الوظيفة الثانية .. ضرورة ملحة لتأمين متطلبات الحياة!


جراسا -

لم يعد التفكير بوظيفة أخرى، سببا لادخار جزء إضافي من المال يترك للزمن. إنما البحث عنها يأتي كحاجة ملحة وضرورية لتأمين المتطلبات الأساسية، خصوصا مع ارتفاع الأسعار وعدم القدرة على تسديد التزامات الأسرة كافة.

وتأتي الظروف الاقتصادية الصعبة، لتكون سببا أساسيا في البحث عن وظيفة ثانية حتى لا يقع الشخص بمطب الاستدانة.

ويقضي خالد سليمان ساعات طويلة متصفحا لمواقع التواصل الاجتماعي بحثا عن وظيفة أخرى لزيادة دخله الذي لا يكفي لتغطية أكثر من نصف متطلبات البيت والعائلة. يقول "لم يعد راتبي الذي أتقاضاه يكفي لتأمين احتياجاتي واحتياجات عائلتي"، متابعا أن متطلبات الحياة تزداد باستمرار وحاجات البيت والأسرة بنمو سريع ومن دون توقف، ما يلقي على كاهله عبئا كبيرا.

وكان سليمان يبحث في السابق عن وظيفة ثانية لكي يحسن دخله وتكون لديه الفرصة لادخار مبلغ من المال، إلا أن الوظيفة الثانية أصبحت لا تقل أهمية عن الوظيفة الأولى لتأمين المتطلبات اليومية. وهذا ما قاله أيضا بشار الكردي الذي يبين أن الراتب الذي يتقاضاه هو وغالبية الموظفين يكاد لا يكفي لسد الالتزامات الشهرية التي لا مفر منها.

"الراتب يا دوب يكفي إيجار البيت وفواتير الكهرباء، الماء والهاتف ولم نشترِ شيئا بعد"، يقول الكردي، الذي يذهب إلى أن الحياة اختلفت كثيرا عن السابق، فما كان من الكماليات أصبح الآن من الأساسيات، كما أنه لا يمكن تجاهل المناسبات الاجتماعية واحتياجات الأبناء بحجة الوضع الاقتصادي.

وتوافقه الرأي بيسان فؤاد التي تعمل معلمة في إحدى المدارس وبعد انتهائها من العمل تلتحق بأحد مراكز التقوية لإعطاء دروس، لافتة إلى أن حاجتها لعملها الثاني ليس خيارا وإنما هو حاجة ملحة.

وتضيف "الوظيفة الثانية تستنزف مني ثلاثة أضعاف الوظيفة الأولى"، متابعة أن العمل الثاني يأتي على حساب صحتها، راحتها ووقتها الذي تمضيه مع زوجها وأولادها، فالحياة تزداد صعوبتها يوما بعد يوم وبات تأمين لقمة العيش أمرا صعبا.

أخصائي علم الاجتماع الاقتصادي حسام عايش، بدوره، أشار إلى أن التغيرات الاقتصادية المتوالية والمتسارعة والمشهد الاستهلاكي المتسارع والمتغير وطبيعة الحياة أدت إلى تغير مفاهيم الناس في الاستهلاك.

ويردف "إن ارتفاع الأسعار وزيادة الغلاء وتغير أولويات الناس أدت إلى أن يبحث المواطن عن فرصة عمل، وأخرى إضافية حتى يوازن بين متطلباته الاقتصادية، علما بأن هناك من يبحث عن ثالثة أو رابعة".

ويتراوح متوسط دخل الفرد الأردني شهريا بين 310 و320 دينارا وفقا لحجم الناتج المحلي، وفق عايش، الذي يبين أن معظم المواطنين وبنسبة قد تصل لـ70 % لا يحصلون على هذا الدخل، الأمر الذي يدفعهم للبحث عن وظيفة أخرى.
ويعزو عايش لجوء العديد من المواطنين إلى الوظيفة الثانية إلى الرواتب القليلة وما يفرض على المواطنين من رسوم وضرائب يؤدي إلى حدوث عجز بين الرواتب، الأمر الذي يوقع الشخص في مطبات الديون.

ويلفت إلى وجود بعض المشاهد الاستهلاكية التي تفرضها الحياة مثل الأجهزة الخلوية، اللبس، الترفيه عن النفس والمشاركة في المناسبات الاجتماعية تزيد كذلك من إنفاق الشخص.

وتترتب نفقات جديدة كالحضانة والمدرسة في حال كان الشخص متزوجا ولديه أطفال، كذلك وسيلة النقل التي أصبح من الضروري وجودها في كل منزل، كل هذه الأمثلة تؤدي إلى مزيد من استهلاك طاقة الإنسان ومشاكل داخل الأسر، يرافقها الإرهاق والضغط النفسي الذي يتسبب بتباعد بين أفراد الأسرة.

ويقول "آن الأوان لتغيير النمط الاقتصادي السائد بما يرفع دخل الفرد"، ويعفيه من البحث عن وظيفة أخرى، خصوصا وأن الوظائف الثانية غالبا ما تكون من دون ضمانات أو تأمين لذلك هذه إشكالية، لاسيما وأنها متغيرة بشكل دائم ومستمر.

ويشاركه الرأي الاستشاري الأسري ورئيس جمعية العفاف مفيد سرحان، الذي يقول إن الظروف الاقتصادية فرضت على الكثيرين البحث عن عمل آخر، وذلك يعود إلى ارتفاع تكاليف الحياة وتدني مستوى الدخل.

ويرى أن تنامي ظاهرة الاستهلاك والتقليد للآخرين وغيرها من العوامل الاجتماعية فاقمت من الأعباء الاقتصادية عموما.

ويتابع أن العمل لساعات طويلة يؤدي إلى ضغوط نفسية على رب الأسرة من حيث قدرته على التعامل مع ما ينتج من مشكلات داخل الأسرة أو العائلة أو الأقارب والأصدقاء، وكذلك يؤثر على العلاقة بين الزوجين، خصوصا عندما تكون الزوجة عاملة، حيث يقلل من فترات التقاء الأسرة.

ويلفت إلى الآثار السلبية القوية التي تتسبب بها تلك الأعباء على الزوجة، كما أنها على الأبناء ليست أقل ضررا؛ إذ إن مهمة متابعة الأبناء سواء في المجال التربوي والتحصيل الدراسي للأم وهي غير قادرة على هذه المهمات وحدها.

وتتطلب الوظيفة الثانية من كلا الزوجين القدرة الكبيرة على تنظيم الوقت والعمل بحزم على الابتعاد والتقليل من ثقافة الاستهلاك والحد من المصاريف غير الضرورة والكماليات للتقليل ما أمكن للحاجة للعمل الإضافي أو الوظيفة الأخرى، فضلا عن الأضرار الصحية على الرجل أو رب الأسرة عندما يضطر إلى الوظيفة.

ويؤكد سرحان ضرورة المواءمة والموازنة بين الحاجات المادية، النفسية، الطبية والتربوية في كثير من الحالات، لاسيما وأن مقدار العمل الإضافي لا يساوي مقدار الخسارة التربوية، الصحية والنفسية. الغد



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات