ذاكرة الاستقلال


يحتفي الأردنيون في كل عام بيوم ذكرى عيد الاستقلال، فمع بزوغ فجر يوم الخامس والعشرين من أيار من عام 1946 تمكن الأردن من الاستقلال التام، حيث المستعمر عن بلادنا العزيزة وتشكلت المسيرة الوطنية الأردنية بهمة القيادة وعطاء الشعب ليبقى الأردن ثمرة طيبة للثورة العربية الكبرى التي قادها الهاشميون دفاعًا عن كرامة العرب وتحريرًا لإرادتهم في زمن ساد فيه الظلم وتراجعت فيه قوة المنطق أمام سطوة القوة وجبروت الاستعمار، فانبرى الهاشميون ومعهم أحرار العرب يدفعون الظلم طلبًا للحرية والغاية الأسمى، وهي تأسيس دولة عربية إسلامية كبرى ترعى مصالح العرب والمسلمين، وجاءت الظروف ومجريات المصالح الاستعمارية معاندة لهذا الحلم العربي الكبير، وظل الوطن الأردني برغم ذلك نواة لطموح عربي أكبر ومن هنا أخذ البرلمان الأردني العريق اسم ” مجلس الأمة ” والجيش الأردني الباسل اسم ” الجيش العربي” وفي هذا بالضرورة تأكيد على بعد النظر وسمو المنهج عند من أسسوا الاستقلال ومن صانوه وعظموا الإنجازات في ظله وتحت راياته عبر شراكة وطنية هي الأسمى والأجل من كل فكر قطري انعزالي.
يستمر بناء الدولة ومؤسساتها لتنهض المملكة الأردنية الهاشمية بجناحيها على ضفتي النهر المقدس، وتتوالى الحروب والنكبات والهجرات ويصبح الأردن موضع رهان الكثيرين في هذا العالم، ويكسب الأردن الرهان وتتجذر قيم الوحدة بين أبناء شعبنا على هذا الثرى العربي الطهور، على قواعد من العدل والمساواة والشراكة الكاملة، وفي كل محطات التاريخ لم يتوان الأردن عن خدمة قضايا أمته العربية، ولم يتناس القضية العربية المركزية فلسطين الحبيبة، التي قدم فيها جيشنا العربي أروع التضحيات ودماء الشهداء وسطر نماذج من البطولة والفداء، ولذلك فقد عمل الأردن جاهدًا وما زال على دعم القضية الفلسطينية وإقامة دولتها على أرض فلسطين المغتصبة سعيًا لتحقيق سلام مشرف عادل وشامل يضمن قيام دولة فلسطينية وعاصمتها القدس، ولن تنسى الأمة رعاية المقدسات وإعمارها من الهاشميين، ومواقف الأردن في كل المحافل الداعمة لحقوق الشعب الفلسطيني، وكما هو عهد الأردن العربي لا يزال يدعم استقرار العراق وليبيا واليمن ويمد يد العون للأشقاء من سوريا ويعمل على استضافتهم ومن يبحث عن الأمن والحرية من العرب والشعوب الصديقة.

نحن في الأردن اليوم ، أمام مشهد وعهد جديدين في مسيرة دولتنا، وعلى أبواب إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية بعيدة المدى، تؤدي إلى إعادة رسم وتشكيل دولة حديثة ومتطورة في الإقليم تلبي حاجة شعبنا بكل أبعادها الإنسانية والوطنية والتنموية، ومن واجبنا نحن ورثة الاستقلال أن نحفظ للاستقلال أهدافه ومقوماته بصبر وثبات ، فلم يعد مفهوم الاستقلال قائماً على التخلص من التبعية الأجنبية فقط ، ولا على التقوقع والانحسار داخل الحدود، بل أصبح يعني القدرة على التأثير في المحيط الإقليمي والدولي ، والقدرة علـى التأثر كــــذلك في نســــق إيجابي يجنـــي عوائد وفوائد جمة للشعوب بعيدًا عن المشكلات والصراعات، وبمـــا لا يجافــــي الثوابت في حياة الشعوب والدول ومنها، الهويـــة الوطنية الجامعة، والنهج الديمقراطي والحرية والكرامة الإنسانية وحفظ تراث الأمة. فالاستقلال الناجز هو ذلك الواقع الذي يؤهل الشعوب لأن تكون صاحبة الخيار في أوطانها، وهي لن تكون كذلك إلا إذا كان التوافق الوطني هو هاجسها ومنهجها في سائر شؤون الدولة .

يؤدي كل مواطن في بلدنا رسالته الشريفة، في خدمة الأردن الغالي ليسهم الجميع في بنائه وتعظيم منجزاته، فيتجاوز المنجز الوطني حدود الوصف رغم ندرة الموارد وقلة الإمكانات، وفيه تتسامى قيم المشاركة والعيش الكريم، ليكونوا أردنيين جميعًا من أجل الأردن ، وعربًا ومسلمين كرامًا خيرين متسامحين شرفاء ، فالتوافق الوطني الذي يمثل العتبة الأولى والأهم نحو الإنجاز وهو الذي يوفر حياة كريمة للشعوب، وهو منجز طبيعي عندما تتجسد شروطه على أرض الواقع وفي مقدمتها سيادة قيم العدل والمساواة والحرية والمواطنة وصون الدستور وتطبيق القانون، بحسبان ذلك هو الحاضنة والبيئة التي تفرز استقرارًا نفسيًا وأمنيًا في المجتمع، وهذا ما نعيشه وننعم به في الأردن بحمد الله تعالى.
من حقنا أن نزهو بعيد استقلال وطننا الأردني العزيز، وأن نعبر عن خالص اعتزازنا بقيادة الهاشميين وعميدهم جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين، وهو يعمل مع أبناء شعبنا في تكريس دولة القانون والمؤسسات وتأصيل مجتمع العدل والحرية والكرامة والمساواة، وترسيخ قيم التسامح ونبذ العنف والفتن والفوضى والخروج على القانون والنظام وإشاعة ثقافة الحوار سبيلًا لتشكيل الفكر المعتدل المتسامح وتأصيل الإيثار بديلًا عن التعصب، وتوظيف العلم نهجًا لتحقيق المنجزات، وعلى ضفاف الاستقلال نستلهم معالم طريقنا في الحاضر ونحو المستقبل ونسعى صادقين بأذن الله لصون استقلالنا المجيد وحماية وطننا الحبيب وتعظيم منجزاته واثقين أن لا خيار أمامنا إلا التشبث بقوة جبهتنا الداخلية، بحسبانها الضمانة الأولى والأهم لوجودنا ولقوة وطننا ودوره في المحيط الإقليمي والعربي والدولي، نبارك للوطن ولقائده يوم استقلاله ونبارك لكل أبناء شعبنا الطيب الكريم ، فنحن جميعًا أردنيون شرفاء خيرون، ومن أجل عيون الأردن ترى أبناءه يتسابقون ويبذلون ويعملون سهرًا على الحاضر والمستقبل على حد سواء، وكل عام وصاحب الجلالة والأردن الغالي والشعب الأردني النبيل وجيشنا العربي حماة الاستقلال بخير.
حمى الله الوطن وقيادته وشعبه الوفي. 



تعليقات القراء

شنيور
كل عام وأردننا بألف خير
25-05-2017 01:54 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات