمها الكبير دويلات ولائها المطلق للحاكم الذي يتولى أمرها كليا وشرفيا للخليفة في المركز.ولن أستطرد في سرد التاريخ المعروف لدى الكل إلا بالقدر الذي أستشهد فيه لماذا وصلنا إلى هذه الحالة المزرية،التي نعيش فصولها ومراحلها فصلا فصلاً وقد كان للدولة العربية لما بعد ما يسمى بالاستقلال الوهمي شرف هذا الانحدار والتفكيك وإلغاء الهوية وانعدام الوزن بين الأمم...الدولة العربية التي نعيش في كنفها صناعة استعمارية بامتياز وماركة مسجلة للغرب حصريا أخذت على عاتقها مسؤولية ما وصلنا إليه...فلا مشروع ولا تنمية ولا أهداف ولا مستقبل لهذه الدولة إلا بالقدر الذي تحافظ فيه على الواجبات الموكولة إليها وإلا كان مصير ألقذافي لكل من يتمرد على الواقع المرير حتى لو كان في نفسه شئ من الألم على حال الأمة. وكما يقول ابن خلدون في مقدمته أن التابع يقلد المتبوع ولا يخرج عن رؤيته إلا بتحرير أرادة الفرد من أغلال السلطة المحتلة. على ضؤ ذلك توزعنا دولا وجماعات ،أحزابا وهيئات وأفرادا على مدارات الاستقطاب العالمية وبتنا نتبارى من منا يقدم مشروعا حداثياً في جوهره أرضاءً للغرب أو قل للآخر وأصبح المطلوب منا هو أن نرضخ للواقع الذي يعيشه الآخر وإلا كنا إرهابيين تتكالب علينا الأمم...فمنا من يهرول باتجاه تل أبيب لعلمه بأنها الشرط الرئيس لرضي واشنطن وعواصم الإتحاد الأوروبي ...وآخر يتيمم صوب الشرق يغازل الروس وإيران لعل عندهم طوق النجاة ناسيا أو متناسيا أن الهدف المجمع عليه من الشرق والغرب هو أبقائنا على هذا الحال لابل والأسوى وصولا إلى تفتيت الكل والمجزأ لنصبح أجزاء فسيفسائية تدور في فلك أجرام لها سلطة الاستقطاب المغناطيسي بكل قوته،
على وقع شلالات الدم اليومية التي تسيل في الشارع العربي مسنودة بسيطرة من حكم عربي مطلق لا قدرة له على الانفكاك من المتبوع وعلى وقع المرارات المفجعة للحالة العربية يرى بعض المفكرين وحتى بعض الأفراد العادين انه لابد من أن يستمر التحول من حالة الصلابة إلى حالة الميوعة حتى تزول الدولة العربية لما يسمى بعد الاستقلال ثم يبدأ تشكل جسم جديد يقوم على أساس تحرير الفرد من قيود السلطة المطلقة التي فرضت عليه عبر قرن ونيف...الإرادات الجديدة هي التي ستصنع مشروعا عربيا يتلاقح فيه الإسلام والعروبة ليكونا جسدا واحدا ولكن بصيغة تتلافى كل سلبيات الماضي عندما قدسنا النص وتركنا المضمون وعندما نتخلى عن فكرة أن الحل بيد الغيب فالله أمرنا بالعمل والاستخلاف ووضع لنا أسس وقواعد التوحيد والعقيدة والشريعة وترك لنا أمر تدبر شؤون دنيانا....العرب بلا أسلام غثاء كغثاء السيل والإسلام بلا العرب فهم خاطئ واعتباره شئ مابين العبد وربه ولا دخل له بنظام الحياة... المشروع العربي الإسلامي يجب أن يمهد له بتحرير الفرد الذي هو حجر الزاوية وهو عنصر الفعل الذي سيأخذ على عاتقه التغيير... المشروع العربي جذره الحقيقي وحدة الأمة وسوقه وفروعه استراتيجيات تقيس التعامل مع الآخر بناء على مصلحة الأمة، ليس فيه للفرد المطلق مكانا ولا للتفرد بالسلطة وجودا. إن تحرير الفرد وبناء هيكل لوحدة الأمة يحتاج بالضرورة إلى أن يأخذ المثقفين دورهم كطليعة تقود التغيير...لابد من هدف وطني جامع تلتف من حوله الشعوب تحميه وتدافع عنه حتى تغدو البوصلة تؤشر على مركز الاستقطاب للأمة التي تمتلك كل مقومات الوحدة . أعرف درجة الإحباط واليأس والتغريب التي تجتاح الأمة ولكننا نؤمن بأن لله سبحانه وتعالى سنن كونية منها مثلا سنتي الابتلاء و التداول، فها نحن نعيش سنة الابتلاء بكل تفاصيل مراراتها فما علينا إلا أن نعد العدة لاستقبال سنة التداول ولكن بسلاح الوعي والعلم والاتحاد .




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات