المقاطعة .. سلاح المواطن الأخير


من المعلوم بالضرورة لدى الجميع اليوم أن المواطن قد أصبح بين سندان الضرائب المرتفعة التي تتزايد كل يوم في ظل حكومات ذات سياسات إقتصادية فاشلة مع ثبات الرواتب، وبين مطرقة التجار الجشعين الذي يسعون الى جني المكاسب والأرباح ولو تطلب ذلك وضع ضمائرهم في خزانات الأموال الى جانب ملايينهم المتراكمة.

وفي ظل هذه "الحرب البينية" المعلنة على المواطن المهدد في قوته وغذاء يومه يجد نفسه وحيداً، خصوصاً بعد أن وقف النواب - وهم الأمل الأخير في التشريع والرقابة على الأعمال والتصرفات الحكومية - الى جانب الحكومة في إيجاد مصادر جديدة لتحصيل الأموال من جيب المواطن.

والمضحك المبكي الذي زاد هم المواطن في الآونة الأخيرة إقدام بعض التجار على رفع أسعار مادتي بيض المائدة والبطاطا اللتان تعتبران من المكونات الأساسية لمائدة المواطن الأردني، والقادم من الأيام سيكشف عن إقدام نفس الفئة على رفع أسعار مواد أخرى قد تكون أكثر أساسية في مائدة المواطن مثل البندورة أو الخبز أو حتى زيت الزيتون والملح.

والآن دعوني أطرح السؤال التالي: هل من المعقول أن يصل سعر كيلو البطاطا الى دينار ونصف أو ديناران؟ كم تبلغ سعر تكلفة كيلو البطاطا؟ أضف الى ذلك أرباح المزارع الذي لا يطوله من إرتفاع الأسعار أي شئ، ثم أضف أرباح تجار الجملة (وهم سبب البلاء كله) ثم أضف أرباح تجار التجزئة الذي يكسبون الفتات عادةً.

أما بيض المائدة فحدث ولا حرج، فتجاوز سعر طبق البيض أربعة دنانير في سابقة هي الأولى من نوعها، بل يعمد تجار الجملة الى إخفاء السلع من الأسواق تحضيراً لرفع الأسعار ومضاعفة الأرباح، بل ويتحينون الأوقات المناسبة لذلك مثل أوقات صرف الرواتب في نهاية الشهر من أجل ضمان سيولة في جيب المواطن المسكين لنزعها منه قبل إناقها على الفواتير، أو في ظل ترقب منخفض جوي لضمان تهافت المواطن على شراء بضائعهم بالأسعار الخيالية.

وفي ظل هذه المعمعة كلها يبقى لدى المواطن حلان لهذه المشكلة فقط:
الحل الأول:
ويتمثل هذا الحل بقيام الحكومة بإستخدام سياسات تدعو الى منع الإحتكار وإرتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه، وذلك من خلال وضع ضوابط للأسعار وهوامش ربح للمزارعين والتجار، وإعادة تفعيل وزارة التموين أو مؤسسة حماية المستهلك، بالإضافة الى فتح أبواب الإستيراد من الخارج في حال نقص البضائع المعروضة ذات الإنتاج المحلي، ولكم المثال التالي: في قطر؛ يتم إستيراد أغلب البضائع والمواد الغذائية من عدة مصادر في ظل محدودية الإنتاج الداخلي، وبالتالي يلاحظ المواطن والمقيم ثبات الأسعار على مدار العام، فسعر كيلو البطاطا لا يتعدى 4 ريال طوال العام، وسعر طبق البيض بحدود 15 ريال، والبرتقال يتراوح بين 1.5 و 5 ريال طوال العام، وهي أسعار منافسة لأسعار نفس السلع في الأردن مع الفرق الكبير في الدخل بين البلدين.

ولكن للأسف؛ لقد أثبتت التجارب المختلفة مع الحكومات المتعاقبة فشل هذا الحل، وذلك بسبب التغلغل الكبير لتجار الجملة و"الحيتان" في مناصب الدولة المختلفة، فكم من نائب لا يسعى إلا لمصلحته الشخصية، وكم من مسؤول لا يلتفت إلا من أجل جني المزيد من الأرباح، وكم هو عدد معدومي الضمير الذين يستغلون الكرسي والمنصب من أجل تحقيق الأرباح، وبالتالي لم يعد يملك المواطن إلا الحل الثاني.

الحل الثاني:
المقاطعة؛ هي الرصاصة الوحيدة التي يملكها المواطن في سلاحه، وبها يستطيع أن يقتل كل من تسول له نفسه العبث بالأمن الغذائي للمواطن الأردني، وبها يستطيع أن يقول "لا" لجميع أشكال الجشع والطمع، وبها يقول للتاجر الجشع: لتتعفن البضائع في مخازنك وتنتهي صلاحيتها في ثلاجاتك، او لتكون الأسعار كما أريد.

إن قانون "العرض والطلب" هو سلاح بحد ذاته، يستطيع المواطن من خلاله التحكم بأسعار المواد الغذائية بكل بساطة، ولا ينقصنا في هذا الصدد إلا من يوحدنا من أجل أن نتفق على المادة التي سنقاطعها وأوقات المقاطعة، وبالتالي يدرك التجار أن السلاح الذي بيد المواطن قد أصبح فعالاً ولن يتطاولوا عليه بعد اليوم.

وبحمد الله ما زال في أبناء الوطن غيورين عليه وعلى إخوانهم الفقراء الذين لا يستطيعون شراء المواد بأسعارها الخيالية وفي نفس الوقت تحسبهم أغنياء من التعفف ولا يسألون الناس إلحافاً، فقاموا بإستغلال وسائل التواصل الحديثة من أجل انشاء منصة نحارب من خلالها جشع التجار، ودرع نقي به أنفسنها من سهام طمعهم المتزايد.

لا تتخلف عن الركب، وإلتحق بإخوانك، وفعل سلاح المقاطعة لديك، لا تشتري السلعة مرتفعة الثمن، لأنك لو كنت قادراً على شراءها اليوم فلن تستطيع فعل ذلك غداً.

وتذكر إخواناً لك لا يقدرون على الشراء، فقاطع من أجلهم وأنشر الوعي بين من هم حولك من أجل تعميم الفكرة وإيصالها الى بيت كل أردني، وليكن شعارك لكل تاجر جشع: "لن تستغلني بعد اليوم، وسأقضي على جشعك بثقافة المقاطعة".



تعليقات القراء

السوسنة⚘
ليش الحكومة ماتحاسب الي برفعوا الاسعار
ليش ماتحمي المواطن
هاد دورها
25-01-2017 03:53 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات