إحياء النكبة


"وعزّتي وجلالي لأنتقمنّ من الظالم في آجله وعاجله ، ولأنتقمن ممن رأى مظلوماً فقدر أن ينصره فلم يفعل".

حديث قدسي

تساءلت: هل من حدّ للظلم؟ فأقسى الظالمين يترك أهل الضحية ليبكوها ويندبوها ، إلاّ ظالمونا فلا حدّ لظلمهم ، والضحايا منّا لا بواكيَ لهم، قبل أيّام صادقَت الهيئة العامّة للكنيست الإسرائيلي على قانون يمنع إقامة أيّة مراسم حزينة يوم النكبة كما نسميه نحن والذي يسميه الصهاينة يوم الاستقلال ، وتصل عقوبة المخالفين إلى السجن ثلاث سنوات.

لا شك أن مثل هذا القانون يهدف إلى كبت المشاعر وإسكات الضحيّة ، ويحاول محو الذاكرة الفلسطينية والعربية ويطمس حق الشعب الفلسطيني في العودة إلى أوطانهم التي شرّدوا منها ، ويخلي الاحتلال الصهيوني من مسؤوليّته التاريخية والسياسية والقانونية وحتى الأخلاقية عن ذبح شعب وطرده من وطنه.

إذا كان الصهاينة يعتقدون بأن مثل هذا القانون سينسينا مجازر باب العامود وبلد الشيخ ودير ياسين وقالوينا واللجون ومئات المجازر الأخرى التي ارتكبوها في حق الشعب الأعزل فهم مخطئون وليقرأوا التاريخ مرة أخرى ، فبعد مرور اثنين وستّين عاماً على احتلال فلسطين ورغم معاهدات السلام والاتفاقيات وحالة الضعف والوهن العربيّ ، إلا أن الصهاينة يعرفون أنّهم ما زالوا بالنسبة لنا كائناً سرطانياً دخيلاً ، وأننا ما زلنا نرفضهم وننظر لهم كأعداء غاشمين ، وأنّ الفلسطينيين ما زالوا يحتفظون بمفاتيح منازلهم ، وما زالوا متأكّدين ، مهما طال الزّمن ، أنّهم يوماً ما سيزرعون أشجارهم الّتي قطعها الصّهاينة وسيبنون قراهم التي مُحيت وسيدخلون المسجد الأقصى "كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةْ وَلًيُتَبًّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبًيرًا".

ويا لسخرية القدر ، ففي مقابل هذا القانون العنصري فإننا نرى أنّ كلّ من ينكر فكرة الهولوكوست وتعرّض اليهود للتنكيل والاضطهاد خلال الحقبة النازيّة يعرّض نفسه بموجب قوانين معظم أوروبا وأمريكا الشّمالية للسّجن والغرامات ، فهذا أمر لا يجوز مناقشته والتشكيك فيه ، وعلى سبيل المثال عندما قدم العالم الفرنسي المعروف "وبيرفوريسون" دليلاً علمياً على طعنه في الهولوكوست خسر كرسيه في الجامعة ، وتعرّض لضرب مبرح ، وحكمت عليه المحاكم الفرنسية بغرامات مالية عالية أدّت إلى إفلاسه.

 

إزاء هذا القانون العنصري من المفروض أن تتحرّك البرلمانات العربية فتصدر قوانين تجعل يوم الخامس عشر من أيّار مناسبة وطنيّة حزينة تنكّس فيها الأعلام في جميع أرجاء وطننا العربي ، تتذاكرها المؤسسات الحكومية والمدنية وتتناولها وسائل الإعلام المختلفة ، وتلزم المدارس والجامعات بإفراد مساقات لتدريس هذه الذكرى الحزينة واستخلاص الدروس والعبر ، لعلنا نساهم في بناء جيل التحرير بعد أن خذلنا فلسطين ، فسبحانه وتعالى يقول "يُخْرًجُ الْحَيَّ مًنَ الْمَيًّتً".

ورغم هذا الظلم الشديد ما زالت العلاقة المبنية مع جزارنا كما أنشد الشاعر البدوي: تقبّلون يد الطّاغي مفاخرة.

كأنكم قد بلغتم ذروة الشرف

إن الذليل يعد الصفع تجشمة

والضرب بالنعل تربيتاً على الكتفً

الدستور

 




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات