نقد فني و خواطر عن فلم بون سواريه


فلم من انتاج شركة السبكي للانتاج السينمائي لعام 2010 ، و هو من بطولة (مع حفظ الالقاب) غادة عبدالرازق و نهلة زكي و مي كساب و طلعت زكريا و حسن حسني. و هو من فئة الافلام الكوميدية الاجتماعية حيث يعالج قضية ثلاثة فتيات و كفاحهن لاستثمار نادي ليلي في القاهرة لكي يؤمنوا قوتهم من دخله القوي. فبعد وفاة والدهم و اكتشافهم حقيقة وضعه المالي الحرج كمستثمر و حقيقة افلاس شركته تكتشف ايضا الفتيات بأنهم في مأزق كبير يهددهم بخسارة الفيلا التي تأويهم. و في خضم هذه الاحداث المثيرة يطرق بابهم رجل اجنبي مقيم في القاهرة ليخبرهم بأنه ينوي اعادة دين قديم عليه لوالدهم. فيتنازل عن ملكية نادي ليلي لهم كسداد لهذا الدين الكبير.

هذا الفلم هو من فئة الكوميديا الاجتماعية social comedy و رأيت به مادة مسلية ترفيهية امتازت بتباين جميل في شخصيات ابطاله. فهن ثلاثة بنات تتمتع كل منهن بشخصية فريدة مستقلة تختلف عن الآخرى. هنالك هدى (الفنانة غادة عبدالرازق) التي لم تفلح بالعلوم الاكاديمية كثيرا. و هي فتاة عصرية بلباسها و اسلوب حياتها بسبب حياة الرفاه التي تعيشها تحت وصاية والدها. فكرها سطحي جدا و هي مدللة جدا و تهتم بالامور السطحية كاللباس و المكياج و مظهرها الخارجي و تفتقر لهدف جوهري يحياتها لتسعى ورائه. و تتباين شخصية هدى مع ايمان (مي كساب) شقيقتها حيث نرى ايمان ملتزمة بحشمة اللباس اكثر و منضبطة بوظيفة و حياة متدينة بالرغم من طرافة شخصيتها و تعليقاتها في خلال مشاهد الفلم...و هنالك عفاف (نهلة زكي) الاخت المحامية التي لا تمتلك حس مهنيا بسبب الرفاه و حياة الدلال التي تشهده في منزل والدها، و كأن كثرة الترف قد افقدتها الاحساس بالمسؤلية فنراها ترتكب حماقات مهنية خلال مرافعة في قضية في بداية مشاهد الفلم لينكشف لهيئة المحكمة انها عبارة عن كارثة مهنية كبرى في عالم المحاماة....اعجبني التباين في الشخصيات فقد اضفى دسامة حلوة على العمل لأن لكل شخصية من الفتيات فرادة و ميزة تختلف عن الآخرى جعلت تفاعلهم مع بعض يثير الانتباه طوال مشاهد الفام، و خصوصا حينما دخل الشيطان عالمهم و قيم فرائسه جيدا و تأكد من سذاجتهم و برائتهم. فأين سيسكن الشيطان و اعوانه سوى في حانات الشرب و الكباريهات مع الراقصات و العوالم و العالم التائه وسط اكواب المشاريب الكحولية و ضحكات النساء الرخيصة و طقطقت مكعبات الثلج في الاكواب و هي تذوب من لهيب المسكرات القوي... و لا اقصد هنا اهانة كل من يمتهن مهنة الرقص فهنالك نوع منهم ملتزم بهذه المهنة راقي الشخصية استطاع حتى دخول عالم التمثيل و الدراما بسبب بلوغه درجات كبيرة من الشهرة الفنية و الكفاح المشرف ليصبح له اسم كبير بعالم الفن...و لكن شخصية الراقصة (مروى) التي كانت عون لنديم في الفلم نوعية موجودة لأجل المال و السهر و امتاع زبائن الكباريه فقط. اسم هذا الشيطان نديم (حسن حسني) و هو المدير الاداري في بون سواريه و استطلع من الجلسة الاولى الضحك على الفتيات و اقناعهن بأن دخل الكباريه متواضع جدا و يكاد ان يغطي بعض مصاريفه مع هامش ربحي ضئيل لتخلو له الاجواء لاختلاس ماله و عائداته الضخمة.

حبل الكذب قصير و سرعان ما تكتشف الفتيات كذب نديم عن طريق الصدفة حينما تزور هدى و عفاف الكباريه للتعرف على نشاطاته، فبعد مواجهة بينهم و بين نديم تنجحالاخوات بالسيطرة على ادارة الكباريه، و على صعيد آخر من الاحداث تعارض ايمان شقيقتهم قرارهم بادارة الكباريه و لكن عوز هدى و عفاف لمرابحه الكبيرة تاسرهم بقوة و يرفضن نصائح ايمان بصورة غير قابلة للنقاش. لا يعجب هذا الحال نديم اطلاقا فحينما خسر ادارته خسر الفرصة لاختلاس المال من ارباحه الكبيرة. فهو ينظر لنفسه بانه هو من صنع الكباريه و سمعته ايام ملكيته للرجل الاجنبي و هو احق بهامش ربحي اكبر من الفتيات. و بالرغم من سيطرة الفتيات على ادارة الكباريه بصورة دقيقة إلا انه ينجح بتدبير لهم مكيدة للايقاع بهم...فهن بنهاية المطاف نساء معدومي التجربة بالحياة و ينقصهن تجربة نديم المخضرمة و الكبيرة بادارة الكباريه ليتنبهن لمكيدته التي اعدهها لهم لاستعادة ادارته...فينجح باقناعهم بأن الفنان الكبير ثامر حسني قبل عرضه للغناء بالكباريه في احتفال لراأس السنة. و تأخذهن الفرحة بالمرابح الكبيرة التي تتحقق في بيع التذاكر لهذه الحفلة الكبيرة، و في عيد رأس السنة و الصالة مليئة بالزبائن يلعب نديم لعبته القذرة فيصدمهم بخبر عدم مجيئ ثامر حسني للحفلة. فتقع الفتيات بورطة كبيرة...و مع مرور الوقت و هتافات الجماهير المتكررة لثامر حسني تقرر الفتيات الصعود الى المسرح و الغناء امام الجمهور كحل للمشكل و لكن لتتفاجئ بقدوم الشرطة لتقبض عليهم و ينتهي بهم المطاف في السجن. ينجح نديم باستعادة الكبارية بعد مكيدته القذرة على حساب سمعة الفتيات و يخرجن من السجن و قد تعلمن درسا مرا بأن هذه الملاهي هي بحقيقتها ملاهي للزعران و لاصحاب السلوك السيئ و بأن مكانتهم كفتيات في امكنة غير بون سواريه.

هنالك اطلالة خاطفة لطلعة دزكريا الذي يقوم في اول العمل بدور زوج هدى فنراه في دور الزوج الخائن. كنت اريد لهذه العلاقة الزوجية ان تأخذ مدى اكبر قليلا ضمن احداث العمل حيث لا نفهم منها شيئا سوى انها في ازمة و تنتهي بافتراق الطرفين...و كأن المخرج يأخذنا برحلة كطرفة العين لداخل علاقة مفككة يوضحها من خلال مشهد جريئ بين زوج هدى و خادمة ثم تنتهي بفشل ذريع...فشعرت و كأن ترك المخرج هذه العلاقة معلقة من دون بداية واضحة ونهاية مفهومة...فكانت بحاجة الى بعض الحيثيات الدرامية اكثر...و لم يفلح المخرج بالاستفادة من وجود عملاق درامي مثل طلعت زكريا الا في دور ضيق الافق في الفلم...ففي عام 2008 مر طلعت بتجربة درامية عملاقة مع فلم طباخ الريس مع خالد زكي؟؟؟؟؟؟ وفرأينا فلم حالم و رائع اشعرنا به طلعت عن مقدرة فنية هائلة فلا اعلم لماذا عجز المخرج احمد عواض عن توسيع افاق دور طلعت زكريا في في الفام...
هذا الفلم يقدم قطعة درامية ممتازة للترفيه و التسلية. فكانت الفنانة غادة متألقة مع باقي الفنانين و الفنانات في العمل بدور فتاة مرفهة تعيش مع شقيقتين فجأة تجبرهم الحياة للنزول من برجهم المرفه العالي الى ملهى ليلي و عالم غريب عنهم لا يفقهن بادارته شيئ. فكنت اتابع بشغف المشاهد لارى كيف ستتعامل الفتيات مع هذا العالم الغريب...هدى المرفهة و عفاف عديمة المسؤلية و ايمان التي يصيبها الجنون حتى من سيرته بادارة ملهى ليلي يديره ازعر و قرن بالخباثة...فكانت معاناة الفتيات لادارة الكباريه و المواقف الكوميديه الطريفة تشدني لاتابعه طوال مدت عرضه مز بدايته ال نهايته...فكان به الموقف الطريف و اللحظات التي جعلتني اضحك بعمق و الفتيات يحاولن التأقلم مع حياتهن الجديدة...و اصابني القهر من قسوة الزمن عليهم في نهاية افلم....

اؤيد النقد الذي احاط بالفلم الذي يقول بأنه احتوى على كليشيهات قد سبق ظهورها بافلام كثيرة من قبل سواء في افلام للسبكي او للمخرج...و لكن اؤيده الى حد معين فقط و ارى ان بعض اقلام النقاد قد اسرفت بنقده من دون داعي. فحينما نقول كليشيهات نشير الى تكرارمبتذل يكرر نفس الافكار و المضامين خالي من روح الابداع. و عموما مصطلح stock characters يشير الى تكرار شخصيات معينة او نوعية اشخاص في ارشيف السينما. فشخصية الفتاة الارستقراطية الموجودة في الافلام تصبح كليشيه فقط اذا ظهرت بنفس الحبكة الدرامية عند مخرج او فنان او شركة انتاج بصورة متكررة او ظهرت كذلك بنفس الحبكة الدرامية. و لكن في فلم بون سواريه رأينا ابداع حلو بحبكة فريدة امتازت الدراما فيه بمشاهد كوميدية خفيفة الظل سريعة الحركة كاخراج...و على صعيد آخراذا تم تصنيف الفلم بأن اجواءه العامة تشبه افلام سابقة للسبكي...فعفوا ايها النقاد..لا يجدر بكم ظلم هذا الفلم بحبكته المميزة الكوميدية لأن اجوائه العامة تشبه ما سبق و ان قدمه السبكي للانتاج او المخرج...فانكم تضحوا بالابداع الفردي للفلم على حساب تكرار مبتذل لسلسلة من اعمال شركة الانتاج و المخرج و هذا الشأن مسؤل عنه الاخراج و الانتاج بصفة شخصية فقط...فلذلك كنت ارى نقد غير دقيق لفلم بون سواريه يسعى لتدمير العمل لأن هنالك مآخذ ابتذال على الشركة و المخرج...و هذا ليس منطقي لأننا اذا اقتطفنا هذا العمل من كرمة افلام السبكي و حللناه بصفة فردية سنرى كم هو ناجح بالفعل...فالتفاعل بين الفنانين كان رائع و اخراجه كان حلوا جدا و حبكته فريده جدا و اجواءه العامة مميزة جدا و لا ارى بأنه بفرادته كعمل يشبه عمل آخر. يجب ان يكون قلم الناقد بالنسبة للافلم واضح بما يقصد فلا يكفي ان نقيم فلم انطلاقا من ارشيف الشركة المنتجة او المخرج فقط و لا يجب ان نأخذ سلبياته فقط بل يجب ان يقيم كعمل متكامل كي نعطي العمل حقه...مع الشكر لكل الاقلام التي تكتب. فانزال المقصلة على الاعمال سهل و لكننا لسنا قضاة كنقاد بل نطرح ارائنا بكل موضوعية ليتحسن الانتاج بالمستقبال...ليس إلا...و ارى بفلم بون سواريه العمل الناجح.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات