هذا الصباح الممطر الجميل - له عندي ذكرى


في بداية السبعينيات كانت عائلتنا المؤلفة من أربعة أبناء والوالد والوالدة في غرفة 4في7م ليس لها شباك إلا الباب الرئيسي..وهذا السكن كان يسمى حظير
هذا الحظير كان يجمعنا جميعا – فكان للنوم والطبخ والضيافة والجلوس –كان احدنا إذا أراد ان يبدل بنطاله اختفى وراء برداية المطوى الذي نطوي عليه (الفرش واللحفة)فيغير بنطاله بالبنطال الذي يريد والذي يكون في اغلب الأحيان تحت الفرشة ليكون مكويا مرتبا .
الذي جعلني اكتب هذه الكلمات ...انه في الايام الماطرة كهذا اليوم والذي يتعطل فيه الفلاح عن الحراثة والذي يجعل والدي آنذاك حبيس المنزل –فيصحوا من نومه قبل الفجر بساعة او ساعتين فيشرب كأسا من الزيت عالريق –
وبعدها تبدأ مرحلة اشعال النار في صوبة الحطب – (وقد كان الجيل القديم يتمتع بسرعة إشعال نار الحطب )وما هي إلا لحظات حتى كان هذا الحظير وقد ملئته دخانة الحطب بحيث لا تستطيع رؤية من بالحظير الا اذا انبطحت على بطنك --لأن الدخنة غمرته كاملا ولم يبقى بدون دخان يحبس الأنظار إلا على اقل من نصف متر .
والملفت للانتباه أنه وبعد إشعال النار بفترة وجيزة ونحن جميعا نخلد الى النوم – يوقظنا ارتفاع حرارة الحظير الشديدة التي تدفعها الصوبة في جميع الاتجاهات ولدرجة أنك تختبئ من الحرارة الزائدة تحت اللحاف الذي يغطيك .
وبعدما تعلو حرارة صوبة الحطب والتي يتحول لونها إلى اللون الأحمر في اغلب الأحيان من شدة الحرارة – تأتي مرحلة خبز الزلابيا في الزيت البلدي والتي كان والدي يتقن عجنها وخبيزها بطلاقة فائقة وما يتبعه من أدخنة متطايرة تملئ الحظير ويصبح الفضاء أمامك هالة من السحب الثابتة التي ليس لها مخرج لعدم وجود نوافذ لهذه الشقة السكنية – فنصحو جميعا ويكون الوقت حوالي اذان الفجر ويكون جميعنا في حالة من الوجوم والغضب لكن لا يستطيع اي واحد منا ان يظهر زعله.
اما عن ابريق الشاي الكبير فيكون قد تم تحضيره بدقائق بسيطة وترا زنبعة الإبريق وهي تقذف الشاي إلى الخارج وتهب لإنزال الإبريق من على الصوبة –ليلطعك لطعة قوية يحمر بها وجهك لعلو حرارة يد ابريق الشاي .فتكمت غيضا شديدا في نفسك من شدة الألم
وتبدأ مرحلة الفطور وقد تطاير من الأدخنة خارج الحظير الشئ الكثير – ونحن معبوسي الجبين والصمت سيد الأحكام –لننهي الإفطار من الزلابيا الطيبة الطعم والمشبعة بالزيت البلدي والساخنة المقحمشة والزيت والزعتر والذي كان الوجبة الرئيسية لنا في ذلك الزمان .
ومع انتهاء وجبة الإفطار –يكون بيننا وبين جرس المدرسة أكثر من ساعتين لا نعرف أين نقضي هذا الوقت الطويل ..ويتم خلالها توزيع المصروف إن وجد والذي يكون في الغالب تعريفه(خمس فلوس )ونذهب إلى المدرسة باكرا وآثار الزيت يتلامع على وجنتي احدنا
أياما حلوة وذكريات حلوة جمعتنا على المحبة بأهلنا بتاريخ مشرق وخير سماء يهطل لنتذكر معها هؤلاء الخالدون في صفحات الذاكرة التي لا تنسى



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات