الرمز المفقود في الثقافة و التربية


شهد الاردن حالات قتل و ذبح هزت المجتمع و نتج عنها الم و حزن على من قتل و القاتل لان كلاهما ضحايا الرمز المفقود في ثقافة و تربية الاجيال.

و اليوم نتحاور عن اي رؤية لدى الحكومة لتفادى ذلك مستقبلا ، حتى و ان كانت حالات نادرة و شاذة ، لانها ظواهر غربية على المجتمع ، وهي ليست الاساس.

السجايا الحميدة و السلوكيات الفاضلة التى يتعين ان يتحلى بها الابناء في المدارس و الجامعات هي انعكاس للفكر و السلوك العام الحياتي في المجتمع الناتج عن العائلة في البداية و المدرسة في الاصل و نظامها التربوي و الثقافة التى تبث و تتنجها ادوات الدولة و يشاركها فيه الانفتاح على ثقافات العالم.

 اذا الاساس كان فاشلا او معوجا فالنتيجة الحتمية هي تلك المظاهر التى تلوح في المجتمع و تدفع في اتجاه تمرده على الاخر اولا و من ثم على السلطة و القانون.

كما وان البيئة بتعرجاتها و الاسر غير المتوافقة و النظام السياسي الجائر و التربية الخاطئة هي معاول هدم شخصية الطفل السوي .

 و للاسف فأن  العنف و العدوانية و"العنطزة " و العنجهية و الشعور بالتفوق القسري على الغير و التعصب الاعمى والذي اجتاح بعض المدارس و الجامعات الاردنية هي من المشكلات التى يجب ان تجابه بصرامة  ، خصوصا بعد حوادث ضرب و مشاجرات و صلت الى حد اقتلاع عين طالب مدرسي بالخطأ على يد معلمه سيء الحظ ، والقتل  في الجامعة بسكين ، و اطلاق النار في مكتب مدير الامن العام و غيرها من الامكنة سواء بالخطأ او القصد او النية المبيتة.

 الا يسأل احد عما يحدث ؟ هل المقدرات اللوجستية و النوعية بدءا من وزير الثقافة الى  وزير التربية و التعليم  بعيدين عما يحدث ولماذا يحدث هذا في المجتمع ؟ الا يستحق ذلك دراسة مسؤوليات الوزراء المعنيين و معرفة لإخلاقيات و سلوكيات المجتمع حتى يتم التقويم ؟ ، ام الثقافة محصورة في مهرجان و التربية في انشاء فصول اضافية فقط ؟.

اقولها بصراحة ان الخطاب الثقافي مفقود في الاردن ، و ان و جد فهو معوج و يقود الى شرخ في المجتمع وغياب الرؤية الثقافية تؤدي الى قيام كيانات متناحرة يدفع ثمنها الابناء و الوطن.
في الثقافة يتسائل البعض اين حجة الوزير البالغة في معالجة تلك الامور ، وماهي اسس بناء المودة و الرحمة و طيب الخلق؟.من هو صاحب المسؤوليية في بناء المجتمع و لبناته و ثقافته؟ ، و ما هو دور الاعلام و المسلسلات و الافلام و غيرها ؟..

لقد انهمك الجميع في كراسي السلطة و تناسوا المجتمع و دورهم .

تلك الحوادث  و ان ظهرت "الفردية"فيها ولكنها لم تقف عند هذا الحد بوقوع الجرم او الجنحة او الجناية من قبل فرد واحد بل امتدت و اشعلت نارا وثارت المدن ، و حرقت السيارات و دمرت الممتلكات و انطلقت الرشاشات و عم العصيان المدني ليؤكد من جديد غياب سلطة الدولة  سويعات و التعدي على هيبتها و لاح الخوف الحكومي من ردة الفعل و اتجهت البوصلة الى الاستعانة بالتفاوض لاجل التهدئة.

 هل تلك هي الثقافة المطلوبة ؟، هل المطلوب تفاوض مع من يخرج على القانون ام تطبيق قانون ؟.

البعض يرى ان تلك التحركات الجماعية ناتجة عن حالات من الكبت و الانزعاج من السلطة و تبحث عن اي شرخ تمرر منه غضبها و احتجاجاتها ، و اتخذت من حالة مقتل شاب حصان طراودة لاخراج جام غضبها.

اولا مرفوض رفضا باتا اي تعدي على الممتلكات الخاصة و العامة ، و مرفوض اطلاق النيران ، بل بات مطلبا واضحا من مدير الامن العام ووزير الداخلية بسحب كافة الاسلحة من الافراد و التى اظهرت الاردن امام العالم بأنه دولة ميليشيات .بل مطلب المحاسبة و تطبيق القانون و احترام اجهزة الامن و الشرطة و تغريم المتسبب هي بداية وجود "الدولة " المستقرة بقانونها و انظمتها .

و نكرر هنا ان الم و حزن قتل شاب ، و ذبح حنجرته بالسكين لا يختلف عن قتل رائد على يد زميله في مكتب مدير الامن العام و ذبح شاب لعروسه لانها كانت تتصفح الانترنت و غيرها .المواضيع كلها تعود الى الثقافة و التربية .هل تحول المجتمع الى "الثار " و تنازل عن دولة القانون؟. ان  حدث هذا فتلك طالمصيبة "ذاتها.

و ايضا القاتل الذي ذبح و الضابط الذي قتل و المعلم الذي اوقع الضرر و الزوج الذي قتل و غيرهم هم ضحية المجتمع الذي يحتاج الى وقفة مع قادة المجتمع و مع مؤسساته المدنية لاجل ثقافة صالحة .

 ان تلك الفئة من المجتمع التى هي متهمة اليوم بأنها تظهر المجتمع الاردني بأنه الدموي ناتجة في راي البعض عن "خطيئة " كبت الحريات من قبل حكومات متتالية وبعض اسر لم تفلح في تنشئة ابنائها و مدارس سقطت في نهجها التربوي  و اعلام لم يلتفت الى حراك المجتمع و ثقافة غائبة و انغماس جماعي في كيفية الوصول الى السلطة ، و كيفية تحقيق المال و الربح ، و تناسى الجمع كيف تنشيء الاجيال و تتم التربية  و التثقيف .

حتى لا تثار حالات الشغب مرة اخرى بين الفنية و الاخرى بسبب حالات مشابهه ، و حتى لا يكره الشعب حكوماته و يثور على نفسه و حتى لا تستغل حالات لا بد من اعادة صياغة الاستراتيجية الثقافية و التربوية.

الارادة الاردنية المشتركة لاجل مجتمع صالح عليها ان تضغط باتجاه وضع ما يحدث على طاولة البحث بصراحة و شفافية و الا تتغافل عنها، و على الاعلام ان يتناولها.
التعزية واجبة لذوي كل من ذهب ضحية تلك الثقافة الغائبة التى عصرت القلوب بارواح شباب و شابات ازهقت في عمر الورود.
aftoukan@hotmail.com



تعليقات القراء

محمد الاحمد
مقالة مؤثرة والجاني والمجني علية هما فعلا ضحية المجتمع
12-04-2010 11:05 AM
رائده
رؤية متمكنة للمطبات المعيبة التي يشهدها الشارع الاردني

رؤيتك منهجية يا دكتور طوقان نحتاجها حقيقة لتكون بوصلة حقيقية في الاصلاح الذي نحتاجه في منظزمتنا الحكومية البائسة

مجددا طوبى لفكرك ولقلمك وبانتظارك
12-04-2010 11:10 AM
حسام البطيخي
ياعيني عليك يا د. طوقان ياريت نفكر مثلك تحية تقدير الى كل كلمة تقولها .؟
12-04-2010 11:14 AM
خالد الحويان
بصراحة يا جماعة كل اصحاب العقول النظيفة خارج المسؤولية
نفسي يطلع مسؤول حكومي ويتكلم بمثل ما يطرحه الكاتب
البلاوي على روسنا والمسؤولين مصابين بتخمة المنصب واخر همهم الاصلاح فما يعانيه الاردنيين كارثة يجب ان يتصدى لها كل من احب الاردن واراد مصلحته
رائع يا ابن طوقان وكثر الله من امثالك لاننا فعلا نحتاج من هو مثلك ليس لوضع اليد على الجرح بل لتشخيصه ومعالجته وكفانا مزايدات وشعارات حكومية يا رفاعي البلد بدها شغل
12-04-2010 11:14 AM
رحمنا و رحمهم الله
المسؤلون يستمتعون بكراسيهم في السلطة , و الوطن و المواطن آخر اهتماماتهم :
نعيش في أزمة سؤ اختيار المسؤولين , المسؤلون سيما العصريون منهم ينظرون الى ما يجري بالمجتمع على انه شيء طبيعي
12-04-2010 11:27 AM
طراونة
ابداعات قلمك و فكرك المستنير و مواقفك المشرفة هو ما نحتاج اليه في مجتعمنا الاردني و اثراء للفكر طوبى لك و دعاؤنا ان يكتب الله لك موقعا متميزا في الاردن الذي يفتقدك دوما و يتشرف بك ابنا من ابنائة المخلصين
12-04-2010 11:29 AM
طراونة
ابداعات قلمك و فكرك المستنير و مواقفك المشرفة هو ما نحتاج اليه في مجتعمنا الاردني و اثراء للفكر طوبى لك و دعاؤنا ان يكتب الله لك موقعا متميزا في الاردن الذي يفتقدك دوما و يتشرف بك ابنا من ابنائة المخلصين
12-04-2010 11:29 AM
هبة ابو زيد
نعم كوارث البلد بسبب السياسات الحكومية العرجاء
يا عمي بدنا كادر قوي مثقف ومن دون واسطات والا ستبقى المشاهد التي تحدث عنها الكاتب وتزيد وتهدد مستقبل الامة
12-04-2010 11:48 AM
معتز التلاوي
برافو طوقان اهنئك على حنكتك في الطرح والتقاط الامور
12-04-2010 12:40 PM
متقاعد
نعتذر .. ونرجو الالتزام بالتعليق لاننا نعرف لمن وكيف ننشر .. رجو لالتزام
12-04-2010 12:59 PM
متقاعد
جراسا : عزيزي .. لنتفق معا اننا مع كل صاحب قلم جريء .. وثانيا الكاتب يحمل درجة الدكتوراه وله مقابلات فضائية نفتخر بها كاردنيين .. ثالثا .. اهلا بك على سعة صدرك
12-04-2010 01:14 PM
الشيشاني
شكرا للدكتور طوقان على هذا المقال و التحليل العميق و ننتظر منك المزيد منا المقالات التى تسقينا جرعات الامل ........الف شكر لك و لقلمك و جرائتك التى تحرك الساحة و تخاطبها بلغة العصر و الحكمة لان الحكومات غائبة و الشعب مظلوم و مسحوق
12-04-2010 02:00 PM
كفرنجه
يجب ان نعلم ان العربي بدون الاسلام عباره عن همجي فحتى تستطيع ان تضبط تصرفات العربي و تصلح حياته وتحوله الى انسان منتج لا بد من تاسيسه وتربيته على ما امر الله و التاريخ خير شاهد
12-04-2010 02:45 PM
ابنة الجنوب
تطرح افكاراك السياسية بكل حرية يا دكتور طوقان و تشربنا الماء بفم مرتاح و لكني اخشى ان يتم اغلاق فمك فلا تعد تروينا عذوبة ما تكتب حماك الله من كل مكروه و ادامك نصيرا للوطن و المغلوبين على امرهم من البشر
12-04-2010 04:23 PM
ziad
mgal ra23 wa tsh5ees sleem ll7ala shokrn lk wa lkol mo7b lblado al2ordon al3zez
12-04-2010 04:48 PM
حسين علي حسين المحارمه
اذا الإيمان ضاع فلا امان .....................ولا دنيا لمن لم يحيي دينه
13-04-2010 09:12 AM
مجحم
شوفوا صوره للدكتور غير هاي بتجرد وموضوعية
16-04-2010 04:41 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات