تطويق المشاجرات الجماعية


يواجه ضباط وكوادر الأمن العام والدرك مشكلة حساسة عندما يخططون للتعامل مع واجبات ضبط الأمن وحماية الممتلكات والأرواح اثناء المشاجرات الاجتماعية . هذه المعضلة تتمثل في تحقيق التوازن ما بين ضرورة حماية المواطنين الأبرياء وممتلكاتهم وكذلك الممتلكات العامة وهذا ما يتطلب استخدام القوة المسلحة أحيانا وما بين ضرورة عدم الدخول في مواجهة مع الجموع الغاضبة حتى لا يتحول الأمن العام إلى طرف جديد في المواجهة.

ضبط القانون وحماية الممتلكات عملية ليست سهلة أبدا وهي أحيانا تتطلب استخدام حد من القوة التي تمنع الجموع الغاضبة من الإعتداء على الأبرياء ومنع النشاط اليومي الإعتيادي ولكن في نفس الوقت من المهم عدم التسبب بإصابات جسيمة لدى المشاركين في المشاجرات ، وما يزيد الأمور صعوبة أن المشاجرات التي عادة ما تبدأ بمشكلة بين شخصين أو بضعة اشخاص تتحول إلى مواجهة جماعية يشارك فيها الكثير .

في نفس الوقت فإن مجرد حدوث خطأ واحد يؤدي إلى تعرض أحد المشاركين في التحركات الغاضبة إلى ضرب أو إصابات جسيمة فإن ذلك يجعل الأمن العام طرفا في المشكلة وهذا آخر ما يحتاجه الأمن العام للقيام بضبط الأمور. في مجتمع مثل الأردن من الصعب حصر القضية ما بين شخصين ، بل تصبح العائلات كاملة وحتى الأمن العام كمؤسسة طرفا مثل ما حدث قبل اشهر في عمان حيث تم الإعتداء على ممتلكات الأمن العام بعد أن تدخل الأمن لتنفيذ أمر قضائي مما أدى إلى وفاة أحد المواطنين.

الأمن العام مؤسسة وطنية واجبها حماية الناس والممتلكات العامة والخاصة ، وفي حال قيام مجموعات من المواطنين بالخروج على القانون والدخول في إشتباكات تؤدي إلى الإضرار بمصالح الناس فإن دور الأمن العام اساسي في ضبط النظام حتى لو أدى ذلك إلى إصابات محدودة بين المشاركين في الإشتباكات. هذه ليست ممارسات تعبير عن الرأي ولا إعتصامات سلمية للمطالبة بحقوق دستورية ولا مسيرات ذات طابع سياسي .

دور الأمن العام في حل المشاجرات أساسي ولكنه ليس كافيا لوحده لأن المساهمة الأهم قد تكون لوجهاء المناطق والشخصيات العشائرية والسياسية ذات الثقل الاجتماعي والتي تتمتع بالمصداقية والقبول الاجتماعي لدى الأطراف المعنية وهذا الدور كان واضحا بشكل كبير في الأحداث المؤسفة الأخيرة في السلط والتي تم تطويقها بطريقة ممتازة بالتعاون ما بين وزارة الداخلية والأمن العام والشخصيات الاجتماعية ووجهاء السلط وعيرا بالرغم من طغيان المشاعر الغاضبة وردود الأفعال في الساعات الأولى. إن الحرص على إستدامة هذا التنسيق الأمني الاجتماعي السياسي هو الكفيل بتطويق المشاجرات إلى أن نتمكن من الوصول إلى حالة من الوعي التي تمنع حدوثها من الأساس وتترك للقانون المدني السلطة الكاملة للتعامل مع الجرائم.

batirw@yahoo.com

 الدستور



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات