البرلمان الأردني وضبط «فقاعة صابون»


خطابا لا ينتميان للواقع يمكن تسجيلهما عند التعاطي تحت قبة البرلمان الأردني مع أكثر الملفات المحلية سخونة واثارة وهو «الأسعار».
مناسبة الحديث طبعا إعلان إقفال الدورة العادية البرلمانية الأولى في عمر البرلمان الجديد وإنصراف النواب لبعض شHنهم في عطلة دستورية إجبارية قد يتخللها الإنشغال في العوائد والمكاسب تمهيدا لبرمجة خطط الدورة اللاحقة او حتى الانتخابات التالية.
الأول خطاب تحريضي مايكروفوني لا يملك شرعية قانونية ودستورية يطالب الشعب بالتمرد على «دفع الضرائب» ويزج به في اللحظات الأخيرة للدورة العادية التي تم فضها ملكيا الأسبوع الماضي.
النظرية هنا تنطبق عليها قواعد» الفرض الساقط» لHن من يدعو للعصيان الضريبي يعلم مسبقا بان مقولته لن يشتريها اي مواطن أردني بأي سعر بائس بحكم العديد من الاعتبارات خلافا لأنها لا تنتمي للواقع والأهم لا تشكل حلا لأي مشكلة إقتصادية أومالية.
أو يندفع الخطاب نفسه لإختراع حكايات وهمية وبطولات زائفة تحت عنوان جاذب هو «التصدي للفساد» وبصورة تصلح للإستهلاك الإعلامي فقط وتتميز بالعشوائية والإرتجال و»الإنتقائية» في إختيار الأهداف .
هنا ايضا لا يسمن الكلام ولا يغني من جوع وبسبب السرعة في إلتقاط منتج إعلامي يصبح اصطياد الفساد أقرب لمحاولة اعتقال «فقاعة صابون» .
تكثر الاجتهادات والأخطاء وقد لمسنا ذلك في قرار النيابة التي «ردت» بعض الإستيضاحات التي حولها بخصوص وزراء سابقين مجلس النواب لها ولسبب قانوني في غاية البساطة حيث لم تتضمن مذكرة النواب أسماء الوزراء المعنيين بتلك الاستيضاحات.
بمعنى آخر ثمة علة قانونية في عملية تحويل الملف للنيابة وثمة أخطاء في السياق لها علاقة بعدم الاختصاص وعدم وجود قضية اصلا مكتملة الأركان وهي اخطاء من الواضح انها ليست الأولى ولا الأخيرة التي تورط بها النواب على صعيدي الرقابة والتشريع وهم يحاولون إختطاف اي لحظة تناسب سعيهم للاستعراض وإستعادة هيبتهم.
صدق وزير الداخلية والزراعة السابق سمير الحباشنة عندما وصف تحويل ملف يخص وزارة الزراعة في عهده حول صفقة مواش مستوردة بانه «تشويه مؤسساتي وليس أكثر من زوبعة في فنجان» قائلا في مؤتمر صحافي علني بان الهدف الإيحاء بوجود فساد يلاحقه بعض النواب.
النتائج المباشرة صادقت على رواية الحباشنة وتبين ان القصة فعلا فقاعة صابون بعدما لفت قرار النيابة بالخصوص الأضواء لثلاثة «أخطاء» على الأقل في عملية التحويل القانوني للاستيضاحات تورط بها مجلس النواب وهو يحاول مع هذه القضية، الأمر الذي يظهر مرة اخرى الرغبة في الاستعراض من قبل بعض النواب ويعلي من شأن الارتجال.
أما الخطاب الثاني فيتوسع في تقديم إقتراحات للحكومة بفرض المزيد من الضرائب ورفع الأسعار و»يزاود» على الحكومة نفسها ضد الشعب ومصالحه فيحاور ويناور ويتسابق مع وزراء الطاقم الإقتصادي في إنتاج المزيد من الألم الشعبي خلافا للمنطق الذي وجد النواب من أجله وهو البحث عن مصلحة الناس.
بوضوح لجأ رموز الخطاب في حالتيه للتصعيد المايكروفوني المبرمج والموسمي وبنظام القطعة مرة عبر إقتراح لا يمكن تصنيفه في باب المسؤولية من وزن العصيان في منطقة الضريبة وأخرى عبر البحث الهوسي عن مزاودات تحتفل بانها عرضت على الحكومة رفع المزيد من الأسعار وعن اتهامات وملفات تحت عنوان الفساد وتصعيدها قصدا ليتبين في النهاية انها اقرب فعلا لعملية إعتقال او ضبط فقاعة صابون.
لا أحد حتى اللحظة في المملكة التي أبتليت بنخبها قبل اي مصيبة اخرى وعندما نقول نخبها نتحدث عن أدوات الإدارة والحكم وعن المعارضة أيضا ..لا أحد يريد ان يقر بان تضخيم اتهامات لا معنى لها عن حالات فساد مع محاولة ركوب موجتها خطوة لا تتميز بالحكمة وتؤدي خلافا للإضرار بسمعة البلاد لإفلات الفساد الحقيقي والكبير من العقاب.
لا احد يريد ان يبلغ عددا من النواب بان مخاطبة غرائز الشارع بين الحين والآخر بخطابات رنانة لا معنى لها او يتحريضات غير واقعية وغير منطقية واحدة من أسوأ عمليات»التضليل» التي تمس بالمواطن الأردني وتخدعه.
ولا احد بالمقابل يريد ان يبلغ بعض النواب بان واجبهم تمثيل الشعب وليس السلطة.
وحتى أتحدث بصراحة ووفقا لخبرتي الذاتية يمكن دعوة المدقق والمراقب لمتابعة تلك المصلحة التي تكون خفية لأي نائب برلماني يخرج فجأة ليتقدم بخطاب معارض دعائي يستجلب الأضواء..على الأرجح ثمة «سطر غائب» ينضج ضد وزير او رئيس وزراء او يناكف لغرض او في باب الإنتهازية ، الأمر الذي يلحق بالنتيجة ضررا بالغا ليس فقط بسمعة البرلمان ولكن ايضا بسمعة الشعب والدولة.
لافت جدا هنا ان بعض ممثلي الشعب الذين يفعلوا ذلك هم اولئك الذين خرجوا من رحم الدولة والمؤسسة في الكثير من الأحيان ثم تدفقوا في عملية إستعراض دعائية غير منتجة لا تفيد أحدا بقدر ما تخاطب غرائز الناس في مرحلة حساسة وحرجة وفي توقيت سيئ جدا .
شخصيا وبصورة استباقية لا أستبعد إطلاقا ان يتجمع الناخبون في الموسم المقبل في مقرات الصنفين من النواب فيلتهمون كميات كبيرة عام 2020 من «الكنافة والمناسف» ويعيدون إنتخاب نواب الطرازين وبلا تردد.
أمـيـل للاعتـــقاد أحــيانا بان الناخب الأردني وفي حالات ليست جماعية بطبيعة الحال «عدو لنفسه».

٭ اعلامي اردني من اسرة «القدس العربي»




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات