مع اطلالة العام الهجري الجديد


تنهض الأمة وتستشرف آفاق المستقبل بوعيها ودراستها المعمقة لتاريخها، مع محافظتها على ثوابتها التي تؤسس وترسخ لها البقاء كأمة عرفت الأمم، ما قدمته للبشرية في مجالات العلوم والمعارف المتنوعة، كل ذلك بتأثير وفضل العقيدة الإلهية التي حولت مسار الإنسان من مقدس وعابد للمخلوقات إلى موحد وعابد لله تعالى، وما تبق من تغير جذري للنظرة الشمولية للإنسان والكون والحياة، بحيث أصبح للإنسان قيمة ومكانة يؤخذ برأيه لأنه يشارك في بناء مؤسسات أمته بعلمه وجهده، ولا يعيش في عزلة فكرية أو شعورية أو نفسية عن الأمة.

انقضى عام من عمر الأمة العربية والإسلامية، وأشرق عام جديد، ونحن نتذكر هجرة الرسول الكريم، يوم أن هجر الباطل والكفر والمشركين، وهاجر إلى المدينة المنورة ليؤسس الدولة الإسلامية التي انطلقت فيما بعد تبشر العالم بنور الرسالة الخاتمة عقيدة وخلقاً وتشريعاً، هذه الرسالة العالمية التي لم تفرق بين الأجناس والألوان والأديان، وإنما خاطبت الناس بقوله عز وجل:" يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم" وبقوله عز وجل : " وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين" وينشر هذا الدين العظيم مكارم الأخلاق والفضائل، ويرسى معالم العلاقات الإنسانية الراقية بين المسلمين وغيرهم القائمة على الوسطية والإعتدال والتوازن الإيجابي في الإعتقاد والفكر والسلوك والممارسة، بعيداً عن الطائفية والعنصرية، والتشتت الذي لا يخدم قضايا الأمة ومصالحها العامة، ومحاربة لكل مظاهر التطرف والغلو، لأن رحمة الله للعالمين ودعوته لهم بالتواصل والإجتماع على كلمة سواء تتنامى مع التناحر العقدي والإجتماعي بكل أشكاله .

لقد خطت الأمة العربية الإسلامية خطوات يحسب حسابها في كل حقل من حقول المعارف الإنسانية والتطبيقية ، وكتب في سجل الخالدين العلماء الأفذاذ الذين نذروا أنفسهم لخدمة الدين والبشرية والعلم، فلم يحتكروا العلم والحقيقة، ولم يغتالوا العلماء خوفا من المنافسة، وإنما بسطوا ما توصلوا إليه خدمة للبشرية دون تمييز أو إستثناء، اعتقادا منهم أن العلم أرضيته محايدة فليس لإنسان أن يحتكرها لنفسه أو يبخل بها عن الآخرين.

وعلى أمتنا العربية والاسلامية ممثلة بالناشئة الشباب من ذكور وإناث، ووفاء لحق دينها ورسولها الكريم في ذكرى الهجرة الشريفة أن تمتثل للواجبات الشرعية وهي مصدر عزتها وكرامتها، وتحافظ على الينابيع الصافية كمرجعية رشيدة في حياتها العلمية والعملية استجابة لقول الرسول الكريم :" تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما أبداً كتاب الله وسنتي "، وعلينا أن نجدد العهد مع الله ثم مع رسوله الأمين لنكون أمناء دعاة مخلصين لمنظومة الإسلام الشمولية من عقيدة وعبادة وأخلاق وسلوك، وعلاقات داخلية وخارجية قائمة على تجميع القواسم المشتركة من أجل إرساء العدالة الإجتماعية في كل مناحي الحياة، حتى نحيي الأمل في النفوس، ونبعد شبح اليأس والقنوط من صدور وعقول الناشئين مقتدين برسولنا صلى الله عليه وسلم وصدق الله العظيم " لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر".



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات