انقذوا الموصل وحلب من جحيم اللهب


الإجتماع تلو الإجتماع والإتفاق يتبعه إتفاق والتصريح يسبقه تصريح والقتلى يسقطون بالعشرات ودي ميستورا يقبض رواتبه الشهريّة بلا أي ِّ خصومات رواتب من اموال العرب وسوريا المدفوعة للأمم المتحدة التي يكتفي امينها العام بالكلام امام المايكروفونات او بتصريحات للصحفيِّين , وهلّل الأمين العام وممثِّله لحل الأزمة السوريّة عندما توصلت روسيا والولايات المتحدة في التاسع من أيلول إلى اتفاق وقف إطلاق النار تضمن هدنة في سائر أنحاء البلاد وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية وإمكانية التعاون العسكري المشترك لاستهداف تنظيم الدولة وجبهة فتح الشام، وبعد ان استبشرنا بتلك الهدنة خيرا سرعان ما قطعت الطائرات الأمريكيّة ذلك الإنفراج بهجومها على قافلة المساعدات الإنسانيّة وجاوبتها الطائرات الحربيّة الروسيّة بأعتى قصف على مدينة حلب وما حولها تشاركها طائرات القوّات السوريّة بمهامِّها وهكذا فإن الاتفاق انهار فعليًّا بعد أسبوع واحد عندما تم قصف قافلة الإغاثة الإنسانيِّة قرب حلب.

ما بال العرب يرقصون في تلفزيوناتهم وملاهيهم ومقاهيهم لا تتحرّك لهم جفون خجلا ولا دموع حزنا وكأن من يموت هم من أضاحي العيد غير السعيد وكأنّ سوريا هي شقيقة ماينمار يتقتّل المواطنون فيها بلا عدد ولا عتاد وكما يُقتل البورميِّون فقط لأنهم مسلمون وهكذا يُقتل السوريّون لأنهم عربا وهكذا بات الإسلام والعروبة تهمتان يستحق أيُّ من مرتكب لإحداهما او كليهما عقوبة القتل والتنكيل به في نظر الأقوياء الكبار .

فهل باتت سوريّا وشعبها لعبة في يدي روسيا وامريكا والكورس المشجِّع لهما مثل إيران وتركيّا وبعض العرب والأوروبيِّن كما كانت منذ خمسة وعشرون عاما وما زالت عراق العزِّ والمجد حتّى غرقت في وحل الأمريكان والإنكليز فبات الفرات مائه علقما والنخيل شجره مقزّما والعروبة تحتضر في عاصمتي العبّاسيّين والأمويِّن فلا معاوية بسامع لهم ولا المعتصم بمجيب لإستغاثتهم وأمّا من استخلفوهم علينا فمشغولون في إدارة شؤون شعوب تبحث عن لقمة الخبز او بتأمين عيش وعلم وعمل للاجئين مشرّدين في صِقاع الدنيا الواسعة هاربين من جحيم اللهب الذي غزا بلادهم واستوطن منازلهم وشتّت اوصالهم ونحن العرب لا نستحي حيث كنّا قطعنا عِرق الحياء منذ رُبع قرن وبعض منّا استأصله منذ ما يقرب من ثمانون عاما وهكذا باتت حاسّة الإحساس الوطني لدينا شبه معدومة وبقينا نتباهى بحاسّة تذوُّق المأكولات والغرائز الشهوانيّة فقط وهكذا باتت بعض الشعوب الغربيّة تدعوا لتأسيس جمعيات الرفق ببعض العرب على ما يروه احيانا من بعض العرب في الدول الأوروبيّة من مهازل وتفاهات لا تنمُّ عن شعوب متحصِّرة بل بشر ذو عقول متحجِّرة .

وهل من الصعب ان يصمد وقف إطلاق نار في سوريا وخاصّة في حلب والمناطق المحاصرة الأخرى أم انّ الدول التي تبيع السلاح والدول التي تزوِّد المتحاربين بالمال والوقود والبيئة الخصبة لذلك التناحر على الحكم والأرض والسلطة وجميع المتحاربين يدّعون انهم يحاربو المنظمات الإرهابيّة والتي لم تُوجد من العدم ولا تستطيع اقوى قوّتين على الأرض إبادة تلك المنظمات دون عناء ولا قتل للأبرياء .

وبينما مجزرة حلب في أوجها ومستشفياتها اعتذرت عن استقبال المزيد من الجرحى بينما اراضيها لم يعد بها متّسع لقبور إضافيّة فهل منقذ !!!!!!

فإن معركة اخرى على وشك البداية في مدينة الموصل والتي تعتبر معقلا لتنظيم ما يُعرف بالدولة الإسلاميّة لإخراجهم ودحرهم منها , وقد اتفقت القيادات الأمنية في بغداد وأربيل وواشنطن خلال اجتماع عقد في أربيل على كيفية إدارة معركة الموصل, وعلى القوات التي ستشارك في هذه المعركة، مشيرا أن القوات العراقية كافة - بما فيها البشمركة والحشد الشعبي- ستشارك في هذه المعركة، ولكن دخول المدينة سيقتصر على قوات الجيش والشرطة المحلية.

وتضم الموصل عشرات آلالاف من المدنيين، وهي تقع على ضفة نهر دجلة وتحاصرها القوات العراقية والفصائل الشيعية المتحالفة معها، وحذر مسؤولون لأشهر من وقوع كارثة إنسانية داخل المدينة، حيث يعيش السكان تحت حكم تنظيم الدولة ويقولون إن إمدادات الغذاء تضاءلت فضلا عن ارتفاع أسعار السلع.

والمعطيات على الارض التي تخص مدينة الموصل تختلف عن تلك في الفلوجة وتكريت اللتان حرّرتهما القوات العراقيّة من تنظيم الدولة الإسلاميّة، فالقوات العراقية فرضت طوقا امنيا قاسيا وبقتال حام جدا استمر لثلاث اشهر حول تكريت قبل مهاجمتها، بينما الموصل وبشوارعها وكبر حجمها فسينتج عنه قتال صعب جدا، قد تتطلب وقتا اطول بكثير من مدينة الفلوجة ذات الــ 100.000 مدني، والتي يتوقع ان يكون سبعة اضعاف هذا الرقم من المدنيّين موجودين في وقت اقتحام المدينة عسكريا.

وإنّ العملية العسكرية لاستعادة الموصل، تتطلب محاصرتها، حتى من جانب الحدود السورية، لسد طرق الانسحاب على تنظيم داعش، وحجزه عن مدن وقرى يسيطر عليها على الحدود السورية وداخلها، قد ينسحب اليها ويستدعي تعزيزات تمكنه من استعادة قوّته حين تبدا المعركة النهائية، كما أنّ القوات الامريكية حاولت اقامة عملية عسكرية على الجانب السوري لتحقيق هدف المحاصرة، لكنها فشلت، تاركة مناطق مثل القائم جنوب الغرب، والبعج وتلعفر الى الغرب، والحويجة الى الجنوب الشرقي، بيد النتظيم.

الطريقة الوحيدة الاستراتيجية المتبقية لتحقيق حصار كامل على المدينة ويسفر عن تسهيل اقتحامها عسكريا وتقليل المدة المطلوبة لتحقيق ذلك، هي عبر ايجاد توازن منطقي بين كل من الفصائل الساندة، القوات الكردية، القوات الامريكية، والجيش العراقي، وهذا الامر صعب حاليا، حسب راي المحللين، كون القوات الساندة والكردية قد اصطدمت سابقا في معارك خلال حالات منفصلة، في الوقت الذي يطالب فيه بعض قادة الفصائل، باستهداف القوات الامريكية المشاركة بدعم العراق.

القوات المتوقع تحشيدها لمهمة محاصرة الموصل، ستتالف حسب المنظور الامريكي، من قوات الشرطة والجيش العراقية، القوات الساندة، القوات الكردية، فصائل مسلحة مناوئة لداعش من داخل مدينة الموصل نفسها، بالاضافة الى القوات الخاصة الامريكية ومستشاري التحالف الدولي، كما أنّ الحكومة العراقية ستكون المسؤولة عن تنظيم العمل بين هذه القوات المتعددة التي تكره بعضها، الامر الذي سيجعل من نجاحها في ذلك امرا استثنائيا ان تم.

والتقدم الذي يحرزه المسؤولون الامريكيون والعراقيون، في التخطيط لاستعادة مدينة الموصل، يجعل من تحريرها امرا قطعيا، لكن بصعوبات غير مسبوقة، ستؤثر على الزمن والكلفة.

ومن المتوقع الان، ان الحكومة العراقية بموقفها الضعيف، ستتحرك بشكل بطيئ نحو تطويق الموصل، مما سيؤدي الى امتداد العملية حتى عام 2017، بينما تتجاهل القوات الساندة المؤلفة من الميشليشيات، والقوات الكردية، الاوامر المناطة بها، وتقف الولايات المتحدة متسائلة، لما لم ير احد هذه الفوضى قادمة وكأنّ الأمريكان بعيدون عن كل ما يحصل في عراق العز وعاصمة الرشيد بعد هذا الدمار.

وترى الإدارة الأمريكيّة ان معركة الموصل ستكون صعبة جدّا وهذا ما ينذر بمجزرة اخرى كمجزرة حلب وقد تكون أقسى إذ ان معركة حلب استمرت حتى الآن سنين عديدة بينما معركة الموصل قد تأخذ اقل من عام ولكن الطامعين فيها عديدون كمعركة حلب والتي يطمح بها اكثر من طرف بالرغم من ان جميع الأطراف تُساهم في تدميرها ومسحها عن الخريطة فهل ينتظر الموصل ما يحلُّ في حلب حاليّا لا سمح الله خاصّة وأن إجتماعا عقد في المجلس المحلي لمحافظة كركوك ضم العديد من القادة الأمنيين العراقيين، وقادة في قوات البشمركة وقيادات في الحشد الشعبي للتنسيق المشترك لاستعادة قرى ومناطق تخضع لسيطرة تنظيم الدولة في جنوب محافظة كركوك ومناطق بمحيط الموصل .

لذلك يجب ان ندعوا الله ان يخفِّف محنة حلب والموصل وجميع الأرض السوريّة والعراقيّة ويحمي اهلها من الهلاك ومقدّراتهما من الدمار وعروبتهما من الضياع فهو القادر على ردِّ كيد الغزاة الى نحورهم .

حمى الله الأردن ارضا وشعبا وقيادة من كل سوء واحفظها برعايتك وحرص عيون قوّاتها الساهرة على حمايتها ورفع راية العزِّ رايتها .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات