جورج بوش .. ليس فشلاً .. إنه فاحشة الألفية الثالثة


 

مع انتهاء سنوات بوش الثمانية في البيت الأبيض، والتي مارس خلالها الحكم والتحكم في عباد الله وبلدانهم.. في شتى أصقاع الأرض، يحق لنا أن نتوقف قليلاً ـ لأخذ بعض النفس ـ والنظر إلى تلك السنوات العجاف، قبل أن ندخل في حقبة جديدة مع البيت الأبيض وسيده الجديد.

بالطبع يتذكر العالم والأميركيين خصوصاً الحملة الانتخابية للرئيس بوش قبل ثماني سنوات والتي كان أهم أهدافها، تحسين الوضع المعيشي للأميركيين من خلال نظام ضريبي يحقق الانتعاش للطبقة الوسطى ـ عصب الحياة الاقتصادية ، على رأي بوش آنذاك.. إضافة لمكافحة المجاعة والفقر والأمراض عالمياً والسعي نحو تحقيق السلم الدولي من خلال النظام العالمي الجديد، وما بعد الجديد.

ثم ما لبثت أن وقعت أحداث 11/ سبتمبر حتى أعطته الذريعة لطرح وتنفيذ موضوعة الحرب على الإرهاب والسير قدماً نحو عالم جديد يسوده السلام والديمقراطية والحريات العامة .. وما إلى هنالك من أفكار وأهداف يحملها المحافظون الجدد.

بدأ بوش آنذاك بحملته على أفغانستان للقضاء على طالبان والقبض على أسامة بن لادن والملا عمر وأيمن الظواهري وغيرهم من قادة القاعدة المسؤولين عن دماء أكثر من ثلاثة آلاف أميركي قتلوا تحت أنقاض مبنى التجارة العالمي.. ثم تبعها بحرب شاملة على العراق لتدمير أسلحة الدمار الشامل والقضاء على نظام صدام حسين وبناء نظام ديمقراطي قائم على الحريات العامة والمجتمع المدني... إضافة إلى (خريطة الطريق) لحل مشكلة الصراع العربي ـ الإسرائيلي، فضلاً عن شعاراته ضد إيران (النووية) وفنزويلا (شافيز) وسوريا داعمة (إرهاب) حزب الله وحركة حماس!!

وربما هناك الكثير من (مشاريعه) التي أصبحت طي النسيان، مثل دمقرطة السعودية ومصر وحل مشكلة دارفور والاتجاه نحو أوروبا الشرقية لـ(قصقصة) الدور الاستراتيجي الروسي فيها وفي الشرق الأوسط سواء... وغيرها الكثير مما طرحه جورج بوش خلال سنواته الثمانية.

اليوم يودع جورج بوش البيت الأبيض حاملاً معه جميع ملفاته تلك ولسان حاله يقول (كأنك يا بو زيد ... ما غزيت).. فجميع مشاريعه تلك باءت بفشل ذريع.. فشل يشبه الأعمال الفنية الفانتازية على طريقة (بهلول) والدوغري) و(الزعيم) .. وأعمال طيب الذكر عزيز نيسين في سخريته من الساسة والسياسة في آن.

على باب البيت الأبيض سيجد جورج بوش أن هناك صورة كبيرة لأسامة بن لادن مع الملا عمر وأيمن الظاهري أحياء يرزقون، يخططون للعودة المظفرة إلى حكم كابول الطالبانية اليوم بامتياز.. تلك الصورة التي ستظل تؤرق الإدارة القادمة للديمقراطيين على الأغلب أو للجمهوريين سواء.

وسيجد أيضاً صورة كبيرة لعلي خامنئي وهو يحتضن محمود أحمدي نجاد مشيراً إلى جحافل (العباد والمؤمنين) من الإيرانيين المسلحين بالعقيدة النووية.

وربما ستؤرقه صورة لصدام حسين بزيه العسكري وسيفه المسلول خارجاً من قبره وهو يدوس ثانية على صورة جورج بوش الأب وقد جمعها مع صورة الابن أيضاً... فضلاً عن أنه سيعاني من كوابيس المالكي وصولاغ والحكيم والطالباني وبرزاني وهم يلحقون به نحو مزابل التاريخ شأنهم شأن الكثير من العملاء الذين تواطئوا على كرامة شعوبهم وحرمة أراضيهم وسيادة بلدانهم الوطنية.

وربما سيجد صورة تجمع زعماء دول أميركا اللاتينية، الفناء الخلفي للولايات المتحدة، فنزويلا وبوليفيا وكوبا والدومنيكان وهندوراس ونيكاراغوا والبرازيل، وهم يرفعون "البديل البوليفاري" لمواجهة (غطرسات) المحافظين الجدد، والسير بخطى حثيثة نحو أميركا لاتينية مستقلة عن أية هيمنة للولايات المتحدة الأميركية عليها.

ومن المؤكد أنه سيجد فاتورة حساب عالمية، باهضة وفاحشة، تقدر بأكثر من ستة تريليونات دولار هي قيمة الدين العام الذي تنوء تحت وطأته الخزينة الأميركية اليوم.

والأهم بالنسبة لأميركا أن جورج بوش سيجد أمامه وهو خارج من البيت الأبيض غير مأسوف عليه أن هناك ستة ملايين أمريكي  وقد انضموا إلى طابور الفقراء المدقعين.. جراء الأزمة الاقتصادية التي تعصف بأحياء أميركا وأريافها ومدنها.

هل يكتفي الأميركي اليوم بالقول أن جورج بوش هو أسوأ رئيس في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية.. أم أن تجربة المحافظون الجدد قد علمته، كما علمت العالم أجمع، أن سياسات التهور والغطرسة لا تقود إلا إلى مزيد من الدمار والخراب العالميين.. وأن الإدارة القادمة لأميركا عليها أن تتحلى بالتبصر و(اتقاء الله) في الشعوب ومصائرها وعلى رأسها الشعب الأميركي؟!!



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات