التحالف الدولي يعترف بقتل مدنيين في سوريا والعراق .. ماذا بعد؟


أقر التحالف الدولي الذي تقودها الولايات المتحدة بمسؤوليتها عن خسائر هائلة في صفوف المدنيين نتيجة للغارات التي يشنها في سوريا والعراق وبلغ العدد الإجمالي للضحايا في فترة من تشرين الأول/أكتوبر الماضي إلى شباط/بفبراير الجاري 229 قتيلاً على الأقل بحسب التقرير الرسمي لقيادة التحالف.

على رغم من السيل من الأخبار عن عشرات القتلى المدنيين جراء غارات التحالف التي استهدفت الموصل العراقية ومناطق شمال سوريا لن يرتفع العدد المعترف به رسمياً خلال شهر شباط/فبراير إلا بتسعة أشخاص في حين أعلن التحالف عن مقتل 220 مدنياً خلال كانون الثاني/يناير.

علاوة على ذلك، لا يذكر التقرير غارات شنها التحالف في شهر آذار/مارس الذي أصبح أكثر الشهور دموية حتى الآن وقتل فيه نحو 200 شخصاً جراء غارات على حي الجديدة في الموصل بالإضافة إلى سقوط أكثر من 100 قتيل في غارات استهدفت مدرسة البادية في ناحية قرية المنصورة السورية التي كانت تأوي أكثر من خمسين عائلة من النازحين.

أكد قائد قوات التحالف الدولي الفريق ستيفن تاونسند مسؤولية التحالف عن الغارات على كل من الموصل والمنصورة ورجح أن هناك احتمال بوجود دور للتحالف في مقتل المدنيين.

وقال: "تقييمي الأولي هو أنه ربما كان لنا دور في هذه الخسائر البشرية. هناك على الأقل احتمالا ما لأن نكون مسؤولين عن حادث حرب غير مقصود".

تثبت وفاة كل مدني فشل سياسة خسائر "الصفر" تتفخر بها القوات الجوية الأمريكية وكان من الواضح أن هذه السياسة كانت محكوم عليها بالهزيمة منذ بدء عملية "العزيمة الصلبة" في العام 2014 عندما قالت الناطقة باسم مجلس الأمن الأمريكي كيتلين هايدن إن عملية التحالف في سوريا والعراق ستلقى التحديدات التي فرضها الرئيس الأمريكي السابق براك أوباما على غارات الطائرات بدون طيار الأمريكية في أفغانستان.

في حين تقوم التحالف بأعمالها بدون موافقة الأمم المتحدة والحكومة السورية يلتزم أعضاء التحالف باللوائح الداخلية فقط من أجل تظاهر الامتثال للقانون الدولي ما يجبر التحالف على نشر التقارير عن الضحايا المدنيين وبذل الجهود لانخفاض عدد الضحايا ولكن على الورق فقط.

لقد أظهرت التحقيقات المستقلة للمنظمات الإنسانية والصحفيين أن التحالف الدولي يتجاهل المعلومات عن الخسائر في صفوف المدنيين ولا يتخذ الإجراءات الكافية لحمايتهم. وفي غالبية الأحوال تنفي قوات التحالف مسؤوليتها عن سقوط الضحايا المدنيين على رغم من الدلائل العديدة على الدور الواضح له في مجازر في سوريا والعراق.

لا تزال طائرات التحالف الدولي تنفذ عشرات الغارات يومياً على الأهداف في سوريا والعراق في حين شهد عدد الطلعات ارتفاعاً حاداً منذ تشرين الثاني/نوفمبر الماضي مع ارتفاع حصيلتها.

يبرر التحالف مقتل المدنيين ويقول إن هذه الغارات تستهدف مواقع عناصر المنظمات الإرهابية من بينها "هيئة تحرير الشام" و"داعش" على المقام الأول. جدير بالذكر أنه تم تشكيل "هيئة تحرير الشام" في أواخر كانون الثاني/يناير بعد اندماج "جبهة فتح الشام" ("جبهة النصرة" سابقاً) مع عدد من الفصائل الإسلامية الأخرى بما فيها "حركة نور الدين الزنكي" التي كانت تحصل على دعم وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية وتم تصنيف "هيئة تحرير الشام" وكافة الفصائل المشاركة منظمات إرهابية في أوائل آذار/مارس. وتمكن التحالف من القضاء على أكثر من عشرة القياديين من بينهم "الرجل الثاني في القاعدة" أبو الخير المصري.

هذا وأزداد عدد غارات التحالف في محافظة الرقة السورية في إطار دعم تقدم "قوات سوريا الديموقراطية" على معقل تنظيم "داعش" شمال سوريا حيث يقدم عناصر الوحدات الكردية احداثيات الأهداف لطيران التحالف الدولي. لقد نجحت "قسد" في تطويق مدينة الطبقة وتستعد لحصار الرقة.

ولكن مع ازدياد عدد الغارات ارتفعت حصيلة القتلى المدنيين عشرة أضعاف في حين استهدفت طائرات التحالف الأغراض المدنية ودمرت مقر الهلال الأحمر في مدينة إدلب وخرجت غالبية المستشفيات في دير الزور والرقة عن الخدمة بالإضافة إلى تدمير الجسور عبر الفرات ومنع الأهالي المحليين من الحصول على المساعدة الطبية. وفي محافظة حلب استهفت طائرات التحالف مسجداً في بلدة الجينة كان يحتشد به أكثر من ثلاثمئة شخص لأداء صلاة العشاء. ونفذت طائرات التحالف عشرات الغارات على كل من مدينة الطبقة وقرى الكسرات والبورشيد ومعدان والأندلس في محيط الرقة.

أودت كل من هذه الغارات بحياة الأهالي المحليين والنازحين الذين حاولوا الفرار وتعرضوا لنيران التحالف الدولي. هذا هو قصة النازحين الاثنين من المصول اللذان سقطا جراء الغارات على قرية الصبحة في ريف دير الزور.

لم يرد التحالف على ارتفاع عدد الضحايا المدنيين ولم يتخذ أي إجراءات إضافية واقتصر رد التحالف على التصريحات الغامضة للمتحدث الرسمي له العقيد جون توماس الذي أكد أن التحالف "يراقب الموضوع باستمرار". وقال توماس أن التحالف لا يزال يحقق أحداث مقتل المدنيين من بينها التي ما تم الإعلان عنها.

هذا ولا تزال طائرات التحالف تحلق في سماء سوريا والعراق. بحسب تقرير التحالف من التأريخ 4 نيسان/أبريل، شن طيران التحالف 15 غارة في سوريا و 11 غارة في العراق. لن يذكر التقرير عدد الضحايا المدنيين.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات