عيون الملك كورقة نقاشيّة


وتبقى العيون حناجر القلوب ، وقبَس الأضواء الرابتة خلفَ الأبواب المواربة ، وإقتباسات من دفاتر الروح المطويّة ، وأقصر المسافات بَيْنَك وبَيْنَ أعمق الوجدانيات الضاربة عميقاً بجذورِها في تراب النفس ، هي النافذة الوحيدة التي يمكن أن يخترقها الضوء عابراً بوابات الجسد إلى أروقة القلب ، والجسر الأوحد الذي لا يحتاج إلى عواطف إنشائيّة لبناءه ، و واو العطف وعينها والتي تجسّد لزوميّة المشاركة ، والإضاءة الخافتة القادرة على إشعال الزيت في قناديل الطريق المُطفَأ في داخلك ، للعيون حسيس أعمى من لم يُبصِرْ حسيسها.

آنَ الأوان لنلقي على وجوهِنا قميص "يوسف" لنرى ،
وأنْ نُحصْحص الحقائقَ لنستنير ، وأنْ نبصر ببصيرتنا من يُبصرون واقعنَا ومن يتربّصون به ، وأنْ نتهافت على إستباق الأبواب المُغلّقَة لنفتحَها ، وألاّ ننتظر القوافلَ التائهة لتُنجدَنا من ظلمات بئرنا ، الفأس فأسنا والأرض أرضنا والسنابل سنابلنا والخزائن خزائننا والملك ملكنا ، وَإِنْ ضاقت الأرض بِنَا فالعجاف عجافنا ، سيعُدّون لها من لحمِنَا وملحِنا من جلدِنَا وخُبزِنَا ، في هذا الوطن كلّما أمطرت السماءُ ، أنبتتْ الأرض رُتبَاً عسكريّة وورق إجازات
وصيحات من غادرونا باكراً قَبْلَ أن يقبّلوا أطفالهم ؛ أهٍ كم زرعنا هذه الأرض من جُندِنَا ، لا سارية أعلى منكم في هذا الوطن .

إلى اللصوص أكتب ، إلى من عاثوا بقريتنا فساداً أكتب ، إلى من يحملون ملفات الإصلاح فقط في حقائبِهم أكتب ، إلى المتاجرين بأحلام الشباب العاطلين عن الأمل إلى تجّار البشر أكتب ، إلى مُلّٓاك الأقبْية التي تعفّنتْ فيها طموحات الأجيال الطامحة أكتب ، إلى من لم يتركوا لنا في خارطة طريقِهم سِوى قارعة لنبكي عليها أكتب ، إلى الأربعين الذين نهبوا إرثَنَا أكتب ، إلى الذين عاشوا من أجل صندوقِنَا أكتب ، اقرؤوا عيونَ الملك ، اقرؤوها قَبْلَ أنْ تقراؤا ملفاتكم ، وأوراقكم النقاشيّة ، وجداول أعمالكم ، وخرائط مستقبلنا الذي لا مكان له في مستقبلِ أبناءكم ، أقرؤوها فقد "فضحتكم عيونكم".

في كـــلّ مرّة أشاهد فيه ذلك الوميض الذي في عيون الملك ، أؤمن بأنّ هذا الوطن لن يكبُرْ إلاّ بالحبّ ، في كـــلّ مرّة أقلِّبُ فيها صفحات عيونه كورقة نقاشيّة افتح كتاب معاذ الكساسبة وراشد الزيود وذلك الحزن في طيّاتِهَا ، أتذكر عيون الراحل المغفور له "حُسيننا" وهي تلوّح لعيون وصفي التلّ ، فيزيد يقيني أكثر أنّ وطناً بناه الحبّ لن تطاوله أجنحة خفافيش الكراهيّة...

قَبْلَ أن تكتبوا مستقبلَنا ، اقرؤوا عيونَ الملك





تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات