جراسا -

محرر الشؤون المحلية - لم توفق الحكومة بموقفها على لسان ناطقها الرسمي وزير الدولة لشؤون الإعلام محمد المومني بوصفه المعترضين على تعديل المناهج الدراسية بأنهم "ضالون" و"أصحاب أجندات سياسية "، بل كان الاجدر بها وبه فتح باب الحوار وطرح مبرراتها العلمية الموجبة لتعديل المناهج بالشكل الذي لاقى استياء شعبياً عارماً، بدلاً من كيل الاتهامات لمعارضي تعديل المناهج الذين يبلغون السواد الاعظم من الشعب الاردني، وفق ما يتم رصده يومياً على مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الاعلام من مواقف شعبية غير مؤيدة للقرار.

الخطاب الحكومي المتشنج الذي أدلى به المومني في برنامج " الأردن هذا المساء " والذي بثه التلفزيون الأردني مساء الاحد، لم يكن هناك اي داع له أبدا، فقد لاقى ردود افعال اولية غاضبة من قبل نشطاء مواقع التواصل، عبروا فيها عن استيائهم لوصف الوزير المومني لمعارضي المناهج بانهم "ضالون"، معتبرين أنها "وصاية حكومية" على اراء المواطنين، وحرياتهم في اتخاذ مواقف طالما لا تتعارض مع القانون ابدا، لم يكتف الوزير المومني بمصادرتها منهم بل وكال الاتهامات بالضلال لمن يعارض توجهات حكومته ..

بطبيعة الحال، لا تمت تصريحات المومني من قريب او بعيد لجوهر الديمقراطية الحقيقية القائمة على تقليب الاراء وتقبلها بصدر رحب كل من الاخر، حكومة وقوى سياسية ومواطنين، بل تعدت تصريحاته الامر لتصف المعارضين لتعديل المناهج بانهم "اصحاب اجندات خاصة"، الامر الذي نحن في غنى عنه، لندخل في دوامات تبادل التهم والقائها كل على الاخر، بينما يفترض أن يعرض الرأي الحكومي على الشعب والرأي العام، مستنداً الى ضرورة علمية وعملية، وحجج دامغة، تبرهن ضرورات التعديل على المناهج لا ان تكتفي باقصاء الاخر واتهامه.

التلفزيون الرسمي بدوره، كان يتوجب عليه أن يشرك نقيب المعلمين مثلا في الحلقة التي تفرد بها المومني وحده، من باب الموضوعية والامانة المهنية، ليدلي كل بدلوه في الامر، لا ان تترك الشاشة للرأي الحكومي وحده مخضباً باتهامات لمعارضي تعديلات المناهج، دون ان يتسنى لواحدهم الرد عليها وتفنيدها.

ويبدو أن الوزير المومني الحذر دوما في تصريحاته ويحسبها على الميزان بكل اتزان دون دخوله في جدليات فكرية واعلامية، قد خرج عن سياقاته المعتادة، الامر الذي يعد سقطة له، بل للحكومة التي ينطق باسمها، والتي لا يجوز لها اتهام شريحة شعبية واسعة تعارض أي من قراراتها بهذه الطريقة، انما يبدو أن لكل حصان كبوة، وربما تكون غلطة الشاطر بالف غلطة.