دموع التماسيح الأمريكية


أخيراً اكتشف الرئيس الأمريكي دونالد ترمب أن طائرت الأسد ترمي البراميل فوق رؤوس المدنيين والأطفال في طول سوريا وعرضها لتحولهم إلى أشلاء متناثرة. أخيراً اكتشف ترمب أن تلك البراميل الوحشية تقطع أيدي الأطفال، وتفصل رؤوسهم عن أجسادهم، كما قال في مقابلته الأخيرة مع تلفزيون فوكس نيوز الأمريكي.

لقد ذرف الرئيس ترمب في مقابلته آنفة الذكر دموعاً غزيرة على كارثة السوريين وآلامهم ومحنتهم، وشن هجوماً لم يسبق له مثيل على رأس النظام، وكأنه لم يسمع ببشار الأسد وما فعله بسوريا إلا قبل أيام فقط، وكأن الفاجعة السورية حديثة العهد، وأن المخابرات الأمريكية التي تراقب دبيب النمل في العالم من أقصاه إلى أقصاه لم تنتبه لما يحدث في سوريا، ولم تقدم تقاريرها للبيت الأبيض إلا قبل يومين أو ثلاثة فقط.

بصراحة ضحكت كثيراً وأنا أستمع للرئيس الأمريكي وهو يكيل الشتائم لبشار الكيماوي، ويتباكى على أطفال سوريا الذين تحولوا إلى هباء منثور بفعل البراميل المتفجرة. كفاكم دموع تماسيح يا سيادة الرئيس وضحكاً على الذقون. أنت تعرف يا رئيس أمريكا أن بشار الأسد لم يكن قادراً على إطلاق رصاصة واحدة على السوريين لولا أنكم أعطيتموه الضوء الأخضر منذ ست سنوات؟ رجاء لا تأكلوا بعقولنا حلاوة. نحن نعرف أن ديوث الشام لم يكن ليتجرأ على تدمير سوريا وتشريد شعبها لولا الضوء الأخضر الإسرائيلي والأمريكي تحديداً، فهو لا يخاف أحداً في العالم بقدر ما يخاف من الكاوبوي الأمريكي. ولو أردتم أن تمنعوه من استخدام البراميل لأوقفتموه بتصريح واحد حقيقي. لا تقل لي رجاء إنكم حاولتم إصدار قرارات دولية في مجلس الأمن لإدانة النظام أو للتحرك ضده، لكنكم واجهتم الفيتو الروسي والصيني. نحن نعرف تماماً أنكم كنتم تختبئون وراء الفيتو الروسي الذي لم يكن بوتين ليستخدمه لو لم يكن يعرف أنكم تباركون كل ما يحدث في سوريا. وقد ذهب البعض أبعد من ذلك ليقول إنكم أنتم الأمريكيين من كان كان يوعز لروسيا كي تستخدم الفيتو في مجلس الأمن لأنكم راضون عما يحدث في سوريا، ولأن بشار ينفذ لكم ولإسرائيل كل ما تتمنونه هناك. وأكبر دليل على كلامي هذا أنكم يا سيادة الرئيس لم تستشيروا مجلس الأمن عندما شكل أوباما حلفاً دولياً لمحاربة داعش في سوريا منذ أربع سنوات ونيف. كذلك أنت يا سيادة الرئيس ترمب لم تعر الروس والفيتو أي اهتمام عندما قصفت مطار الشعيرات السوري بتسعة وخمسين صاروخاً بعد مجزرة الكيماوي الأسدية الأخيرة.

لكن مع كل ذلك، سنتعامل معكم يا سيادة الرئيس نحن السوريين المفجوعين على مبدأ: خير أن تأتي متأخراً من أن لا تأتي أبداً. ولا شك أن التفاتتكم الأخيرة للملف السوري، ولو على استحياء، لفتة يقدرها الشارع العربي كله، وليس فقط السوريون، ليس طبعاً تشجيعاً لكم على غزو سوريا، بل كي تخففوا من وطأة القتل والدمار في سوريا. لا تتصور يا سيادة الرئيس ترمب كم هي ثمينة جملتك الأسطورية التي وصفت فيها ديوث الشام بالحيوان. يكفي أن كل وسائل الإعلام الدولية رددت عبارتكم بكل اللغات. وهذا لا يقدر بثمن بالنسبة للسوريين المعارضين على الأقل للنظام الفاشي في دمشق. لا تتصور كم كان السوريون فرحين رغم جراحهم الغائرة بإدانتكم على شاشة أهم تلفزيون أمريكي لوحشية الأسد واعتباره مجرم حرب بالدليل القاطع لأول مرة، بدليل أنكم عاقبتموه على جريمة خان شيخون.

ربما لأول مرة منذ ست سنوات يلتفت الإعلام الأمريكي بهذه الكثافة والإنسانية للكارثة السورية. لأول مرة يسمع المواطن الأمريكي البسيط بمحنة أطفال سوريا الذين تتطاير أياديهم وأرجلهم في الجو بفعل البراميل المتفجرة التي يرميها نظام الإجرام في الشام على المشافي والمدارس. لقد كان وصفكم لوحشية الأسد في مقابلتكم مع فوكس نيوز عظيماً جداً، خاصة وأنه يصدر لأول مرة ليس من صحفي أمريكي، بل من رأس أمريكا.

صدقني أن غالبية السوريين لا تريد منكم أن تجيشوا الجيوش لمحاربة الأسد في سوريا، ولا تريد توريطكم في الوحل السوري. السوريون بمعظمهم وطنيون ويرفضون أي تدخل عسكري خارجي في بلدهم، لكنهم يعلمون أنكم قادرون على تقليم أظافر هذا النظام لو أردتم. هل تتذكر يا سيادة الرئيس ترمب كيف سحب بشار قواته من لبنان بسرعة البرق كالفأر المذعور عندما أريتموه العين الحمراء في ذلك الوقت فقط ودون أن تطلقوا عليه رصاصة واحدة؟



تعليقات القراء

bashar
يا اخواني انا مش عارف ليش كل هذا ضد النظام السوري ..يعني مين حييجي بعد بشار الاسد واحد عادل كل ما حصل في البلاد المسلمة ما نفع الا الصهاينة (بعض دول الغرب واميركا)و بعدين بلاد العرب ملانه ظلم....والرسل والانبياء جميعا كانو مظلومين..واوحش ظلم كان فرعون وما امر الله رسوله ونبيه ان يقاتلوه...بل الله تعالي من قضي عليه وعلي اتباعه...تذكرو قصة سيدنا ابراهيم وستنا ساره عليهما السلام........الصبر....الصبر....الصبر ...فلو صبرتم كان ارحم لكم ولصبتم....فابانا الثاني سيدنا نوح عليه السلام صبر مئات السنين.
17-04-2017 09:19 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات