الأخطاء بين الشعب والحكومة


المسافة بين عمان وإربد لا تزيد عن ثمانين كيلومتراً، تواجد عليها يوم الجمعة الفائت أكثر من أربعين دورية شرطة، مزودة جميعها بأجهزة الرادار لمراقبة السرعة، إضافة لتلك المزروعة على جانبي الطريق، وكانت جميعها تعمل باهتمام وحماس غير خاف أبداً، وذلك من ملاحظة إعداد السيارات المضبوطة، فإذا كان مطلوباً أن تقوم أجهزة الأمن العام بزرع شرطي على كل واحد كيلومتر يومياً من أجل ضبط السير، فإن الخلل ليس بالمواطن وحده وإنما أيضاً بالمعنيين بضبطه.

وعندما تعمد بعض المحلات التجارية في شارع الجاردنز وغيره، إلى إطلاق مكبرات الصوت بالغناء المزعج من أجل جلب الزبائن والمنافسة، ويستمر الأمر إلى ساعات متأخرة من الليل، دون وجود روادع تحمي المواطن، إن كان تقدم بشكوى أم لا، فإن الخلل أيضاً لا يكون بالذي يتسبب بالإزعاج أو المواطن الذي عليه أن يتقدم بالشكوى فقط، وإنما أيضاً بالأجهزة المعنية بحماية الناس.

وعندما تمتنع بعض المخابز عن عرض الخبز الكبير المدعوم لتفرض على الناس شراء الصغير منه بأسعار مرتفعة فيضطر المواطن لهذا الإجراء، فإنه رغم الخلل الكبير الواضح فيه وفي أصحاب المخابز، إلا أن الخلل الأكبر منه يكون بالجهة المعنية في مراقبة المخابز.

هناك عشرات الأمثلة التي يمكن الاستشهاد بها، وتكشف عن حجم الخطأ في مسؤولية المواطن والدفاع عنه، والتقصير المتبادل بين المؤسسات والمواطنين.

وبين هؤلاء جميعاً الآن مسافة جلية من عدم الثقة التي تصل أحياناً إلى درجات العداوة، وأيضاً إلى تفاقم ثقافة الخوف بديلاً عن الالتزام والاحترام المتبادل.

ما وقع أثناء نتائج التوجيهي، والآن بعد تصريحات نفس الوزير ضد المعلمين، وردود الفعل منهم عليه، يدفع للقناعة بوجود حلفين متقابلين على ساحة الدولة، هما حلف الحكومة، وحلف الشعب، ويكشف أن المصالح بينهما متعارضة ومتقابلة أيضاً، وأن حلف الحكومة موحد ومتماسك، في حين يعاني حلف الشعب من التفتت والاختراق، والمسألة في هذا المستوى مشاهدة أيضاً في وزارات الزراعة الذي يحظى وزيرها بحماية الحكومة، ومثله وزراء آخرين في الوزارات المختلفة.

ومثل هذه المعادلة تستوجب التفحص والتمعن فيها بحثاً عن المعالجة اللازمة، وذلك طالما أنها تتفاقم نحو الأسوأ.

ويمكن القول أن كل الأمور في البلد باتت مختلطة إلى درجة عدم التمييز بين الحق والباطل، وفيما إذا كانت المتابعات هدفها المعالجة أو مجرد المواجه، أو إدراك الممنوع والمتاح، وحتى فهم ما يجري برمته على الأرض.

وهناك ضرورة ملحة للوقوف على حقيقة التفاعل بين الشعب والدولة، وحقائق الانتماء الوطني، وطبيعة الثقافة العامة وجوهر السلوك العام، ومحددات الالتزام ومقادير الثقة المتبادلة بين الأفراد أنفسهم، وبينهم وبين مجمل المؤسسات في الدولة، وإلا سنكون بمواجهة رفض أنفسنا المتبادل، والاتهامية لواقع الشعب والدولة، وكأننا قصة من قصص عسكر ومراقبة وليس أكثر من ذلك، وهذا ما لا يتمناه أحد.
عن / السبيل



تعليقات القراء

شامي
رأي من دمشق ...! !
21-03-2010 12:59 PM
قارىء متابع
الى تعليق رقم 1 ماذا تعني براي من دمشق .. هذا فيه اتهام للكاتب بشبهة اخذ الهبات والاعطيات من سوريا ،، نرجو توضيح من الكاتب الشواهين حول ذلك !!!!!
22-03-2010 04:20 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات