مصر و دورها الريادي بالمنطقة


ربما هذا ما لم تردها بعض القوى التي دعمت الربيع العربي بالمنطقة، ان يكون هنالك دول شرق اوسطية تستطيع فرض نفوذها بالمنطقة و ان يكون لها كلمتها المؤثرة، فها قمة عمان على الابواب سَتُعْقَدْ في التاسع و العشرين من هذا الشهر و سيحضرها رؤساء الدول العربية بمعجزة ما كانت لتبصر النور لولا قالت مصر كلمتها في ثورة 30 من يونيو و انهت حقبة سوادء من حياتها كادت ان تفتت وحدة الدولة و تجلب للمنطقة بأكملها ما لا يُحْمَدْ عقباه، فكثرة المشاكل قبل ثورة 30 من يونيو أثقلت كاهل الجيش المصري، حيث بانيهار الدولة سياسيا و انهيار و شلل شبه كلي لوزارة الداخلية و غياب أمني في القاهرة و بوجود كيان الإخوان السياسي الذي كان في تلاحم مستمر مع المعارضة في مصر و مليونيات متكررة كانت تخنق الإستقرار في الدولة قرر الجيش أحذ خطوة تَغْيِرْ الكيان السياسي في مصر في ثورة 30 من يونيو خوفا من انهيار كلي لكيان الدولة المصرية بأكمله...مما قد يجلب كارثة عدم استقرار لمنطقة الشرق الأوسط و القارة الإفريقية و أسيا (لا سمح الله)...فبإنهيار الدولة المصرية بجيشها الذي تصنفه الموسوعات السياسية بأنه بنفس قوة الجيش الإسرائيلي حاليا و إذا ما ادركنا انه بحالة التعبئة العامة يستطيع تجنيد جيش يبلغ قوامه و حجمه قوام و حجم جيش قوى دول العالم الأول...و بأنه جغرافيا تقع مصر كحلقة وصل بين افريقيا و اسيا و الشرق الاوسط و مساحتها مليون كليومتر مربع...سيتحقق لنا الميزان الإستراتيجي الذي تجلبه الدولة المصرية عسكريا و سياسيا و جغرافيا في المنطقة...

هذا المارد العربي المصري استطاع الحفاظ على كينونته بمعجزة نجاح ثورة 30 من يونيو...و استطاع التحليق من جديد بأجنجة سياسية و افتصادية و سيادية جديدة كانت وليدت كثرة المشاكل التي عاشها قبل ثورة 30 من يونيو...فالضربة التي لا تكسر تُقَوِيْ و هذا ما حصل مع هذه الدولة التي تحاول جاهدةً في هذه الأيام طي صفحة ماضي فُرِضَ عليها من قوى كان لها مصلحة بتسليمها ككيان الى الفوضى و الدمار...اما الآم فإنها تبصر النور أكثر فأكثر برؤيا جديدة و استراتيجية داخلية و خارجية جديدة...و للذي مازال يرى أوضاع اقتصادية متردية أقول...أصبر...فمصر ستستقر اقتصاديا أكثر في المستقبل. و ستتحسن الأحوال بصورة جذرية فبالأمس فقط نهضت من الكارثة...انها كالبراعم التي تكبر و سرعان ما ستتفتح اوراقها فشمس الإستقرار تنعش فؤادها رويدا رويدا، ليس من كائن يكبر بثلاثة سنين فالنضوج يأتي مع مرور السنين و ليس من شجرة تكبر بين ليلة و ضحاها فللذي ينتظر أكل الثمر يجب أن ينتظر نضوج الشجرة لتصبح قادرة على العطاء...

و نحن على مشارف قمة عمان ستمارس مصر دورها الهام و الدسم مجددا في جامعة الدول العربية و في هذه القمة الحيوية و الكبيرة، ففرحة اقامة هذه القمة في الاردن بلد الضيافة و الأصالة العربية ستضاف الى فرحة وجود مصر في هذه القمة...و ربما هذا ما لم يرده من اوقع مصر تحت ثقل المليونيات و الصراعات قبل ثورة 30 من يونيو...بأن يكون لمصر دورها المعاصر كدولة عربية استراتيجيا و سياسيا، فالمراهنة كانت ايضا على الاردن مع كل أسف ان تتفتت لحمتها كدولة وسط هذا الأتون الملتهب من المشاكل و لكن استطاعت الأردن تحت القيادة الهاشمية الحكيمة تحمل اعباء استقبال اللاجئين من سوريا و ليبيا و العراق سالفا و استطاعت تحدي الاوضاع الأقتصادية بفضل توجيهات الملك عبدالله الثاني الحكيمة، و بإنجاز اردني أثبت لأعداء امتنا بأننا أصحاب القرار في دولتنا الأردنية، و ها مصر أثبتت نفس الكلام بفضل جهودها الحثيثة بإنعاش مؤسسات دولتها، و أكرر بأن هذا ما لم يرده من صمم الربيع العربي...بأن يكون لأردن و لمصر و كينونة الدولة العربية المدنية خصوصا كلمتها الإقليمية بالشأن العربي و قضاياه المعاصرة...بأن لا يكون للمنطقة العربية كينونتها المستقلة و بأن نبقى في دوامة مشاكل غير قادرة على مقاومة الأمواج العاتية...لتتفتت دولنا الى اقاليم صراع لن نستطيع الخروج منها إطلاقا...

مصر سيكون لها كلمتها في هذه القمة، و الاردن لها رؤيتها في حل الصراع الليبي و اليمني و السوري و العراقي ايضا...و أظن أن هذه الرؤى ستضع هذه القمة في موقع أخذ قرارات مصيرية ستحدد مصير المنطقة العربية بصورة جذرية...فحركة الإرهاب يجب ان تبتر عسكريا و الإستقرار يجب ان يعود لمناطق النزاع في الدول التي تشهد الحروب لأن البؤر الإرهابية كلها تتخذ منها اوكار لها، و النهوض بالإقتصاد الذي يتآكل تحت وطأت الصراعات اهمية كبرى في العالم العربي فمصر و الأردن و دول الخليج دفعت ثمن كبيرا منذ بدء أحداث الربيع العربي و خسر اقتصادنا القومي الكثير...ستتمثل الدول سياسيا بقادتها و ممثليها و لكن الآمال تعمر بأتفاق الرؤيا للنهوض بالمنطقة من دوامات المشاكل التي عصفت بنا فبالإتحاد تكمن النهضة اللازمة لإنهاء الحروب و اعادت قواعد السلام من جديد...ألا يكفي بأننا كنا على وشك الدخول بحرب عالمية ثالثة بسبب تضارب الرؤى و المصالح في المنطقة منذ بضعة أشهر؟ قمة عمان ستحاول وضع الحلول السياسية و التخفيف من تداعيات تضارب الرؤى و المصالح بين القوى الكبرى بالمنطقة فعل هذه القمة السعي الدؤوب لوضع الآليات التي ستفرض الحلول ايضا لا أن تطرحها فقط...فمع جنييف 5 هنالك الكثير الذي يمكننا صنعه لحل القضية السورية...فالمشكلة لم تبقى بمن سيحكم سوريا...المشكلة بكيف سنعيد ايضا تشكيل كيانات سياسية و دولة في سوريا و العراق و اليمن و ليبيا...كيف سنعزز الوفاق الوطني بهذه البلدان لفرض هيبة و سيادة الدولة من جديد..كيف سنبني هذه الدول مجددا و السيطرة على تجارة السلاح الغير قانونية بالمنطقة؟ و هنالك خطر المجاعات التي تجتاح عدة بلدان تشهد الحروب فآخر الأخبار عن اليمن تفيد بأن ثلثي سكانه و محافظاته مهددين بمجاعة كبرى بسب عدم الإستقرار بتدفق المواد الغذائية؟!

اكرر بأنني اعقد الأمل ان تصل هذه القمة الى ذروتها في فرض الحلول لا بطرحها ايضا...إنها قمة مصيرية آمل ان تضع احجار الاساس لإستعادة كينونة الدولة العربية من جديد...سياسيا و اقتصاديا و استراتيجيا...فإن لم تصل الى رؤيا محددة و حلول جذرية لهذه المشاكل...قد يحدث الذي لا يحمد عقباه...و قد نفقد دول كثيرة بالمنطقة و قد تستبدل الدول المدنية الحالية باقاليم صراع عبثية قد تهدد الإستقرار الإقليمي بالمنطقة...و قد تهدد ديمومة عروبتنا اقليميا بالمنطقة...



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات