خطاب العرش رشاقة في الشكل وثقل في المضمون


افتتح جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين أعمال الدورة العادية الأولى لمجلس الأمة الثامن عشر، بخطاب عرش موجز ان هذا الخطاب غير مسبوق من حيث الايجاز وهو الأقصر في تاريخ خطابات العرش وقد تضمن الخطاب ملامح ورسائل عامة فقد تطرق جلالته الى التأكيد على الرعاية الهاشمية للمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف، دون التطرق بشكل تفصيليا الى السياسة الدولية او الإقليمية باستثناء الثناء على الجيش العربي والقوى الأمنية التي حافظت على الاستقرار والامن في ظل الظروف المحيطة.

ان ذلك يعني ان القضية الفلسطينية والحفاظ على الوصايا الهاشمية للمقدسات في القدس الشريف هي أولوية وركيزة أساسية من ركاز السياسة الأردنية الخارجية وان ذلك هو جوهر الموقف الأردني على الصعيد الإقليمي والعربي والدولي ,، الملمح الاخر الذي استوقفني هو ما ذكره جلالة الملك موجها رسالة واضحت المعالم للحكومة مركزا على ان البيان الوزاري للحكومة يجب ان يكون بيان واقعيا قابلا للتطبيق ، وهذا يعني على ان الحكومة ملزمة بتطبيق كل بنود بيانها الوزاري وبرنامج عملها في المرحلة القادمة، ويعني أيضا ان جلالة الملك لن يقدم كما هي العادة في خطابه السامي أي برنامج عمل تسترشد من خلاله الحكومة في صياغة برنامجها ، وهذا يعني أيضا ان على الحكومة تقديم برنامجا خاصا دون رفع سقفا لطموحات، وتعبر من خلاله عن رؤيتها الذاتية لخطة عملها القادمة تتحمل بذلك مسؤولية التطبيق لوحدها ، وبذلك اعفاها من سقف طموحات برنامج جلالته والتي هي طموحات ترا فيها كثيرا من الحكومات صعوبة في التطبيق والانجاز وبذلك الزم الحكومة بتطبيق وترجمة برنامجها وخارطة طريقها ، دون ان تعزي تعثر تطبيق برنامجها على الطموحات الكبيرة ولمثالية لجلالة الملك حفظه الله،.

اما الجانب الاخر الذي استوقفني في خطاب جلالته هو تركيزه على موضوع التشاركية والتكاملية فالتشاركية والتكاملية من وجهة نظري هي التي تأسس لدولة مؤسسات وتقضي بشكل متدرج على البيروقراطية والترهل الإداري، وتحدد صلاحيات المؤسسات الحكومية بما يخدم المواطن وليس خدمة المؤسسة ذاتها بذاتها، ويجعل التكامل بين هذه المؤسسات هو العنوان الأبرز في المرحلة القادمة.

الملمح الاخر في خطاب جلالته هو إعادة التذكير بالورقة النقاشية الأخيرة لجلالته والتي اعتبر فيها ان سيادة القانون واحترام المواطن وتكافؤ الفرص هو العنوان الاخر للمرحلة القادمة اما الجانب الاخر كان موجها الى التعاون البيني بين السلطات وخاصة التشريعية والتنفيذية وان استكمال التشريعات والقوانين يجب تنفيذه بشكل سريع وفي اطار الأولويات الوطنية وعدم اللجوء الى التعطيل من اجل التعطيل او من اجل تغول السلطات على بعضها وهذا العنوان هو العنوان الثالث الذي يجب ان تلتزم به السلطتين التشريعية والتنفيذية .

لقد شعرت من خلال خطاب جلالته المقتضب ان هناك عدم رضى من قبل جلالته على ترجمة مسيرة الإصلاح الشامل وشعرت بثقة مطلقة بقدرات شعبنا الأردني وحرصه على ان يكون هذا الوطن امن مستقرا ديمقراطيا ، وثقة مطلقة من قبل جلالته بجيشنا العربي المصطفوي والأجهزة الأمنية الباسلة وان جلالته يطمح الى توسيع دائرة المشاركة الشعبية في صناعة القرار من خلال الترجمة الفعلية لقانون اللامركزية والذي سينعكس بشكل إيجابي على التنمية المناطقية ويجعل من كل محافظة ولواء محورا للتنمية وصناعة القرار ويعفي المركز من الضغط المترتب على محوريته و مركزيته وبذلك يخفف العبء المادي والزمني والمعنوي عن المواطن ويجعله جزء لا يتجزأ من القرارات التي تهمه وتحدد مستقبله .

من هنا فأنني كمواطن اردني أتمنى على السلطتين التنفيذية والتشريعية ان تأخذ بعين الاعتبار هذه المدلولات العامة لخطاب جلالته في التكامل والتشارك والتعاون حتى نستطيع ان ننهض في الواقع التشريعي والمعاشي والخدمي لمواطنا الأردني الصابر الصامد.

اما بالنسبة لسلطة القضائية فأنني ادعوه الى الاخذ بعين الاعتبار خارطة الطريق التي وضع خطوطها العريضة جلالة القائد المفدى في ورقته النقاشية السادسة في ملمحين اثنين اولا سيادة القانون وعدم المحابة والتفرقة على أي أساس اما الملمح الثاني فهو الإسراع في البث في قضايا الناس من خلال تطوير السلطة القضائية ليتكامل دورها مع السلطتين التشريعية والتنفيذية ونكون بذلك قد بعثنا رسالة ايجابية لجلالة الملك المفدى ورسالة واقعية لمواطنا بأن السلطات الثلاث مسخرة لخدمته بشكل واقعيا وحقيقيا وان المواطن هو المحور الحقيقي الذي يجب ان تتمحور حوله كل القرارات .

فايز بصبوص الدوايمة



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات