رغم فاتورة الإصلاحات ومن يقودها وفاتورة عجلة التنمية والاقتصاد المتعثرة ومن يقف ورائها وفاتورة أسعار المحروقات والتي ألهبت جيوبنا المتهالكة والمتآكلة وبتنا ندفعها من قوت أطفالنا رغما عن أنوفنا ...!!! لم أذهل بقدر ما أذهلتني غضب والدتي الخمسينيه والذي لم أشاهده سابقا حينما ارتسم على وجهها الجنوبي الذي لفحته شمسها وبردها وجفافها ... من شوبك المجد والتاريخ ومعان الحاضرة في قلب الصحراء بجوار قصر نودي من شرفاته نداء الله اكبر والتي اعتدتم أن تكون أول صفوفكم تلبي النداء حينما يكون الوطن بحاجتها وآخر صفوفكم في العصيان والتمرد .
صعقت حينما أعلنتها والدتي بتساؤل ماذا يريد من البنك الدولي ؟؟ وماذا تريد من الحكومات ... ؟؟
والدتي باتت تتحدث بالسياسة والاقتصاد معا " يا حكومة " رغم إنها لا تجيد القراءة والكتابة ... والدتي أصبحت تراقب مت يحدث على الساحة الأردنية وما تفعله بنا الحكومات ووزراء العجائب ... والدتي باتت تعرف البنك الدولي رغم إن قدمها لم تطأ في يوم من الأيام أي من البنوك الأردنية ، على اعتبار أنها ليست سيدة أعمال ولا موظفة ولا تتقاضى راتب من صندوق المعونة الوطنية وحتى والدي رحمه الله لم يكن موظف ليترك لها راتبا شهريا .
المهم يا سادة والدتي غاضبة غضبا شديدا صامتا يصعب عليها الحديث الكلام من شدة معاناتها ولكثرة الإلحاح عليها عن سبب غضبها أجابتني كيف لا اغضب يا ولدي وأنا أول من زرع بيده الشجرة ومن ترابه جبلت ؟ ولأجل عطاءه حلقت !!؟؟ لأرى اليوم يا ولدي الغرباء عن هذه الديار يقطفون ثمارها وتحت أغصانها يستظلون وبالأمس شاهدة احدهم من أغصانها يحتطب ...!!!
فأجبتها هذا كله من اجل الاستثمار والاقتصاد والإصلاح فردت بصوت مبحوح ماذا تقول ؟ هذا خراب للبلاد والعباد ولنا قي كل يوم قائمة أسعار جديدة وفقر وبطالة .
حديث والدتي صحيح لكن ما العمل يا حكمة العجائب !؟أليس من وقفة عند هذا الحد بعدما أصبحت الأرض ومن عليها لغير أهلها الحقيقيين ممن يتعاملون بالدولار على حساب الدينار ...؟؟ !!
والدتي تتحدث اليوم بلغة وبطريقة غريبة ولا اخفي بأنني بت أخشى منها تحت مسمى " هل تعلم وأنت تعلم وليعلم من لا يريد أن يعلم " .
هل تعلم أن هناك خلال في موازين العدل والمساواة بين البشر التي يتشدق بها الكثير سببه يا ولدي إنهم في مواقع المسؤولية وثقنا بهم فخذلونا وغدروا بنا فأوغلوا ليأكلوا وينهبوا من خزائننا وجيوبنا وأوهمونا بمشاريع وهمية أرهقت وأزهقت الخزينة وما خفي من " الكمسيون " أعظم ليتركوا بلا حسيب ورقيب ليسبب الإحباط وتشويه الصورة الحقيقية لترسيخ مفهوم المواطنة ؟ .
وهل تعلم يا ولدي انه من المستحيل على ابن المزارع وابن الجندي أن يتنافس على الوظائف العليا من الدولة ؟!!
وهل تعلم بان مسمى " المعالي والعطوفة " بات حكرا على أبناء أصحاب الدولة والمعالي والسعادة السابقين والحاليين لتصبح بالتوريث ؟؟!!.
وهل تعلم ما يتقاضونه من رواتب ومكافآت يتجاوز ما يتقاضاه علماء الذرة ونحن نشكو شح الموارد وعجز الموازنة ..!!!؟؟؟.
وهل تعلم بان مصطلح الشفافية التي يتشدق بها السادة أصحاب المعالي خاصة عند الحديث عن الفقر والبطالة ومكافحة الفساد بات لا يطاق سماعها بعد أن فقدت معناها الحقيقي ...!!؟؟؟
وهل تعلم بان كيلو البندورة الأكلة الشعبية للأردنيين أصبحت ب 80 قرشا بعدما وقع احدهم قرارا بلا وعي وإدراك فتح باب تصديرها !!!؟؟؟.
وهل تعلم يا ولدي بان الجميع بلغ بهم الذل والقهر من العز لدرجة لا تطاق ؟!. عذرا والدتي لا تغضبي فأبناؤك وأحفادك هم الغاضبون اليوم .
الم اقل لكم لا غرابة في بلاد العجائب ونحن احده والحمد لله والذي لا يحمد على مكروه سواه .
الم اقل لكم بان والدتي باتت تتحدث بالسياسة والاقتصاد فاحذروها وغيرها اللهم إني قد بلغت الله فاشهد ، والله المستعان على ما نحن فيه من بلاء وابتلاء .