الى متى يا دولة الرئيس


لا يمضي يوم إلا ونسمع من أحد أركان الحكومة عن نيتها ضبط النفقات ومحاربة التجاوزات المالية والإدارية ، وللانصاف بدأنا نسمع بين الفينة والأخرى بعض الإجراءات في هذا الاتجاه.

أتطرق في هذا المقال الى أحد دوائر الدولة التي لم تصلها هذه الإجراءات ألا وهي دائرة الأرصاد الجوية.
فمنذ أن تسلمت الإدارة الحالية مهام أعمالها والتخبط وسوء التخطيط سيد الموقف. أقول هذا وانا كنت أحد موظفيها القدامى، ولا زلت متابعا لما يجري والحرقة في نفسي عما يجري.

فمن الناحية الإدارية ورغم وجود لجنة للتخطيط فإن القرارات تتخذ بشكل فردي ومزاجي في أحيان كثيرة، فعلا سبيل المثال فقد خسرت الدائرة خيرة كفأتها من الفنيين المتخصصين التي تقف عاجزة عن تعويض ما فقدته بسبب التقاعدات الجائرة التي لا يمكن ان تفسر الا لتنفيع شخص على حساب اخر، أو نتيجة للاستقالة للعمل خارج الدائرة داخل البلاد أو خارجها بحثا عن ظروف مالية أو نفسية أفضل.

ومن الأمثلة الأخرى على القرارات الإدارية ما يتم في الدورات الخارجية والداخلية حيث يتم إنتقاء اشخاص غير مؤهلين أو غير متخصصين في مجال الدورة او ورشة العمل بهدف التنفيع في أحيانا عديدة، فتضيع الفائدة المرجوة من الدورة التي يمكن أن تعود على الدائرة. أما التنفيعات المالية التي تتم في بند المكافأت فحدث ولا حرج ، وللمهتم بهذه الأمور يمكنه الاطلاع على قرارات لجنة المكافأت التي لا يمكن أن تمر دون مباركة المدير العام. ولا يمكن القفز عن المخالفات الإدارية دون المرور على الترفيعات، فالقول الفصل والأخير هو لتقدير المدير العام، بينما تقدير رئيس القسم او مدير المديرية فهو بلا قيمة، وهنا يتم اللعب بالترفيعات بحيث يتقدم موظف على اخر بعيدا عن العدالة.

من الناحية الفنية فالامور لا تقل فداحة عن الأمور الإدارية ، فخلال الثلاث سنوات الماضية تورطت الدائرة وإنجرت وراء أوهام لم ينتج عنها سوى الخسارة في الجهد والمال، وخير مثال على ذلك ما إنشغلت به الدائرة خلال السنتين الماضيتين بمشروع الاستمطار الذي ثبت فشله عندنا سابقا ، وفشل في دول محيطة بنا وفي دول كثيرة حول العالم. والاهم في هذا المضمار هو توصية منظمة الأرصاد الجوية العالمية السلبية حول مشاريع الاستمطار ، ومع ذلك ركبت الإدارة رأسها ولا زالت تنفذ هذا المشروع الفاشل الذي كبد ويكبد الخزينة العامة الاف الدنانير دون الحصول على نتيجة إيجابية في الموسم الحالي والموسم الذي سبقه، فأرقام الهطول المطري وكمية المياه المتجمعة في السدود في هذا العام والعام الذي سبقه تؤيد ما ذهبنا اليه أن الاستمطار لا يزيد من الهطول المطري على ارض الواقع، والمؤسف أن تستمر حكومتنا بتقديم الدعم المالي دون أن يكون عندها ادنى خلفية عن تقنيات الاستمطار وإكتفت برأي واحد ، ولم تكلف نفسها الاخذ برأي متخصصين في هذا المجال عملوا في هذا المشروع سابقا .

أما المثال الاخر على الانجرار وراء الأوهام، فهو قضية الاتمتة. فمن المعلوم أن الدائرة تمتلك 28 محطة سطحية لقياس عناصر الطقس المختلفة على مدار الساعة، وتدار هذه المحطات بأيدي راصدين جويين مدربين للقيام بهذه الاعمال. إن الاتمتة في مجال قياس عناصر الطقس كاملة بواسطة محطات اتوماتيكية غير ممكن لغاية هذه التاريخ بسبب عدم توفر مجسات آلية لقياس بعض عناصر الطقس الضرورية للنشرة الجوية، لذلك فإنه من المحال الاستعاضة عن العنصر البشري بإحلاله بالمحطات الالية، فحكومتنا الرشيدة تحملت خزينتها قرضا بقيمة 1.75 مليون دينار اردني من الحكومة اليابانية لغرض تزويد الدائرة بأجهزة آلية أغلبها محطات اتوماتيكية لن تؤدي الغرض المطلوب منها. وللتدليل على صحة قصور المحطات الاتوماتيكية في أداء العمل بشكل كامل، حبذا لو تم القاء نظرة على المحطات الالية العاملة حاليا المتواجدة في أماكن مختلفة من البلاد لرؤية الحالة التي يرثى لها لتلك المحطات، حيث القراءات الخاطئة أحيانا والتعطل المتكرر نتيجة ضعف الصيانة الدورية، ويمكن التأكد من ذلك بالدخول الى موقع الدائرة على شبكة الانترنت تحت بند الرصدات الجوية.

لقد اهملت الإدارة الحالية جانب الرصد الكلاسيكي أي الرصد الجوي اليدوي اهمالا شديدا متوهمة ان الرصد الالي سيؤدي الغرض المطلوب. وبدأت نتائج هذا الإهمال بالظهور حيث بدأنا نسمع عن اغلاق بعض محطات الرصد الجوي، واحلالها بمحطات آلية لن تقوم مقام الراصد الجوي، كما ان الإدارة الحالية عجزت عن تعويض النقص الشديد في اعداد الراصدين الجويين الذين يديرون المحطات اليدوية ال 28 محطة.

إن الرصد الجوي هم الأساس في كافة العمليات الجوية، والرصد الجوي الجيد يؤدي الى التنبؤ الجيد، إضافة الى ذلك فإن الرصد الجوي الجيد يوفر معلومات جوية موثوق بها لكافة الدراسات التطبيقية، فمن غير المقبول عدم إيلاء هذا الجانب الرعاية والاهتمام الكافيين.

إن ما عرضته آنفا من تخبط وسوء تخطيط في الشأنين الإداري والفني ما كان ليحدث لو توفرت ادنى درجات الرقابة والمحاسبة ومخافة الله، فالقاعدة التي تقول أن الفساد الإداري أشد فتكا من الفساد المالي صحيحة بالمطلق، فإلى متى يا دولة الرئيس يتم السكوت عن هذه الممارسات التي لم ولن تجلب إلا الخسارة ثم الخسارة لمقدرات البلد



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات