خواطر عن الخريف


قد امطرت السماء هذه الليلة اخيرا في عمان الاردن. فقدم فصل الخريف خيره اخيرا و ابتل تراب الارض و زرعها و اوراق الاشجار التي تقاوم الريح لتبقى معلقة بالاغصان و هي تعلم بأنها تخسر امام ارادة الطبيعة...فهي تصفر و تذبل برفق و تسقط على الارض كقطرات المطر التي تنساب من عليها و على الزرع من حولها...تسقط على الارض كدموع الطفل الرقيقة التي تنساب من عيونه البريئة و تداعب وجنتيه الناعمة.

و مع اشتداد هطول الغيث تقطف ما تبقى منها هبات الريح القوية الأتية مع الغيوم السرمدية من على الاغصان لتتعرى الاشجار من كسوتها النضرة و تنثرها في الاحياء و الشوارع من حولنا...فيعلن فصل الخريف سلطانه على طبيعة المدن و الغابات في بلادنا...فتهاجر العصافير من وجه هذا المارد البارد حينما تفتقد حنو الورق و ظله الربيعي عليها و تتذكر بلاد تشعر فيها بدفئ قرص الشمس...فتعشقها سماء الله أخيرا و تنطرب لاسرابها المهاجرة نحو بلاد جديدة و ارض جديدة لتغرد فيها و في وديانها الرحبة و الواسعة...ازف اوان هجرة العصافير الى اعشاش تصنعها في حضرت شروق ربيعي ساطع جديد في بلاد تبعد عنا ألاف الاميال ليحل مكان تغريدها في مدننا الحبيبة نوء الريح و ايقاع الامطار المنهمرة خارج نوافذنا و الرعود التي تأمر الغيوم بان تلقي بحملها الرطب على ارضنا العطشة لها...

يا خريف...اصفرت الاوراق بهجة بقدومك و احمرت بعضها من الخجل لأن قدومك غزل الطبيعة...فهي مشتاقة لغيثك و بردك بعد ان غبت ثلاثة فصول عنها...فلا تبارح مكانك من ديارنا قبل ان نستمتع بمطرك الهادئ و الوان الطبيعة البهية التي ترافق قدومك و ايقاع امطارك الرقيقة و بردك الذي يسبق انجمادات الشتاء القارصة...غزلك بالطبيعة جميل جدا و يبهج الفؤاد فهل في يديك ريشة مع هبوب نسماتك المتتالية تلون بها اوراق الاشجار التي اصابها الوهن مع قدومك؟ تلونت الطبيعة اصفر و احمر بقدوم غيثك المبارك الذي يغذيها و كأنها عروس ما إن بلغت سن متقدمة اعطتها الطبيعة زينة جديدة بدل الربيع الذي غادرها لتبهر البشر بصنع القدير و بجمالها الفتان...ضفائرها اغصان تفرعت حبا بك و اوراقها المتساقطة دمعها الذي تذرفه فرحا بقدومك و امطارها زفة الطبيعة لها فانت ايها الخريف عروسها الذي طالما اشتاقت لرؤيتك و لحضنك الحنون.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات