يَاْ مَوُلَايَ :وَاْغَوْثَاه ،هَلَكَ الْشَعْبُ


سَيِّدي وَمَولَايَ"جَلَالةَ المَلكِ عَبدِ اللهِ الثانِي - حَفظَهُ اللهُ وَرَعَاهُ ،وسدَّدّ على طَرِيقِ الخَيْرِ والعِزِّ خُطَاهُ.
سَلامٌ عَليْكَ في العَالَمِين ، فَإنِّي أحْمَدُ إليكَ اللهَ الذِي لَا إلهَ إلَّا هو .
أمَّا بَعْدُ :
فإنَّ اللهَ - عزَّ وَجلِّ - ابتلاكَ بمَا ابتلاكَ بِهِ مَنْ أمرِ هَذِه الأمَّة ، قَدَرٌ مِنْهُ قَدرَّهُ علَيكَ . فأسألُ الذي ابتلاكَ أنْ يُعِينَكِ على مَا وَلَّاك مِنْ عِبَادِه وبِلادِه ،وَأنْ يَرزًقَك فِيهِمْ العَمَلَ بِطَاعَتِهِ ، وأنْ يَرْزُقَهم مِنْكَ الرَّحْمَةَ والرأَفَةَ ،ويَرْزُقَكَ مِنْهُمْ السمعَ والطاعةَ وحُسْنَ المؤازرة .
سيِّدي ومَولايَ : إنَّ على بابِكَ نِيرانًا تتأجَّجُ مِنَ الجُورِ،فأطفِئْهَا يا مولاي بِماءِ حِكْمَتِكَ ،قَبلَ أنْ تَضْطَرِمَ وتصبحَ حَريقًا ، يَلْتَهِمُ الأخضرَ واليابسَ ، ومَرَدُّ ذلك ،ضَعفُ السِّياسَاتِ الحُكوميَّةِ وتخبُّطِها، فلا زِلْنا نَعِيشُ إلى اليومِ ،نَفسَ المَناخِ الذي لا يَحملُ في طيَّاتِهِ أيةَ عَواملَ لِلتَغِييرِ ،والذي يُفيدُ أنَّ الحالةَ التي يمرُّ بها بلدُنا الحَبيبُ في الوقتِ الرَّاهنِ حاَلةٌ غيرُ صحيِّةٍ بالكاملِ .
لا يُجَادِلُ أحدٌ في أنَّ الحُكوماتِ المُتعاقبةِ ، قد تقاعَستْ عن أداءِ وَاجبِها ، وفقدتْ مُعظمَ هَيْبَتِهَا في النفوسِ ،بسبب العجزِ الناتجِ عن عَدمِ تحديدِ المسؤوليةِ والاضطلاعِ بها كاملة غير منقوصة ،وعجز جهازها الإداريِّ المُضطَّرب مِنْ أنْ ينهضَ بحاجاتِ الشعبِ ،أو أنْ يؤدِّيَ للناسِ عملاً .
سيدي ومولاي:
إنّ مُعَالجَةَ الوَضْعِ الاقتِصَادِيَّ والمَالِيَّ المُتَرَدِّي فِي بَلدِنَا ،.،ومُكُافَحَةِ الفَسادِ بِشَتَّى صُورِهِ وأشكالِه ، والقضاءِ على البِطالَةِ والغلاءِ والفقرِ والتسيبِ الوظيفيِّ ،الذِي يُعْتَبَرُ ثمرةَ السِياساتِ الرَّسْمِيَّةِ للحُكوماتِ المُتعَاقبَةِ ،والتِي جرَّتْ البِلادَ إلى اخطرِ أزْمَةٍ ماليَّةٍ واقتصَادِيَّةٍ مُنذُ نِهايَة ثمانينات القرن الماضي ،لا يتحققُ برفعِ الأسعارِ وتَحَمُّلِ المُواطنِ المزيدَ مِنَ المُعَانَاةِ.
فإصلاحُ أوضاعِ البِلادِ المُتَرَدِّيةِ ليستْ مسئوليةُ الشَّعبِ ،بأنْ يُفرضَ عليهِ المزيدُ مِنَ الأعباءِ مِنْ ضرائِبَ و زيادةٍ فِي الأسعارِ ،وإنَّما مَسئوليةُ الدَّوْلَةِ التِي مِنَ المُفتَرَضِ أنْ تضعَ سياساتٍ اقتصاديَّةٍ وتنمويَّةٍ مسؤولةٍ ،لمعالجةِ الضائِقةِ المَالِيَّةِ ،لا سِياساتٍ عَشوائِيةٍ مُتخَبِطةٍ.
مولاي:هلْ إصلاحُ أوضاعِ البِلادِ الاقتصادِيَّةِ المُترديةِ ،يكونُ بالتغولِ علَى جيب المُواطنِ لطمأنةِ المؤسساتِ الإقليمية والدوليَّةِ المَانِحةِ أو لسد العجز ؟وهلْ المِصْداقيّةُ والأمانةُ والقَسَمُ الذِي تَعهدْوا بِهِ أمامَك يَقتضِي التَعَدِّي علَى لُقمَةِ عَيشِ المُواطِنِ ونورِهِ وشَرْبَةَ مَائِهِ ،وهلْ هوَ مِنْ الَواجباتِ المَوكُولَةِ إليهم بأمانة وإخلاص ؟ إذا كانَ جَوابُهم نَعَمْ ، ألَا يكونُ ذلِكَ افتئاتٌ وتحدٍ صارخُ لتوجيهاتِك فِي التخفيفِ مِنْ مُعاناةِ المُواطنِ ؟.
سَيِّدي وَمَوْلَايَ : إذا كانَتْ قدْ مَرَّتْ علينا أيامٌ كانَ فِيها الصَّمتُ هوَ المَوْقفُ الوحيدُ الأبيُّ والشجاعُ ، فالصَّمتُ الآنَ ذَنبٌ كبيرٌ ،لأننا نخوضُ مَعركةَ مَصيرٍ ضِدَّ كُلِّ قُوى الظلامِ ،بما تملِكهُ منْ ضَراوةٍ وشَراسَةٍ وهمجيِّةٍ ،والتي جَثَمَتْ على صُدورِنا كالكابوسِ ،وتَسللتْ إلى مَواقِعِ السُّلطة ،وأفسدَت علينا حياتنا.
إنَّ الذي يتفطَّرُ له القلبُ حقًا يا مولاي أنَّ "الشخصيِّة الأردنيِّة" لم يَعُدْ لها معالمٌ ،أو ملامحٌ تميِّزها ، أو تُشخِّصُها بفضْلِ هذهِ القُوى الظلامِيِّة ،لقد دُمِّرت الشخصيةُ الأردنيةُ ومُحِيَت معالمها ،بحيثُ لم يبقَ لها أيُّ مَزِيَّةٍ تعرف بها .
سيِّدي ومولاي: شعبُك الأردنيُّ يعيشُ كابوسًا مُرعبًا ،ينزِلُ عليه كلَّ يومٍ وهو القهر ونفوذُه مِنَ الجلدِ إلى الَّلحمِ والعظْمِ ،فشعبُكَ يَجوعُ يا سيِّدي : والحيتانُ والهواميرُ يشكونَ زحمةَ التخمةِ ، ولا يشْبِعونَ أبدًا ، هُمُ كجنَّهم كُلَّما قِيِلَ لها : هَلْ امتلأتِ فتقولَ : هلْ منْ مَزيد ؟.
فليسَ واردٌ في مَنْطِقِ العَقلِ والنقلِ ، أنْ تظلَّ ثلَّةٌ من اللصوصِ والحراميِّةِ تصولُ وتجولُ ، تمارسُ التخريبَ والتدميرَ لمقدراتِ الوطنِ ،والحكومة تعيشُ صمتَ القبورِ ،الذي مِنَ المفروضِ أنَّها حكومةٌ ذاتُ نهجٍ إصلاحيٍّ ،وأنَّها حققت كما تدعِي بعضَ الانجازاتِ في سبيلِ القضاءِ على الفسادِ من دونِ أنْ نرى واحدًا قدْ صَدرَ بحقِّه حكمًا ،مِمَن نهبَ خيراتِ الوطنِ ،وحَوَّل المُواطنَ إلى شَحَّاذٍ على أبْوَابِ المَساجِدِ والإِشاراتِ الضَوْئِيةِ .
لقد سبق وقلت يا مولاي للمسئولين بالحَرْفِ الواحد: ( الشَّعبُ تعبَ من الوعودِ، وتعبَ مِنَ الحديثِ عنِ الفَسادِ، ولمْ نرَ فاسِداً واحداً وراءَ القُضبانِ ، وخاطبتَهم قائلاً :لا غِطاءَ لفاسِدٍ مهما كانَ ومين ما كان، وقلتَ : العدلُ هو أساسُ الحكمِ ،وخاطبتَ رئيسَ الحكومةِ ،ورئيسا مَجلِسِ الأعيانِ والنوَّابِ آنذاك: يجبُ وضعُ التشريعاتِ لجعلِ الفاسدِ يكونُ بين يديّ القضاءِ ،وعدمِ المماطلةِ بتحويلِ مَنْ تثبتْ عليهِ تهمةُ الفسادِ ما بينَ مكافحةِ الفسادِ، ومجلسِ النوَّاِب، والحكومةِ) ولكنَّهم وِضَعُوا في أُذنٍ طِينًا ، والأخرى عَجِينًا ، حتى كأنَّهم لمْ يسْمَعُوا شيَئًا كأنَّ في آذانِهمْ وَقْرَا ، فَلَم تُنَفَّذْ أوامِرَكَ يا مَوْلايَ لِلآن.
أَدعو اللهَ جلَّ وَعلى أنْ يحفظَكُم ذخرًا ، وسندًا لشعبِكم ، وأمَّتِكم ، وأنْ يكتبَ لمسيرةَ الوطنِ مزيدًا من المنَعَةِ ، والازدهار والخير.



تعليقات القراء

ابو دحام الجبلي
ولا عند قريش خبر .لا تتعب حالك ولا تبح صوتك .
11-02-2017 08:09 AM
ابو سند
يا زعبي اطلب العون من الله وليس من عبيده .لو كان الناس شجعان ولا يخافون الا الواحد الاحد لما حدث لهم ذلك .
14-02-2017 09:27 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات