اللغة والرباط الحضاري


هجمت علينا جيوش الغرب الغازي ودمرت الجغرافيا فقسمت الامة الاسلامية والعربية دويلات هشة متناحرة لا تقوى على حمل نفسها ولو على عكاز، واردف المحتلون بهجمة شرسة موازية قوامها جيوش من المستشرقين الذين هدفوا الى تشويه تاريخنا ومناهجنا وثقافتنا- والمنصف منهم كان خروجا عن خطة الاحتلال- فشوهوا كل جميل في نفوس الاجيال ومطيتهم في ذلك الحاكمون بامرهم وسرايا المستعربين، فشوهوا تاريخ أمة امتد ما يقرب من أربعة عشر قرنا- شغلنا فيها كرسي العلم والسيادة والريادة - وابرزوا لنا شوائب لا تذكر في مسيرة أمة عظيمة ورددها الجهلة والطامعون بالأمجاد الشخصية
وبلغت بهم الجرأة أن حاولوا تشويه اللغة العربية في بداية القرن الماضي وابدال العامية مكانها في مصر فتصدت لهم كوكبة من المثقفين كالرافعي والعقاد والمنفلوطي والسباعي وغيرهم وها هم الان يكررون المحاولة على ايدي ابناء الامة فعادت العامية الى مدارس الجزائر ومصر والحبل على الجرار وهذا اخطر ما في الاحتلال ان يقضي على لغة الأمة؛ فمن لا لغة له لا وجود ولا حضارة له، فقد زالت حضارات بلغتها، واما حضارتنا ولغتنا فباقية، فما اختار الله تعالى اللغة العربية للقران الكريم الا لتبقى، وهم بسعيهم الخفي ضد اللغة يمهدون لهدم أعظم ركنين من أركان الأمة: القران الكريم واللغة العربية وهما مترابطان.
وعلى نفس المسار من التخطيط الخفي سعوا الى تشويه الدين على أيدي الجهلة من ابنائه فلم يستطع الغرب مواجه الدين مباشر بل بدأ يغزوهم بقوته الذاتية وسعي شعوبهم وراء الحقيقة إلا انهم انتجوا فينا تنظيمات شوهت الدين ونفّرت منه، خاصة من يرون بعيون الآخرين ويسمعون، وعيونهم رمدى كليلة.
وفي خضم الصراع الحضاري ومحاولة المحتل اجتثاث اخر حصنين للامة تقع مسؤولية كبيرة على عاتق القائمين على اللغة العربية بالحفاظ عليها الى ان تمر العاصفة وتتكسر على شواطئنا كما تحطم غيرها، ولعلي اجزم بان القائمين على اللغة بعزم وصدق هم من المرابطين على التخوم الحضارية للامة جنبا الى جنب مع المدافعين عن الدين والوطن بوعي. واهل اللغة يُحاربون في اوطانهم لغرض ما في نفس المحتل، كما حورب التاريخ واصبح على الهامش.
لقد ضعفت لغة الاجيال حتى صرنا في سحيق من وادي المتنبي عند العجم فانت تحتاج الى ترجمان لتبيان ابسط مفردات اللغة استعمالا
لكن اللغة العربية لا تموت وإن ضعفت فهي في كنف الدين وحفظ الرحمن والاجيال الواعية الواعدة التي افاقت من شراسة الهجمة عليها.
وكلنا تفاؤل، فالعسر مفتاح الفرج، والقرآن لا يموت، والامة لا تموت، وهذا ما يرعب اعداءنا ويوجع المستعربين والمستشرقين أصالة وتبعية فهنيئا للقائمين على اللغة والدين رباطهم الى يوم الدين.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات