هل يدفع ثمن مسلسل سرايا عابدين فاتورة سرقته من عصر الحريم؟


(أعيد نشر هذه المادة برغبة شخصية مني كناقد فني و ككاتب بسبب عملية هضم حقوق همجية من قِبَلْ صحيفة مصرية بحق ارشيفي ككاتب بالكامل لديها...و لأنني صاحب موقف و لم أندم يوما على اية مقالات كتبتها، و لأنني حريص كل الحرص على الأحتفاظ بأرشيفي ككاتب لدى المواقع الإلكترونية اعيد نشرها من باب التوثيق مع التنويه بأنها نُشِرَتْ لأول مرة في مصر في عام 2014 بعد بضعة اسابيع من عرض الجزء الأول منه)

ألأقلام التي تكتب كثيرة فالكتابة هذه الأيام تُمَارَسْ من قبل اي شخص جامعي او مثقف يريد ان يعبر عن ذاته و يتواصل مع المجتمع المحيط به، و هذا حق مشروع للأدباء و للهاوين لهذه المهنة المقدسة، و للكتابة أسس كثيرة يعرفها من تخضرم قلمه بهذه المهنة لذلك لا داعي للخوض بها بصورة حتى سطحية، فالكتابة تنبع من موهبة و هبة ربانية يسطع نورها بداخل الفرد المثقف لكي يكتب رأيه بالعديد من القضايا المعاصرة التي تخالج وجدان مجتمعنى العربي، و لكن الذي يصنع الفرق بين أديب و أديب ليس الموهبة بصورة مطلقة...بل الثقافة و الضمير، لا شك أن الوعاء ينضح بما به و الأديب الصالح يخرج من مكنوزه الثقافي ما سيشعر أنه يخدم المسيرة الثقافية لمجتمعه و سيزيد من الوعي و قِيَمْ المعرفة للقراء الأعزاء التي ستقراء كلاماته، و هنا نصل عند نقطة جوهرية بالنسبة للعمل الذي هو بين يدينا...سرايا عابدين، فمع الإحترام للفنانين الذين شاركوا به هذا العمل أعرج و ليس ناضجا فيحتوي على الكثير من المغالطات التاريخية، و اسمها بالإنجليزية Historical Inaccuracies، فلو تمت ممارسة الضمير بهذا العمل لما تم تقديمه بهذه الصيغة الناقصة للمتابعين من دون وعي أدبي و ضمير.

قتلت قناة الـMBC بيديها هذا العمل حينما صرحت بأنه عمل مستوحى من حياة الخيديوي اسماعيل و عن قصة قصر سرايا عابدين، كلمة "مستوحى" لا يجب أن تكون إذن لكي تسرح اقلامنا ككتاب سيناريو بلا ضوابط مهنية لنكتب ما نشاء و ما يحلو لنا، ففي مقالتي عن "فلم المهاجر" للراحل الكبير يوسف شاهين المنشورة على الإنترنت ناقشتُ الفرق بين الوحي و الإلهام بصورة عامة و بالأعمال الدرامية، و بما أن فريق العمل صرح بأن هذا العمل الدرامي مستوحى من حياة الخديوي اسماعيل فتلقائيا لا يجب أن يتضمن الأخطاء التاريخية إطلاقا فالقصة المستوحاة غالبا ما تكون قريبة من مصدرها و لكن في هذا العمل حافظت الكاتبة ايضاً على نفس الرواية عن حياة الخيديوي اسماعيل و حافظت على شخصية الخيديوي اسماعيل بالعَمَلْ و على البيئة الإجتماعية التي احاطت به و لفيف من الشخصيات التي عاشت معه بالعَمَلْ مثل خوشيار هانم على سبيل المثال لا الحصر، فبهذه الخطوة قالت للمتفرج بأن هذا العمل هو عن حياة الخيديوي اسماعيل فكيف يحتوي العمل على هذا القدر من الأخطاء التاريخية؟ هذا تناقض لا يجوز بتاتا، النقاد تملئ تصريحاتهم الصحف لأنه بهذه المعادلة يقوم العمل بنقل كمية لا بئس بها من المغالطات التاريخية مع كل أسف للجمهور، و قد عددوا النقاد الأخطاء و على سبيل المثال لا الحصر في تاريخ بناء القصر و أخطاء بطريقة مخاطبة الخديوي بألقابه الفخرية و تاريخ ميلاد الأمير فؤاد...حتى ساعة الـ"كوارتز" التي تم صنعها بسنة 1927 موجودة بهذا العمل مع كل أسف لأن احداثه تجري قبل هذا التاريخ، حتى اللهجة المحكية في داخل العمل تحتوي على أخطاء جسيمة، كما شخصية خوشيار هانم في المسلسل تسكن سرايا عابدين و لكنها بحسب المراجع التاريخية كانت تسكن بقصر الدوبارا الذي حاليا تابع لمنطقة جاردن سيتي...ماذا يجري هنا؟ و كمية الشبق الجنسي الموجودة و التي اشار اليها الدكتور ماجد فرج في تعليقه عن الحلقة الرابعة لهو أمر غير دقيق تاريخياً، هل نرى هنا تأثير لمسلسل حريم السلطان على اجواء قصر سرايا عابدين؟ مزيج غريب جدا، الكاتبة هبة مشاري حمادة عللت بتصريح لها عبر صحيفة «الأخبار» أن ««سرايا عابدين» مستوحى من القصص التاريخية التي عاشتها مصر، وأن العمل لا ينتمي إلى الأعمال التي توثّق الأحداث زمنياً وتاريخياً، فتعاملت الكاتبة مع التواريخ باعتبارها جغرافيا قابلة للاستخدام وأضافت إنها تعاملت في مرحلة الكتابة مع التواريخ باعتبارها جغرافيا قابلة للاستخدام وفق الاحتياج الدرامي للأحداث، لافتة إلى أنّ فريق العمل كتب معنى ذلك في بداية كل حلقة لإيصال الرسالة إلى المشاهد، مع كل أسف هذا خطئ كبير ارتكبته الكاتبة فحينما تحافظ الكاتبة على نفس الشخصيات من المصدر الى العمل و على نفس القصر و الشخصيات التي احاطت بالخيديوي تفقد تصريحاتها جدارتها و مصداقيتها فكان سيكون تعليلها مقبول إذا غيرت اسم الخيديوي بالعمل و غيرت بالبيئة الإجتماعية التي عاش بها هذه الشخصية التاريخية، فَمِنْ الخطئ أن نأخذ شخصية معروفة بالتاريخ و ان نرتكب بحق الأحداث التي احادت به المغالطات و من ثم أن نبرر للصحف أن هذا حقنا، هذه مأساة كبرة،

هذا تم احصائه منذ اولى حلقات العمل، مما دفعني لآخذ القرار بعدم متابعته إطلاقا، فكان يجب على قناة الـMBC ممارسة دقة أكبر بعملية الإنتاج و فحص السيناريو جيدا قبل أخذ القرار به، فقد آخذت القناة المظاهر الخارجية و تصميم اللباس الفاخر و اعداد السرايا للتصوير و جلب الفنانين الذين يتمتعون بالشهرة و نصيت أهم جانب من العمل...ألا و هو دقة المعلومات التاريخية، و يتبادر الى ذهني هنا قصة المنتجة ايناس الدغيدي التي اتهمت اسرة اعداد العمل بسرقته او اقتباسه من عمل لها بإسم عصر الحريم، و قد اجتمع اللجان الفنية بالقاهرة لدراسة هذا الإتهام إلا أنه بينت أن العملين مختلفين تماما مما وضع نزاهة عمل سرايا عابدين بميزان الشك...إذا كانت فكرته الخالصة من الكاتبة هبة مشاري أم لا...

الذي لفت إنتباهي أنه ربما العدالة الإلهية نطقت كلمتها بهذا الخصوص فشآت أن يتحلى هذا العمل بالأخطاء الكبيرة لينصف المنتجة ايناس التي صرخت بالإعلام المصري بأن فكرة عملها مسروقة منها، فالعدالة الإلهية موجودة و ستقول كلمتها بالرغم من عدالة البشر الناقصة، و هذه نسخة من الرسالة التي ارسلتها لصندوق بريد المنتجة ايناس الدغيدي :
الى سعادة المنتجة ايناس الدغيدي المحترمة،
تحية طيبة و بعد،
لم يكن بمقدوري تجاهل صرختك بالإعلام المصري عن أن مسلسل سرايا عابدين مقتبس بصورة مباشرة من عملك عصر الحريم، و تابعت قرار نقابة المهن السينمائية بعد دراسة العملين بأن العملين مختلفين...و لكن شعرت بأن صرختك صرخة مظلومة بالإعلام...فأحببت أن اقول لك بأن الله سبحانه و تعالى أخذ حقك من هذا العمل، فمؤخرا قالوا النقاد كلمتهم بأن العمل احتوى على أخطاء تاريخية قاتلة وقد زاد الطين بلةً تصريحات اسرة العمل بأنه مستوحى من حياة الخديوي اسماعيل...فقد اصبح هذا العمل بسبب اقلام النقاد قطعة خردة، فَمَنْ سيتابع عمل مستوحى عن حياة شخصية تاريخية يحتوى على اخطاء جسيمة كالتي ذكرها النقاد بالصحف؟ أظن أن عدالة الله حكمت على العمل بدل من الجرأة التي لم تتحلى بها اللجنة التي حققت بشكواكِ منذ بضعة أشهر، فلو كان العمل فعليا من ابداعات الكاتبة هبة لبارك الله به و سَلِمَ من الأخطاء التاريخية الذي ارتكبتها اسرة العمل بالسيناريو،



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات