إضاءة على نصوص "زهرة في حوض الرب"


جراسا -

 

بقلم : صابرين فرعون

وهي تجمع بين الرسالة والخاطرة، تتدفق مشاعر أمومتها بعفوية لتنطق المخبوء من الكلام،
إنها الكاتبة الفلسطينية سعاد المحتسب، في مزجها بين الرومانسي والوجداني، تأخذنا في جولة إلى دواخل المرأة المسكونة بهاجس الكتابة، هاجس لابد منه في استنهاض الروح التي كساها غبار الألم والحزن، فتتسلق الطفلة سلمها الموسيقي بريئة من كسورها وجروحها، وتكتب رسائل الأحلام المنكسرة في غياب طفلها عمرو، ورسائل الحضور للأم والأب والزوج والمجتمع..

يلحظ القارئ لنصوص سعاد المحتسب أن هناك tone رثاء، وذلك ليس بالغريب على فن الخاطرة كما الشعر، تتمثل بالموسيقى الداخلية التي تربط تفاصيل النص وتشتغل محل الكينونة الشعرية ذات الإطار النثري، فالعاطفة هي أساس تلك الذات التي ما زالت تنتهج طريقها في التغلب على فيض الحزن في الظل والعتمة، كذلك السفر لعوالم روحية أكثر أمناً وطمأنينة، بيد أنها تلخص لسرد واقع غربة الذات ووحدتها والفقدان والهجر وبالتالي هي تتحدث في مكنونات نفسية "سيكولوجية" متخمة بالأنا الأنثى "وجعها، فرحها، طفوليتها" وفي هذا كله هي تبحث عن شق لتنبت الزهرة في دورتها الحياتية بشكل طبيعي في حوض "العمر"..

تمازجت ذات الكاتبة واتحدت وطفلها عمرو، فكانت ثنائية الزهرة، وانطبق القول "الرحم بستان"، ذلك التلاقح يمثل الموت والحياة، والخط الواصل بين الاتجاهين يحتاج لوقفات كثيرة لاحتواء كم المشاعر التي تخالج الكاتبة لحظة البوح والحكي وفهم تجربتها..
أدوات الكتابة عندها، خامة بِكر، بمعنى لا تصنع أو تكلف فيها، وإنما عندما يقف عندها القارئ له أن يتخيل المشهد والكاتبة تفضي لسرد تجربتها واستشراف ضوء في نهاية النفق يبعث على القوة ومحاربة العواطف السلبية بالحب، كما في نصها الأخير "غيمة هاربة"، لتجد ضالتها، بداية جديدة:
لم أكتب مذ حرب وأكثر..
القصائد كغيمة هاربة
والصور تأتيني فرادى كنعاج عربية
كل ما فيَّ يستصرخ بصمت
حتى الموسيقى أسمعها خلسة
كلصّة مبتدئة تتضور جوعاً
وكلّ هذه الفوضى أرتبها عبثاً
أتوغل في اللاشيء وكل الأشياء بين يدي
هكذا يكون الضياع أكثر حرفة
وهكذا أعيد هندسة العدم...

هناك انزياحات لغوية وتصويرية رشيقة في نصوص سعاد المحتسب، تأخذ القارئ للغوص في عوالمها الجوانية، لاستيعاب دمج العاطفة بالمنطق العقلاني اللذين نراهما في الوقوف عند حيثيات تجربة الكاتبة ونطقها على الورق..
سعاد المحتسب، كاتبة فلسطينية، تحمل شهادة الماجستير في "علم جريمة وعدالة جنائية"، تعمل أخصائية اجتماعية في مكاتب الشؤون الاجتماعية في القدس.

"زهرة في حوض الرب" أول إصدار لها، وهو عن دار فضاءات للنشر والتوزيع\ الأردن.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات