ماذا نريد .. !


خلال أيام يتجمع قادة وزعماء الأمة العربية في العاصمة الأردنية عمان ريحانة بلاد الشام وواسطة عقد العرب، في قمة يتوقع أن يحضرها أكبر عدد من الزعماء العرب خلال رحلة القمم العربية منذ بدايتها قبل 71 عاماً، والتي يسبقها تشريف خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز للأراضي الأردنية في أول زيارة له منذ إستلامه مقاليد الحكم في أرض الحرمين قبل حوالي العامين، وهي زيارة طالما إنتظرتها القيادة الأردنية والشعب الأردني لما للملك سلمان وشعب وأرض المملكة العربية السعودية من مكانة كبيرة في قلوب جميع الأردنيين، خصوصاً وأن المملكة العربية السعودية اليوم هي الدولة العربية الأكبر تأثيراً ومساهمة في السياسة الدولية بما يتعلق بالقضايا العربية ذلك برغم كل التحديات التي تمر بها.

وعندما نقول الأكبر لأنه لا تسبقها في مساحتها الكبيرة التي تزيد عن مليونين كيلومتر مربع إلا الجزائر التي غابت بشكل كبير عن السياسة الدولية خصوصاً فيما يختص بالقضايا العربية، فآثرت النظر للأحداث من بعيد أو ما يسمى "الحياد السلبي"، كما لا تسبق السعودية بعدد السكان سوى مصر والتي تأثرت سياستها الخارجية وتراجعت كثيراً بالأحداث والتغيرات السياسية التي مرت بها خلال السنوات الأخيرة، والجزائر والعراق التي مازالت تتخبط وسط أمواج من التوترات والطائفية، والسودان التي تطالب منظمة هيومن رايتس الأردن باعتقال رئيسها في حال وصوله للأراضي الأردنية أو منعه من الدخول إليها، والمغرب التي تحظى باستقرار أكبر بكثير من شقيقاتها حتى وإن كانت الحكومة الجديدة فيها لم تتشكل سوى قبل أيام فقط بعد فترة من التوتر السياسي إمتدت لعدة أشهر.

ومن هنا يتأكد أن السعودية حالياً هي أكبر الدول العربية قدرة على التأثير في السياسة الدولية وهي مازالت تحظى بأكبر إحتياطي للنفط في العالم وأقوى إقتصاد عربي بلا منازع، وبالتالي فان حضور الملك سلمان للأردن قبل القمة تأكيد على العلاقة الثابتة والراسخة بين المملكتين وأن مصالحهما وخطواتهما المشتركة كانت ومازالت وستبقى باذن الله أقوى من كل التيارات والتحديات التي مرت بهما على مر السنين، كما أن حضور الملك سلمان للقمة يمنحها نقطة إيجابية كبيرة تحسب للقيادة الأردنية ربما تساهم في تعزيز مخرجات القمة والمساهمة في إنجاحها، إضافة لأن موقف الأردن الذي إتخذ من "الحياد الايجابي" موقفاً له من معظم الأحداث العربية سمح له أن يكون طرفاً مقبولاً لجميع الدول العربية الأعضاء في جامعة الدول العربية، ذلك أن الموقف الاردني لم يتراجع يوماً عن الوقوف إلى جانب الشعوب العربية والدفاع عن حقها في تقرير مصيرها ورفض الفوضى والارهاب والطائفية في أي بلد عربي في الوقت نفسه، ولعل هذا يكون سبباً إضافياً في خروج القمة بقرارات مؤثرة قابلة للتطبيق سريعاً لانتشال حال الأمة العربية من القاع التي تدهورت إليه.

ربما يتسائل القادة العرب المجتمعين بعد أيام عن ماذا نريد نحن الشعوب العربية، ما نريده ببساطة من القمة العربية أن يعلم جميع الزعماء العرب أن عيون وقلوب الشعوب العربية مازالت متجهة لهم كما في كل مرة، فبرغم خيبات الأمل من مخرجات معظم القمم العربية والتي كثيراً ما كانت بيان ختامي لم يتفق ولا حتى على صياغته أو بنوده بين جميع الدول العربية، وبرغم ذلك مازلنا نمني النفس خصوصاً بحضور معظم زعماء الأمة العربية وإجتماعهم في عمان العروبة التي طالما جمعت العرب وعملت على توحيد صفوفهم، لعل هذه القمة تنجح في الخروج بقرارات هامة فيما يختص بقضيتنا الأولى قضية أرض الأنبياء والسلام أرض فلسطين وشعبها الصامد الذي يعاني الظلم والاحتلال منذ حوالي 70 عاماً ومازال يجسد أروع معاني المحبة والاصرار والتحدي برغم كل شئ، والعراق الذي يعاني وسط الآلآم والاقتتال والتصعيد الطائفي منذ أكثر من 14 عاماً بعد أن كان منارة للبلاد العربية، ومعاناة الشعب السوري المستمرة منذ 6 سنوات والتي يمكن لأي زعيم عربي مازال لا يعلم عنها أن يرى شيئاً منها في دموع مدرب المنتخب السوري الوطني أيمن الحكيم قبل أيام وهو يهدي فوز منتخب بلاده على أوزبكستان في تصفيات كأس العالم لكل السوريين لعلنا ننجح في إعادة سوريا كما كانت ريحانة الأمة العربية وقلبها النابض.

واليمن الذي تتلاطمه أمواج الحروب والاقتتال وينتظر الساعة التي تعود فيها الشرعية والاستقرار لكل شبر فيه، وليبيا التي لم يعد يعرف لها هوية منذ سقوط نظام القذافي منذ أكثر من 6 سنوات للأسف، إضافة للتحديات الاقتصادية التي تمر بها كثير من البلدان العربية، ومشكلة اللاجئين التي تفاقمت مع إشتعال القتال والحروب في البلدان العربية، والتي تحمل الدولة المستضيفة للقمة العربية الحمل الأكبر منها برغم صغر مساحتها وقلة إمكانياتها، وكل هذا بجانب التحدي الأكبر "الارهاب" الذي يزداد ويتفاقم بيننا في بيئة يجدها خصبة وسط الفوضى والقتل والدمار والعنصرية والشحن الطائفي.

ما نريده ونتمناه حقيقة هو أن تتبنى القمة العربية شعار "كفانا دماءاً ودموعاً ومعاً لرسم بلادنا حرية وجمالاً من جديد"، لنبدأ في إستيعاب بعضنا البعض والعمل يداً بيد لبناء ما تم تدميره، وتعزيز مصالحنا المشتركة ومصيرنا المشترك، وقوتنا العربية المشتركة التي مازالت تنتظر رؤية النور للذوذ معاً وسوياً عن حدودنا العربية المشتركة، لعلنا نستطيع رسم الابتسامة على وجوه أجيالنا القادمة ونوجد الفرصة لهم بحياة كريمة راقية بكرامة وحرية وإستقرار وسعادة، وحتى لا تبقى هذه السطور هذيان لشباب عربي حالم !



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات