أين أنت يا مولاي:فشعبك الأردني يذبح من الوريد ألى الوريد


مَولَايَ جَلَالةَ المَلكِ عبد الله الثانِي - حَفظَهُ اللهُ وَرَعَاهُ ،وسدَّدّ على طَرِيقِ الخَيْرِ والعِزِّ خُطَاه -
سَلامٌ عَليْكَ في العَالَمِين ،فَإنِّي أحْمَدُ إليكَ اللهَ الذِي لَا إلهَ إلَّا هو.
أما وبعد :
يعيشُ شعبُكَ الأردنِيُّ [يا مَولايَ]هذهِ الأيامُ حالةً منَ اليأسِ المَمزوجِ بالقلقِ نتيجةَ ما آلتْ إليهِ الأوضاعُ فى البلادِ ؛فباتوا يعيشونَ الرُّعبَ الحقيقيَّ مِمَّا تُمارسُهُ الحكومةُ مِنْ بَلطجةٍ واستقواءٍ وفرضٍ للخاوات ؛بلْ منْ عمليةِ ذبحِ تجرِي بِفعلِ أيدٍ وأدواتٍ أردنيَّةٍ .
فمَنْ يُتابعُ قَراراتِ الحُكومةِ المُتسرِّعةِ والرعنَاءِ ،يَخرجُ بانطباعٍ راسخٍ بأنَّها تعيشُ مرحلةَ فِقدانِ التوازنِ والعقلِ والمنطقِ ولا يلوحُ في الافقِ ما يَبعثُ علَى التفَاؤلِ ؛بلْ على العكسِ تتقاطرُ سُحبِ الهمومِ السَّوداءِ لِتَزيدَ المَشهَدَ أسًى ولَوعَةً فِي كلِّ مَناحِي الحَياةِ وفِي كُلِّ قِطَاعَاتِها ومُستوياتِها.
فمِنْ بابِ السِّياسةِ لا نَسمَعُ سِوى قَراراتٍ هَزيلةٍ هَشَّةٍ لا ترقَى وطموحَاتِ الشَّعبِ الأردنيِّ بعدَ أنْ سَدَّتْ الحُكومةُ كُلَّ المَنَافِذِ أمامَ أىِّ أمَلٍ مَرجُوٍّ لِتحقيقِ أيِّ تَوافقٍ وَطَنيٍّ حَولَ الكَثيرِ مِنَ القَضايا المَصِيريَّةِ ؛هذا الهوانُ السياسيّ الذي نعيشهُ اليَومَ هوَ نِتاجٌ طبيعِيٌّ لِسِياساتِ التَجريبِ والتَمكِينِ والإقصَاءِ التِى يُمارسُهَا بَعضُ الهُواةِ وأيفاعُ السِّياسَةِ علَى رُؤوسِنَا جَمِيعًاً .
ومِن بابِ الاقتِصَادِ ،أصْبَحتْ مَطالبُ العَيشِ الكفَافِ ،فِى خَانةِ المُسْتَحِيلِ لَلسوادِ الأعظَمِ مِنَ الناسِ ، فِي ظِلِ الهَجْمَةِ المَسْعُورةِ لِلحُكومةِ فِي رَفعِ الأَسْعَارِ ،الذي ابتلعَ طُوفانُها طَبَقةَ الفُقراءِ ،وَوَقعَ فِي فَكَّها ذَوِي الدَّخِلِ المَحدودِ ،فأصَابَ الناسَ الهَلعُ مِنْ أنْ يُصبِحوا غُرباءَ فِي أوطانِهم ،لا يُظلِّلُهم وَطنٌ ،طَالمَا ألِفوهُ وتَغنَوا بأمجَادِهِ ،وعَشِقوا تُرابَهُ وأحبُوه .
وعلى الصعيدِ الاجتماعيِّ فالشعبُ غارقٌ إلى أذنَيه في الهمومِ والمشاكلِ والأمراضِ الاجتماعيةِ ؛فدُوَنكَ ما تذخرُ بهِ المحاكِمُ منْ طلبِ للطلاقِ بسببِ ضيقِ ذاتِ اليدِ .
نَشر في وسيلة إعلامية أنْ مُواطِنًا كانَ قدْ ألقَى على زَوجتِهِ يمينَ الطلاقِ إذا رَفَعتْ الحكْومة البِنْزِين أوكتان 90 قبلَ أكثرَ مِنْ عشرةِ أيامٍ منْ رَفعِهِ ،وعندَما سمَعِ بالارتفاعِ الذي طرأَ، قامَ بتطلقِ زَوجتِهِ ثلاثاً وطردَها هي وأولادُها إلى بيتِ أهلِها قائلاً لها :' رُوحِي خَلِّي الحكومة تصرف عليكي وعلى أولادك ' ثمَّ ركنَ سيارتَهُ بجانبِ بيتِهِ وأغلقَها ورَمى المِفتاحَ بعيداً .
ومِمَّا يُعانيهِ المُجتَمَعُ الأردنِيُّ أيضًا تزايدُ عددِ الأطفالِ اللقطاءِ ،وجرائمَ لْم يألفُها المجتمعُ الأردنيّ منْ قَبلُ ،كانَ آخِرُها جريمةُ الطيبة التِي هزَّت كيانَ الشعبِ الأردنيِّ عندما أقدمَ رب أسرة على قتلِ جميعِ أفرادِ اسرَتِهِ ،والحبل على الجرار ،فإذا مَا فتَّشنا عنِ السببِ سنجدُ أنَّ تردِي الأوضاعِ الاقتصاديةِ كانَ وراءَ ذلكَ.
للأسفِ هذهِ بعضُ المَلامِحِ للواقعِ المُتَرَدِّى الذِى يعيشًه المُواطِنُ الأردنيُّ والذى يتوجبُ علينا أنْ ننظرَ إليهِ بعقلانيةٍ ننشدُ لهُ العلاجَ ،فمَا عادَ يُجدِى دفنُ الرؤوسِ فى الرمالِ ومَا عادَ كلُّ شيءٍ تمامًا يا مَولاي .
إنّ عمليَّةَ الذَبْحِ المُمنهَجَةِ التِي يتعرضُ لها الشَّعبُ الاردنيُّ على يدِ الحكومةِ ،بِحاجةٍ إلى روافعَ ومعاولَ وحرثٍ حقيقيٍّ في أرضِ الواقِعِ ،تحمِي المجتمعَ مِنْ حالةِ الهِستيِريا التِي يتعرَّضُ لها الشَّعبُ، وهدفُها نخرُ أساساتِ وأركانِ المجتمعِ الأردنيِّ ،وإدخالِهِ في حالةٍ مستديمةٍ من الفَوضى والفَلتانِ والاحتِرَابِ .
لقدْ تشرفتُ يا مولاي ،وكتبتُ إليكَ من قبلُ مراراً وتكراراً ،مذكرًا أنَّ التضييقَ على المواطنِ ومِنْ بنينِها رفعُ الأسعارِ ،لَهو الضربةُ القاضيةُ التي أطلقتْهَا الحكومةُ ،وحرقتْ بِها قلوبَ الأردنيينَ جميعًا ، وقتلتْ أيَّ بارقةِ أملٍ عندَهم ؛وتاريخُ البشريَّةِ كلُّه ،يشهدُ بأنَّ غلاءَ الاسعارِ ،لمْ يَكنْ ذاتَ يومٍ خياراً استراتيجياً إلا عندَ المُفلِسِين ،ومَا هو إلا عبءٌ إضافيّ على عاتقِ المُتعَبِينَ والمُنْهِكِينَ مِن أبناءِ هذا الشعبِ الصابرِ المُحتَسِبِ ،فَمِنْ عَرقِ هؤلاءِ تُستَقطعُ هذهِ الزيادةُ ،ومِنْ شقائِهم تُمَوَّلُ المُخصصاتُ والمكافآتُ ورواتبُ [النوَّابِ والوزراءِ] مَدى الحياةِ ،ولأجلِ رفاهِ [النُبَلاءِ] تُصبِحُ الحياةُ قِطعةً مِنَ الجَحِيمِ .
مَولاي :فهلْ يُرادُ لبلادِنا أنْ تُصبحَ فى ذاتِ الخَرابِ الذى حاقَ بِدوَلِ الجِوارِ وغيرِها ؟! وهلْ يُرادُ لنا أنْ نرقصَ على أشلاءِ شعبِنَا ودَمارِ بلادِنا كمَا فعلَ الآخرونَ ؟! فمَا مِنْ عاقلٍ يُريدُ هذا ،اللهمَّ إلا أصحابَ القلوبِ السوداءِ والنفوسِ المريضةِ الذين يَستهويهمِ خرابُ البلدِ ،حيثُ تتعامَى أعينُهم عنْ السُبُلِ الأخْرَى التِي تحققُ الآمالَ الوطنيَّةِ ،ومَا هو إلا ضَربٌ مِنْ الرُعُونَةِ السِّياسيَّةِ والتهاونِ الوطنِيّ .
إنَّ رفعَ الأسعارِ يا مولاي - فوقَ ما تُسبِبُهُ مِنْ آلامٍ مباشرةٍ - كلفةٌ ثقيلةٌ على كاهلِ المُواطنِ تنوءُ مِنْ حَمْلِها الجبالُ الرواسِيُّ ،وهلْ جمعُ حِفنَةِ ملايينَ مِنْ جُيوبِ المُواطنينَ ،كافيةٌ لأنْ تنهضَ باقتصادٍ مترنحٍ بفعلِ تجريبِ مُتَعَلِّمِي الحِلاقةِ برؤوسِ اليَتَامَى ،ومغامراتِهم الاقتصاديةِ غيرِ المحْسُوبَةِ ،بفعلِ الفسادِ الذِي أزكمَ الأنوفَ ونخرَ البلادَ ووضعَها في مَهبِّ الرِّيحِ ، والأخطاءِ السِّياسيَّةِ ونزواتِها وعنترياتِها ؟!،
ماذا تُريدُ الحكُومةُ منَ الشَّعبِ الأردنيِّ الأبِىِّ الكريمِ ، ومِنْ كِرامِ أُسَرِهِ وحَرائِرِهِ ؟ أنْ يَتسولَ المَارَّةَ على الإشارات الضوئية مِنَ السُّواحِ الخَليجِيينَ فِي شَوارِعِ عمانَ واربدَ والزرقاءِ والكركِ والطفيلةِ ؟أمْ يتسولَ على ابوابِ الحرَمَينِ الشرِيفينِ فِي مَكةَ والمدينةَ المنَّورةِ فِي مَواسِمِ الحجِّ والعمرَةِ ورمضانَ مِنَ الهنودِ والبَنْغَالِ ؟ أمْ يتسولَ في المقابِر ؟ أمْ يعملُ سِمْسَارًا لِتَسويقِ الرَذِيلَةِ ؟!.
هذا المصيرُ هو ما نخشاهُ ونخافُ يا مَولايَ . تِلكَ هِى مَلامِحُ الحَالِ فِى وَطنِنا العزيزِ الأردنّ ،بعدَ أنْ نفضنَا عنْهُ غبارَ المَساحِيقِ والمَاكياِج الزائِفِ ،وهو حالٌ لمْ يعدْ يَحتمِلُ الانتظارَ والتلكؤَ ، فتَردِى الأوضاع [يا مولاي] ينمو بِوتِيرةٍ مُخيفةٍ على كلِّ المحاوِرِ ،واستبطاءِ العلاجِ يُنذرُ بعواقبَ وخيمةٍ .
إنَّ وقفَ ذَبحِ الشَّعبِ مِنَ الوريدِ إلى الوريدِ ،هوَ أمرٌ ملحٌ ،ومسؤوليةٌ تاريخيةٌ خاصةً أنَّ عمليةَ الذَبحِ قدْ وصلتْ إلى مراحلَ متقدمةٍ ،وهناكَ خِشيَةٌ مِنْ وصولِ الأمورِ إلى مرحلةِ اللاعودةِ.
وإزاءَ كلِّ هذا لا نملكُ يا مَولاي ،سِوى أنْ نقولَ ما نأمله مِنكَ اليومَ وليسَ غداً : أنْ تتداركَ المَوقِفَ الحَرِجَ . اليومَ وليسَ غداً لا لأنك تَملِكُ ما لا نَمْلِكُه مِنْ غِيرَةٍ على هذا الوطنٍ فَحسبْ ،ولكِنْ ببساطةٍ لأنَّ بيدِكَ وحدكَ كلَّ القدرةِ على ترجمَةِ ما يَحلَمُ بهِ نحنُ شَعْبُكَ الأردنِيُّ الذِي يُرَدِّدُ :
جئت يا مولاي أشكو لك من جــور الــزمـــان
مــن أنـاس ظلـــمونــــــا سلبوا مــنـا الأمـــان



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات