آلام مرتبطة بانفعالات عاطفية


جراسا -

العقل والعاطفة والجسد وحدة واحدة، وما يحل بجزء منها يؤثر على الكل، خاصة أن أي ألم نشعر به يرتبط بمشاعر تأتي من حولنا، إما من أفعال أو شعور بانتقاص الذات، فيغدو الفرد غير قادر على تجنب المشاعر المؤلمة التي تسبب على المدى البعيد ضررا جسمانيا ونفسيا.

الفرد قادر على حماية نفسه من تلك الأضرار التي تحيط بنا، فالإنسان بطبيعته متعرض لتجارب مؤلمة سواء من الذات أو الأصدقاء أو الأقارب، وهو الأمر الذي يحفز وينشط ديناميكيات داخلية، التي ينتج عنها ذلك الشعور بالألم ويزداد الألم إن لم تحكم السيطرة عليها.

وفيما يلي مجموعة من الآلام التي تشعر بها والمرتبطة بتجارب حياتية وطرق التخلص منها:

- آلام الرأس، فالصداع ينجم عن التوتر في نهاية اليوم، وهنا يطلب منك الخلود للراحة ولا ترهق نفسك، وهو ليس بالأمر السهل، لكن الراحة ضرورية لتجنب مثل هذ النوع من الألم ولو لبضع ساعات في اليوم.

- ألم الرقبة، مرتبط بصعوبة مسامحة الذات والآخرين في العادة، الصفح عموما ليس بالأمر السهل، فإن لم نقدر على المغفرة لذاتنا، فلا أحد غيرنا سيفعل ذلك من أجلنا، ولن نكون قادرين على متابعة السير من أجل شفاء أرواحنا من الألم والمسؤولية، ما يولد مشاعر سلبية تؤثر على صحتنا ونفسيتنا وذاتنا، وتدفعنا إلى الخلف، بدلا من التقدم؛ حيث نصبح غير قادرين على البدء من جديد، ونفقد الرغبة في تجربة أمور كثيرة، وحتى القدرة على الحب والعطاء، لنصبح منعزلين ومحصورين في قوقعة غير مرئية، وكأننا قنبلة على وشك الانفجار من الألم والغضب، ومهما حاولنا فلن نغير شيئا، إن لم نتوقف عن تحميل أنفسنا المسؤولية بشكل درامي.

فحين لا نغفر، نفقد القدرة على الرؤية بوضوح، وتضيع بوصلة الأمان في داخلنا، ونشوه كل أمر جميل، فالغفران مثل النظارات التي تتيح لنا رؤية الجانب الجيد والسعيد والبريء الصادق في الحياة، ومن لا يملك القدرة على المسامحة والمغفرة، فهو محمل بثقل وعبء كبيرين، يمنعان صاحبه من الاستمتاع بالحياة، ومن لا يغفر لنفسه لن يملك القدرة على المغفرة للآخرين أبدا، ففاقد الشيء لا يعطيه، وهذه هي ديناميكية الغفران.

بينما حين نغفر، فإننا نخفف الحمل عن كاهلنا، وتخف أثقالنا التي نحملها، وتصبح النظارة التي نرتديها أكثر وضوحا، بحيث ترينا الأشياء الجميلة، ونتحرر من كل الجهات، والمغفرة لا تتعلق باستحقاق ذاتك أو الآخرين لذلك فكلاهما يستحق المغفرة، والأمر كله يتعلق فيما إذا أردت أن تمضي بقية أيامك مثقلا بحالتك هذه، وتشعر بالأسى على نفسك، أم تريد العيش بوضع طبيعي، وتبتسم من جديد.

كل شيء يتطلب وقتا؛ فمسامحة الآخرين على أمر اقترفوه بحقنا، تأخذ وقتا وتمضي الأيام حتى نتقبل ما حصل، ولكن يجب أن لا نقف عند تلك اللحظة، ونعيش الألم مرات ومرات، بل نجعله عبرة لنتفادى ما حصل ونكون أكثر حذرا، وهو الأمر ذاته الذي ينطبق على أنفسنا، فنحن حين نتحمل المسؤولية، وندرك ما فعلنا، نصبح في حقيقة الوضع بواقعية أكثر، وندرك أنه مهما فعلنا فلن نغير ما حصل، ولكننا نستطيع تغيير القادم حتما.

- آلام الكتفين، تشير الى أن صاحبها يحمل عبئا عاطفيا ثقيلا على كاهليه، وعليه أن يدع غيره يساعده ولا يلعب دور البطل بأنه قادر على حل كل أموره بنفسه، وطلب الدعم من المقربين لا يعني أبدا أنك شخص ضعيف، بل يدل على ثقة وقوة وتقدير لهم ولنفسك من خلال مشاركتهم ما يزعجك، وهي خطوة كفيلة بتخفيف الضغط الواقع، فالفرد لا يلجأ لأي كان بل للأقرب اليه ومن يثق بهم بشكل كبير ويعرف بأنهم لن يحكموا عليه أو يديروا ظهرهم له.

- الألم في منطقة الظهر العلوية، تشير الى نقصان في الدعم العاطفي، وقد يعني أنك تشعر أنك غير محبوب، وغير مرغوب بك. وإذا لم تقيم ذاتك وتقدرها وتدرك قيمتها فكيف يمكن للشريك أن يقدرك؟ ففي العلاقات ما من عامل يلعب دورا أساسيا في تكوين علاقة صحية وأصيلة مثل احترام الذات والإيمان بها، فإن كنت تعتقد بأنك لست جيدا بقدر كاف، فكيف لك أن تصدق أنه يمكن لشريك محب أن يختارك؟ وتدني وتراجع تقدير الذات من شأنه أن يكون عاملا مخربا في تدمير علاقاتك التي لها إمكانات واحتمالات للتطور، وحتى تؤثر سلبا على تسويتها بحيث تصبح علاقة تتوافق فيما تعتقده وتنظر به إلى ذاتك، وهذا الأمر يتفاقم إن كنت تنظر لنفسك بأنك أقل من المستوى، فأحيانا يتخيل الفرد أنه يائس وسيأتي الفارس على حصانه لإنقاذه من الوضع والظروف التي تحيط به وكل شيء سيغدو أفضل.

ويتشكل هذا الحنين للفارس من الوقوع في الحب مع خيال الأب وهو يتعاظم مع من فقد أباه، في العلاقة التي يدخلها يشعر أنه مضطر للتمسك بالصورة الخيالية الكاملة كنوع من الحماية، ويحاول أن يجبر الشريك أن يختبر المشاعر المفرطة من الرومانسية، والتي بالطبع على أرض الواقع لا تعمل ولا تجدي نفعا. وأحيانا أخرى يكون الشريك صلبا وحنونا ويتفق مع الشروط، ويمنح تلك المحبة التي يحتاجها الطرف الآخر، ولكن المطاف ينتهي به لقلة تقديره لذاته بأن يخرب العلاقة بأي شكل من الأشكال.

وقد تبدأ بأسئلة مثل "كيف يمكن أن تحبني؟، وهو لا يحبني؟، ويكمن تحت مثل هذه الأسئلة دليل على انعدام الأمن، فأنت لا تصدق فكرة أن تكون محبوبا، لذا تختبر الشريك في كل فرصة للتأكد من حبه الذي بالطبع "لا تثق به".

ومن المحتمل أن تقوم بتخريب العلاقة لأنك تعرف أن شريكك سيتركك في نهاية المطاف إن بقيت تختبره وتشكك في مشاعره. والنهاية ستكون "ألم أخبرك، لا يمكن لأحد أن يحبني؟". وتشعر بأسى وندم شديد بعد انتهاء العلاقة لأنك فقدته بهذه الطريقة. فتصبح أشبه بمستوطن، فأنت على استعداد لربط نفسك مع شخص يعرب عن اهتمامه بك، بغض النظر عن سلوكياته التي قد لا تعجبك وكل هذا لأنك تشعر بأنك محظوظ جدا بأن لديك شخصا أبدى اهتمامه بك حتى لو لم تكن سعيدا.

- ألم أسفل الظهر، مرتبط بقلق مالي وأعباء نقدية، أو قلق حول مصادر الرزق وكثرة الالتزامات والمسؤوليات، وقد تحتاج لطلب سلفة أو البحث عن عمل آخر لحل جزء منها، ما يخفف من هذا الألم.

- ألم اليدين، يشير الى ضعف في التواصل مع الآخرين وربما تحتاج لبناء صداقات جديدة، أو الخروج مع من تعمل معهم، فأحيانا هناك مناطق مجهولة لكل فرد؛ وهو ما لا يعرفه الفرد عن نفسه، ولا يعرفه الآخرون أيضا، وهذه العملية بجملتها تسمى عملية التوسع الرباعي ومفتوحة عموديا للكشف الذاتي وللأخذ والعطاء بين الفرد والشخص ومن حوله، والتفاعل فيما بينهم.

وفيما تتم عملية مشاركة المعلومات بين الطرفين، تنتقل مع المناطق المخفية والمجهولة، وتظهر للفرد نفسه ما يجهله عن نفسه، وتجعله يعرف ما لا يراه، ما يولد الثقة بين الطرفين.

وهذا يعتمد على فهم الفرد لذاته واستعداده لرؤية الحقيقة وتقبلها كما يراه من حوله. فمثلا من يبدي اهتماما بمعرفة المزيد عنك، أظهر له اهتمامك بالمقابل، واكشف معلوماتك، ولكن بحد، وإن أظهر أحدهم العدائية، أظهر الحذر، واكشف ما تريده فقط، ولا تكن المبادر دوما بل شاهد وانتظر.

- الألم في منطقة الحوض، يرتبط غالبا بالخوف من التغيير، أو التقدم خطوة مجهولة، والتهاب تلك المنطقة يعني أنك رافض لهذا الأمر، وقد تكن حذرا جدا في عمليات اتخاذ القرارات. فكل خيار نعرف أنه يؤثر بنا من الداخل، وهو ما يفسر لماذا نشعر بالحزن، حول اتخاذ قرارات فيما يتعلق بإعادة ترتيب أولويات الحياة أو العلاقات.

فحين يتعلق الأمر بالخيارات التي تخص العلاقات، فإن البعض يعترف بأن البقاء مع أشخاص لم يكونوا كما أرادوا، جاء كنوع من التسوية، بدلا من البقاء وحيدين، بينما العديد من الناس على استعداد لمثل هذه العلاقات ليس بدافع الحب، ولكن جراء الخوف من البقاء وحيدين، ويفعلون أي شيء لتجنب انتهاء الأمر بهم بالبقاء وحيدين في المنزل أو من دون رفيق، هؤلاء الناس خياراتهم تقودهم للحظات لا مفر منها من الأسى، وحينها ينتهي بهم المطاف بطرح هذا السؤال "كيف حدث لي هذا؟"، والجواب هو عبر القبول بشيء بديل عما تريده حقا.

ففي الحقيقة هذا السلوك السلبي، يعد من أشكال البقاء على قيد الحياة، وموجود داخل النفس التي تقبل بأقل مما تريد، وهو جزء من محاولات كسر والخروج من الوضع الذي تكون فيه، ولكن ما تزال عالقا به.

قد يكون وعيك مدركا وحانقا جدا، لاتخاذ هذه الخطوات الجريئة في محاولة لكسر القالب الذي توجد به، ولذا يكون التوجه من اللاوعي إلى الغضب والإدمان على الطعام والاكتئاب كرد فعل داخلي للصراع حول التخلص من الوضع.

- ألم الركبتين، مرتبط بالايغو أو الأنا؛ حيث من يعاني من هذا الألم يميل للتفكير بنفسه بأنه أفضل من الجميع ونرجسيته عالية وربما التواضع في بعض الأحيان هو الحل، وممارسة بعض الأعمال التطوعية للخروج من دائرة أن كل شيء يتمركز حولك.

فللطاقة الإيجابية، ذبذبات يمكن استشعارها، ومن يملكها فهو شخص قادر على التركيز والعطاء ويعرف كيف يحقق حاضره ويصل لما يريد. فالعطاء والمشاركة أشبه بالمورفينات الداخلية في الجسم التي تتواجد في العقل، وهي تحمل تأثير الاندروفين نفسه الذي يحسن المزاج، ويقلل من الألم.الغد



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات