دم حمزة .. وشفتا هند!


اعادت الاحتلالات انتاج نفسها. لم تبق في اي بلد عربي. غادرت حتى لا تتكبد ثمن الدم. وحتى لا تستسقي الثورات الشعبية ، فالاحتلال يُوّلد الثورة ، والثورة توّلد شعوبا حية ، والمُحتل حسبها ، فوجد ان ادارة الدول بالوكالة ، عبر وجوه عربية ، وشعوب ميتة ، خير من احتلال وثورات وشعوب حية.

العرب. فقاعة سكانية. هذه الايام. يأكلون ويشربون ويتناسلون. الجبن والخوف والجهل والغضب اللغوي صفات متوارثة. لان العربي تم سلبه امرين. النور في قلبه ، والفطنة في عقله. غالبية العرب تجمعات متناحرة سياسيا ومذهبيا وعرقيا ودينيا ، ومن انجازات الادارات المحلية في العالم العربي ، التي عجز عنها الاحتلال ، تفسيخ الشعوب ، واثارة الكراهية والنعرات. سني وشيعي. شمالي وجنوبي. مسلم ومسيحي. عربي وبربري. عربي وكردي. وقد كنا ندعو الله ان تتوقف القسمة على اثنين في عالم العرب ، فاذا بنا في دول معينة نرى القسمة على ثلاثة واربعة وخمسة ، وهكذا كل شيء ينشطر ، والخنجر المسموم في يد العربي لاخيه وابن جلدته.

ادارة الدول بالوكالة عن الاحتلالات ، عبر وجوه وسحن شرق اوسطية. فن جديد. اثبت جدواه. العربي يتم رمي الفتات له بيد الادارات المحلية ، وانهاكه ماليا واجتماعيا. وسلب ثروات البلد وقروش الناس وحقنه بتعليم سطحي. وملاحقة الاحرار. وقطع اعناق المفردات الحرة بات سمات اساسية. شعوب ترقص وتُصّفق ليل نهار. وفي احسن الحالات تشتم الوكالات المحلية ، في الفراش الدافىء ليلا وسرا ، حتى لا يسمعه احد. هذا اذا لم يشك العربي اساسا في ان الشيطان عميل يُسجل له انفاسه وكلماته وهمساته ، باعتباره يرانا وقبيله ، من حيث لا نراهم. الاستقلالات الكرتونية ثبت انها كانت خدعة احتلالية. رحلت الوجوه الشقراء ، التي تلكن بالعربية ، وسلمت الشعوب والموارد باعتبارها بلديات صغيرة ، لوجوه سمراء تجمع المال وتسدده الى الخزائن الكبرى ، وتدوس بقدم من حديد على الوجوه التي قد تعترض.

الدم المهدور وارواح الشهداء باتت ثمنا رخيصا. الثورات في العالم العربي ايضا فاوضت وساومت ، واكتشفت في ليلة صحراوية تحت ضوء القمر ، الشاهد الوحيد على الخيانات السوداء ، ان الصفقة مع المحتل ممكنة. المُحتل يخرج والثائر يحكم. المحتل يخرج والثوار يُصّفون بعضهم البعض. المحتل يخرج وتتحول مهمة الثوار الى تصفية الروح الحية التي تم ايقادها في هذا الشعب او ذاك.

الا تلاحظون ان اغلب الدول العربية اليوم ، تمر بظروف اسوأ ما فيها انها اسوأ من بقاء الاحتلالات.هل هذا تباكي على الاحتلالات؟ طبعا لا. المفارقة تكمن في اكتشافنا ان العملية كلها تغيير وجوه ، وهذه المنطقة مُبتلاة على مر التاريخ. كأننا لم نخرج من داحس والغبراء ، ولا كربلاء ، ولا ردة المنافقين. رأس الحسين كما هو جسد حمزة بن عبدالمطلب ، ما زالا ينزفان. القتل يومها كان تشريعا يسمح بالانقلاب على كل شيء ، وللانقلابات مُسميات واسماء. النتيجة واحدة في نهاية المطاف. من تأكل كبد حمزة ، هند آكالة الكبود ، لم تمت ، وبيننا كل يوم من يأكل اكبادنا ، ويشويها ايضا ، ويقدمها للاشقر المحتل من بعيد على طبق من فضة. هند لم تكتف بالقتل يومها ، بل شقت بطن حمزة عبر "وحشي" واستمتعت بأكل كبده ، وذرية "وحشي" بالملايين.

كل الشعوب تُبتلى بالاحتلالات ، وتؤسس الثورات ، وتفوز ، وبعد فوزها ، يُشرق الزهر من اكف الشعب الذي تحرر. عندنا في عالم العرب ، القصة مختلفة. يحل بلاء الاحتلال. ثم يغادر. فيحل بلاء الادارة بالوكالة للشعب نيابة عن الاحتلال ، واعلى درجات الوكالة. تلك الوكالة التي ينتزعها الثوار ، فيخلعون الكاكي ، بعد عام. يأكلون اكباد بعضهم ثم يتفرغون لاكل اكباد شعوبهم. والعنوان مُلتبس والشعوب راكعة ومُركعة. انينها مسموع في كل مكان. والقتل على يد الاحتلال اهون من الامية والجهل والفقر وسرقة اموال الشعوب ، وسجن الاحرار.

دم حمزة يسيل وشفتا هند ما زالت غارقة في الدم ، فيما يُولد كل يوم ، وحشي ، من حيث لا نحتسب.

الدستور

 


 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات