من تاريخ النكبة


جراسا -

لم تشمل الروايات التي وثقت المجازر الإسرائيلية بحق الفلسطينيين، في مختلف المدن والقرى المهجرة عام 1948، على قساوة التفاصيل التي نقلتها، كل ما ارتكبته العصابات الصهيونية.

روايات وحكايات جديدة، حول النكبة، يرويها اللاجئ والمؤرخ الفلسطيني أمير عبد العزيز رصرص، ' 83 عاما'، وهو من مواليد قرية الفالوجة المهجرة عام 1948.

في مكتبته الزاخرة بمختلف الكتب والمجلدات، التي خصص لها غرفة من منزله في مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، حيث جلس يحمل كتابه 'الوجيز في تاريخ الاسلام والمسلمين'، وراح يسرد لنا 'بحرارة وألم'، بعضا مما رأته عيناه، إبّان النكبة.

يقول، 'ولدت في الفالوجة عام 1934، واضطررنا للخروج منها عام 1948، هربا من المذابح التي قامت بها العصابات اليهودية ضد العرب'... 'أما أصعب المشاهد التي مرت في حياتي، ولا يمكنني نسيانها، فهي مذبحة الدوايمة، التي حصلت اثناء رحيلنا من قريتنا الفالوجة'.

ويتابع 'مكثنا في تلك القرية (الدوايمة) لأخذ استراحة، كان يوم الجمعة، أذن المؤذن للصلاة، واصطف الرجال، وعندها هاجمتنا احدى العصابات اليهودية، بالرصاص الحي، والقنابل، فقتل من قتل، ونجا من نجا'.

' كنت شاهدا على قتل المئات في تلك المذبحة، رأيت جثثهم ودماءهم بعيني'، يضيف بحسرة بادية على قسمات وجهه.

ويقول اللاجئ والمؤرخ الفلسطيني: ' حاولت النساء الاختباء مع الأطفال في إحدى المغارات، لكن الجنود اليهود لاحقوهن بالقتل، فقتلوا العشرات منهم'.

'كنا ننتظر الموت في أية لحظة، ونجحت انا وبعض الشباب من أترابي، في الاختباء، واستغلال حلول الظلام، حدثت المذبحة قبل غياب الشمس بقليل، وكنا في طريقنا نحو مدينة الخليل'، يتذكر مضيفا: 'وثقت تلك المذبحة في هذا الكتاب (الوجيز في تاريخ الإسلام والمسلمين)، وشاهدت بعيني مقتل نحو 800 رجل وامرأة وطفل، لقد ملأت الدماء المكان'.

وتشير بعض الروايات إلى أن نحو 500 شخص قتلوا في تلك المذبحة، التي ارتكبتها منظمة ليحي، وبقيادة موشيه ديان، وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك.

وتقع قرية الدوايمة إلى الغرب من مدينة الخليل، وهي تعد جزءا منها، وتذكر روايات ان عدد سكانها آنذاك لم يتجاوز الفي نسمة.

ويضيف رصرص: ' تابعنا مسيرتنا بعد المذبحة، باتجاه الخليل، اضطررنا خلال ذلك للسكن في الخيام والمغارات، لقد كانت رحلة قاسية'.

ونشر المؤرخ الفلسطيني كتابه المذكور، عام 2003، وصدر عن دار ابن حزم للطباعة والنشر والتوزيع بالقاهرة، بالاشتراك مع مكتبة 'دنديس' الفلسطينية بالخليل.

ويعتقد رصرص، أن مثل تلك المجازر لم تأخذ حقها بالتوثيق والتعريف، كونها حدثت في مناطق مغمورة، وبعيدة عن القدس العاصمة، والتي تمركزت فيها وسائل الإعلام والنشر.

وحول إمكانية العودة إلى بلدته الفالوجة، بدا أبو انس غير متفائل بقرب تحقق ذلك، في ظل الأوضاع الراهنة.

لكنه استدرك، 'إن لم أستطع وأبناء جيلي العودة إلى الديار التي هجّرنا منها، فالأجيال القادمة قد تتمكن من ذلك، عاجلا أو آجلا'.

ويؤكد أن 'الجيل الثاني والثالث، وما يتلوهما من اللاجئين، ما زالوا مرتبطين شعوريا بالبلدات والقرى التي هجّر آباؤهم وأجدادهم منها، ولن يتنازلوا عن حقهم بالعودة'.

اقرأ/ي أيضًا | الفلسطينيون يحيون اليوم الذكرى الـ69 للنكبة

ويطلق الفلسطينيون مصطلح 'النكبة' على عملية تهجيرهم من أراضيهم على يد 'عصابات صهيونية مسلحة'، عام 1948، أفضت لقيام دولة إسرائيل، ويحيونها في 15 أيار/ مايو من كل عام، بمسيرات احتجاجية وإقامة معارض تراثية تؤكد على حقهم في العودة لأراضيهم، وارتباطهم بها.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات