إلى الحكومة لننصف المعلم ونأخذ العبر من اعتصامه


أجد نفسي مضطرا ابتداء أن اذكر بأنني من هذه الأرض الطيبة ولدت وكبرت فيها وجذوري عميقة عمق التاريخ فيها أقول هذا لأتجنب كليشة الاتهام الجاهزة لدى بعض وزرائنا والتي ترد عادة على شكل ( هذا حديث من خارج الحدود , هذا كلام أو تصرف يعبر عن أجندات مغرضة ...... وغيرها من الكلايش ). أذكركم كذلك بان الأردني وان غضب من الحكومة فهو يشكوها لها فهو مادتها في الانجاز وهو مادتها في تصويب أخطائها . الأردني لا يشكوا خارج حدود بلده بل انه يقدم دوره وشكواه وتظلمه واعتراضه على أوراق هذا الوطن .
فليتوقف حافظي الكلايش المذكورة عن طرحها كلما اعترضهم شكوى أو مطالبة أو مظاهره أو اعتصام وليتركوا نعت اعتراض الأردني بأنه اعتراض من خارج الحدود . ليتركوا الحدود عنهم فللحدود نواطير أشداء يحمونها ولا يغفلون عن حمايتها.
يسعى معظم الأردنيين دائما لمنع تجاوز أردنيتهم على عروبتهم ويتحملون قصف تلك الكلايش إلا اننى أجد نفسي هنا في أمر يخص ألوان بيتنا الأردني. لقد كثرت أخطاء البعض من أعضاء الحكومة فمنهم من قال إن الحكومة غير معنية بتوضيح قراراتها ومنهم من تعدى بسوء الكلام على العمال وأخر يتجاوز على الأحزاب وواحد ينعت المعترضين بأنهم يحملون أجندات وأفكار من خارج الحدود ويهدد من علمه كتابة أول حرف في حياته وآخر بدلا من أن يكون سندا للمعلم تمادى عليه وطالبه ( بارتداء بدله لا يحتملها راتبه الشهري ) و اتخذت الحكومة قرارات كان المؤشر في الإصرار على اتخاذها هو عدم رضي الناس, فعينت وعزلت وهي تعلم علم اليقين بأن قراراتها كانت خاطئة من وجهة نظر القانون و من وجهة نضر الناس وحصلت كل هذه الأخطاء في فتره وجيزة من عمر الحكومة.
من لا يعرف الأردني عليه أن يعيد قراءته جيدا. الأردني بعيد عن ( الصالونات السياسية والرقمية الضيقة الموغلة بأدران الدنيا ) انه إنسان طيب صادق متفاني ,هو من بني وعلم ودافع واستشهد في وعلى حدود الوطن . الأردني يصدع لما يقرره ملكة ويبارك لمن يعينه في مناصب الدولة الأولى لكن الأردني لا يرضى ولا يسامح بل انه ينتفض ضد كل من يسيء له ويتمادى علية أو يسيء الأمانة. ذاكرة الأردني ثرية فهو لا ينسى وان تناسى أحيانا ( لموجبات ضغط الحياة ) أو لما فيه خدمة للوطن , الأردني يرفض عدم عدلكم مع أبناء الوطن وهو يلمس ذلك في مراتب الدولة ورواتبها ولا يغرنكم سكوته عن الواسطة والمحسوبية وتقريب الانسباء والأقارب ومن تدور حولهم الشبهات وازدياد ثراء البعض على حساب الوطن .
لقد كان اعتصام المعلمين عفويا وطبيعيا ولم يكن وفقا لأجندات سياسية ولم يشارك فيه راغب بانتهاز الفرصة وركوب الموجة, وأنا شخصيا التقيت مع بعض المعلمين المعتصمين ووجدتهم كما عهدناهم منذ كنا تلاميذ في مدارسهم وجدتهم بإحساس عالي بالمسؤولية وبحب عالي للوطن ووجدتهم أكثر دراية وحكمة من الحكومة في إدارتها للازمة .
يذكرنا اعتصام المعلمين بمظاهرات واعتصامات في سنوات خلت كانت وطنية صرفه ولمطالب مشروعه ولم تتأثر بأي مؤثر خارجي لكنها صورت من قبل الباحثين عن مكانة لهم على حساب الوطن وأبناءه على أنها مستورده بل إن بعضهم تجاوز ذو الأكتاف فطالب بتقطيع الأيدي والأرجل ولكن كان الله في رعايه الوطن فوفر له رجال يسمعون ويقرءون كل شي ليكشفوا الغث من السمين. برغم تغير الأحوال وتحسن الحال ما زلنا نسمع ونرى أن الكثير من المسئولين يعيدون نفس الكلمات البغيضة المضرة بنسيج الوطن, و لحسن الحظ هذه المرة ونتيجة لوعي المعلمين قطعت الطريق على كل من يصطاد بالماء العكر فلم يستطع احد تزوير الوجه الحقيقي للاعتصام .
لقد فشلت الحكومة في إدارتها لازمة اعتصام المعلمين ولم تتمكن هذه المرة من استعارة قوة الدرك لقمع المتظاهرين الذين كانوا بأعلى درجات المسؤولية ورفعوا شعار خدمة الوطن والولاء للملك, وبذلك نكون أمام تحول مهم في حياة الاردنى فبعد أن كانت الحكومة تختبئ خلف الملك لتنفيذ قراراتها صار الاردنى المعترض يحتمي بالملك من بطش الحكومة.
كانت الحكومة في حيرة من أمرها خاصة وأنة ترسخ في عقل الكثير من المسئولين قول هيبة الدولة في مخالفة صريحة لما تعنيه الكلمة فهي لا ترفع في وجه من علمنا الإخلاص للدولة والدفاع عنها, فلم تبادر الحكومة لحل الأزمة قبل أن تتسع بل أنها فاقمتها بتطاولها على المعلم وتهديده متجاوزة حقيقة إن صاحب الحق لا يخيفه التهديد.
للخروج من هذه الأزمة على الحكومة الاستماع لمطالب المعلمين دون قرارات مبيتة ومحاورتهم حول مطلبهم الرئيس وهو تأسيس نقابتهم وتحسين معيشتهم. على حكومتنا أن تمارس دورا قياديا في تعاملها مع المعلمين ومع بقية شرائح المجتمع فلتبتعد عن لغة الندية التي يظهرها بعض وزرائها مع أبناء الوطن.
بالرغم من التحفظات التي يبديها البعض على تأسيس النقابة سواء تحفظات قانونية أو سياسية فهي من صنع الحكومة فلا أرى في النقابة ما يتوجسون منه بل أنها ستكون إضافة جديدة في بناء دولتنا وهي ستكون كذلك إذا تعامل الأردنيون حكومة وشعبا على أساس الأسرة الواحدة فعلا لا قولا .
علينا تحسين معاشات المعلمين فقد تآكلت رواتبهم ولا يستطيعون إعالة أطفالهم وليكن التحسين سخيا هذه المرة متجاوزين طريقة التلهية وتجاوز الأزمة. اقترح أن تطرح الحكومة دعوة لكل الأثرياء لدعم المعلم فما كان ثرائهم إلا من تراب هذا الوطن ومن أكتاف أبناءه وما زاد عندهم دينار إلا ونقص مقابلة دينار عند الفقراء. ليمنحهم الوطن مقاعد مجانية في الجامعات فلا يعقل أنهم علمونا جميعا ولا يستطيعون تعليم أبناءهم.
وأخيرا اهمس في أذن الحكومة وأقول ليرتفع مستوى خطابنا المقاوم والرافض لما يحاك ببلدنا وامتنا والحد من الأصوات والأقلام الداعية ( لليونة ) ففي ذلك منفعة عظيمة لو تعلمون, فدائما أبناء الوطن يتجاوزون جراحهم وآلامهم بل أنهم يقوون على المرض والأزمات إذا اقترب الأذى من بيتهم الكبير وهذه من الصفات العظيمة عند العربي فنحن في مشكلة اقتصادية واضحة لا مجال لإغفالها وبدأت ملامح استخدامها ضد بلدنا من المعتدين عسى أن ترخي قبضتنا على مبادئنا والجواب في هذه الحالة هو في تشديد القبضة لا في تخفيفها وسوف ترون نتائجها أمولا وزيادة في اللحمة والالتفاف .

drabdullah63@gmail.com



تعليقات القراء

للاسف معلمة
يسلم قلمك يا دكتور فقد اصبحت مهنة التعليم مهنة المشقة والاهانة وقلت التقدير الم يحن الوقت لانصافنا !!!!!!!!!!!
25-03-2010 01:11 AM
مراقب ارديني
لدكتاتوريون والشموليون يعتقدون أنهم دائما على حق وأن الاخرين يجب أن يسمعوا وينفذوا فقط فلا مجال لهم بالحديث أو قول لا أو حتى وجهة نظر ... ولكن اذا جاءت نهاية هؤلاء فإن الشعب سوف يسحلهم في الشوارع والتاريخ يكرر نفسه
25-03-2010 08:40 AM
نايف الذنيبات
سلمت يمناك وعبرت عن مابداخل كل اردني يحب وطنه ومليكه
25-03-2010 10:04 AM
مغترب - بريطانيا
مقال رائع جدا يادكتور يسلمو ايديك والله فشيت غلنا من كل المزايدين على المعلم وعلى ابناء البلد
27-03-2010 02:44 AM
مغترب - بريطانيا
مقال رائع جدا يادكتور يسلمو ايديك والله فشيت غلنا من كل المزايدين على المعلم وعلى ابناء البلد
27-03-2010 03:08 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات