الشبول: "التسامح" يجفف خطاب الكراهية .. وبدارين :"الهويات الفرعية" تغذيه


جراسا -

ايهاب سلامة - يحمل خطاب الكراهية الذي بات ملحوظاً بشكل متزايد هذه الايام على بعض وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي خصوصاً، مؤشرات خطيرة لا ينبغي السكوت عنها وتركها دون دراسة وتفنيد وتمحيص والعمل على صدّه وتجفيف منابعه، وبات يعكس سلوكاً بشرياً شاذاً وحالة تؤشر الى وجود أزمة مجتمعية يتم ترجمتها الى خطاب متشدد متطرف ومتشنج من قبل البعض، يرفض الحوار مع الاخر والتعايش معه، بل ويصل الى حد التخوين والتكفير واباحة دمه.

مصطلح "الكراهية" مقيت بحد ذاته كمعناه.. وهو شعور شخصي بحالة من عدم الحب والكره تجاه شخص أو فئة، قد يأخذ اطواراً متشددة اخرى تتعدى المشاعر، ليترجم من اقوال الى افعال، في وقت اسهمت فيه ثورة الاتصال التي اتاحت للجميع ان يكون مشاركاً في العوالم الافتراضية بتغذية هذا السلوك، وتسهيل ايصاله وتداوله.

محلياً، وان كان ذات الخطاب القميء لم يصل الى حد "الظاهرة"، الا انه بات حالة تعبر عن سلوكيات هجينة وغريبة بل مرفوضة على مجتمعنا الذي طالما كمن السر في منعته وتماسكه لفظه لهذه الخطابات جانباً، لتطفو كل تارة واخرى خطابات تحريضية هنا وهناك، لا تمثل بحال من الاحوال فئة او ديانة ولا شريحة مجتمعية بحد ذاتها بقدر ما تمثل سلوكيات سلبية شخصية، مسيّسة احياناً، واخرى بدوافع فردية انما معرضة للنمو الذي تهيئه لها حواضن مواقع التواصل وبعض وسائل الاعلام التي تغذي عن قصد او جهل هذا الخطاب وتستثمره، سيما في غياب قوانين ضابطة.

مدير عام وكالة الانباء الاردنية الزميل فيصل الشبول، رأى في حديثه لـ"جراسا" أن كل ما يتعلق بخطاب الكراهية ناجم بالاصل عن "ثقافة التطرف" التي أكد انها غريبة على مجتمعنا.

وصنف الشبول خطاب الكراهية الى نوعين اثنين، الاول وهو ما وصفه بـ "الأعم والاغلب"، ورأى ان مسبباته بالاساس تنجم عن الجهل أولاً وأخيراً .. فيما صنف النوع الثاني بـ الأقل والمقصود، من قبل فئة اما غير راضية، او وفق مصالح ، وكذلك بعض الخطابات المرتبطة باوضاع الاقليم الخطيرة التي باتت بيئة خصبة للتطرف والعنف.

ورأى الزميل الشبول ان مكمن الخطورة في هذا الخطاب حينما يتحول من موقف شخصي الى موقف عنيف .. مشيراً الى خطابات الكراهية التي تبثها جماعات متطرفة وجدت حواضن لها في بعض دول الاقليم وتمارس ابشع انواع الارهاب، باسم الدين الذي اختطفته ولخصته في خطابات كراهية ضد الاخر.

وبين الشبول بان خطاب الكراهية لم يكن يوما محصوراً بفئة لوحدها ولا بمنطقة دون الاخرى مشيرا الى ان اوروبا قد ذاقت الامرين واكتوت هي الاخرى جراء خطابات الكراهية التي ترجمت الى تشظيات طائفية دفعت ثمناً باهظاً لها.

وأوضح أن المجتمعات الاوروبية المتصارعة قد وصلت في اخر المطاف الى معادلة و "كلمة السر" التي استطاعت أن تخرجها من بوتقة الصراعات التي مرت بها وهي: "التسامح".. مبيناً ان المجتمعات الاوروبية استبدلت خطاب الكراهية بخطاب التسامح، ولغة الحوار، ما جنبها ودولها ويلات الصراعات والحروب، بل وكانت السبب الابرز لرقيها وتطورها والارتقاء بها.

واعتبر الشبول انه حيثما ساد التخلف والجهل في المجتمعات يبرز خطاب الكراهية وتبعاته المقيته، وحيثما ساد التسامح تسود لغة الحوار ويُنبذ خطاب الكراهية والعنف وتجفف منابعه.

وفي الحالة العربية رأى الشبول ان الاردن ورغم موجات اللجوء والنزوح ومحيطه الملتهب، شكل حالة نموذجية للتسامح لدول المشرق العربي عموماً، مؤكداً أن ما نشهده اليوم على بعض وسائل الاعلام ومواقع التواصل سواده الاعظم ينبع من "العوام"، ومن اشخاص على جهالة ينقلون ما يقرؤون دون تمحيص، مشيرا في ذات الوقت الى وقوف بعض من يحملون اجندات لغاياتهم ومصالحهم خلف بعض خطابات الكراهية التي لا يريدون بها الخير ابدا.

الكاتب والمحلل السياسي الزميل بسام بدارين عبر بدوره عن أسفه لخلو ترسانة التشريعات الأردنية ما "يجرم" الترويج لخطاب الكراهية ، ورأى أن الحاجة باتت ملحة وطنيا لسن قوانين تجعل ممارسة الكراهية والترويج لها جريمة جنائية يحاكم عليها القانون خصوصا في هذه الأيام الصعبة والمعقدة التي تراهن فيها الأجندات الدولية على خطاب الكراهية لإدامة الصراع وإستغلال المنطقة وتكريس هوياتها الفرعية.

واعتبر بدارين أن مشكلتنا في الأردن مثلا وحصريا ان الدولة رغم تجربتها الكبيرة والممتدة لـ 90 عاما لا تتجرأ ولا تريد ان تتجرأ على تعريف "المواطن الأردني"، وأكد أنه بدون تعريف دستوري وقانوني لهوية المواطن في اي مجتمع فلا مجال إلا لبروز الهويات الفرعية بكل اصنافها ..واضاف: "هنا تحديدا ترتع الكراهية وتولد وتنمو وتجد بيئة خصبة في طبقات المجتمع خصوصا غير المتعلمة او المنطوية على ذاتها".

ورأى أنه بالنسبة للسلطة يتم الإستثمار في خطاب الكراهية فهو صالح لتمرير الفساد ومظاهر الغرور وللعزف على أوتار الرغبة والشارع ..واردف : هذا ما حصل في الماضي ولا زال يحصل، واشار الى أن السلطة تتصور واهمة بان السماح بالهويات الفرعية وخطاب الكراهية عبارة عن وسيلة إنتهازية مباشرة ورخيصة الكلفة لسيادة الدولة والموقف الرسمي بدلا من القانون.

واعتبر بدارين ان الكراهية باتت مساحة للإستثمار الرسمي في الكثير من الأحيان، مشيراً الى أنه وفي العالم العربي بعد وخلال الربيع العربي ثبت ان هذه المساحة غير منضبطة، ولا يمكن توقعها، ولا الإستمرار في السيطرة عليها.




تعليقات القراء

MANAL RABADE
اعلامييان ولا اروع منهما .. كل الاحترام
11-10-2016 08:09 PM
بتراوي
ابو عمر اطال الله بعمرك
11-10-2016 10:05 PM
ابراهيم محمد خوالدة
نعم الاردن لم تعرف ما هو او من هو المواطن الاردني واسرائيل لم تحدد حدودها مسألة او موضوع بحاجة الى نقاش .
12-10-2016 08:14 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات