كيف نتعامل مع الطفل عندما يفقد عزيزا؟


جراسا -

وقعت أم علاء في حيرة كبيرة، وتضاربت أفكار عديدة في رأسها حول كيفية إيصال خبر موت زوجها لأبنائها الصغار، فلم يكن أمامها سوى الاستعانة واستشارة الآخرين في الطريقة السليمة لإبلاغهم بهذا الحدث الذي ألم بالعائلة.

تقول أم علاء، "لدي ثلاثة أطفال تراوحت أعمارهم ما بين (5-10) أعوام، وكان خبر الوفاة مفاجئا لنا جميعنا، إثر تعرض زوجي لحادث سير مؤسف أودى بحياته، وأصبت حينها بصدمة كبيرة، ولم أعلم صراحة كيف اخبر أبنائي بالأمر، وما قدرتهم على استيعاب ما جرى لأعز إنسان على قلوبهم".

تضيف، "جلست مع أبنائي وبدأت أشرح لهم تدريجيا طريقة رحيل والدهم، ولم أتطرق لكلمة الموت كونها مؤلمة وقاسية، حاولت قدر الإمكان إيصال فكرة أن والدهم ذهب لمكان جميل، وهنا كثرت الأسئلة والاستفسارات من قبلهم، ولم يكن مني سوى الإجابة بأسلوب بسيط أقرب إلى تفكيرهم".

أم علاء كغيرها من الأهالي الذين يجدون صعوبة في التعامل مع أسئلة الطفل المتعلقة بالموت، خصوصا حين وقوع وفاة في محيطهم الأسري؛ كرحيل الأب أو الأم أو الأخ أوالجد والجدة وغيرهم، ويقف الأب أو الأم حائرين متسائلين عن الأمور التي ينبغي إيصالها للطفل.

أما أم معاذ فمن هول صدمة رحيل زوجها لم تلق بالا لطفلها لحظة رحيل زوجها، وبدت علامات الحزن والاستنكار على وجه معاذ ذي الخمسة أعوام، بعد الانتهاء من مراسم الدفن والعزاء، فقد علم من الآخرين بخبر وفاة والده فجأة، لكن فاجعة الأم والمقربين منه حالت دون فهمه وتقبله الأمر.. مما جعله يجلس طوال الوقت صامتا لا يتحدث مع الآخرين.

التفتت أم معاذ بعد عدة أيام لحال ولدها، وقررت أن تخفف عنه، فلم يكن منها سوى محاورته أكثر من مرة، لكن دون جدوى تذكر، ففي كل مرة تتحدث إليه يرفض الاستماع ويهرب بعيدا عنها، ما دفعها لاستشارة المختص التربوي في كيفية التعامل مع حالته هذه.

وهنالك أهال يرفضون فكرة إيلاغ أطفالهم برحيل عزيز عليهم، ويفضلون إخبار أبنائهم بأن والدهم أو والدتهم سافرا إلى بلاد بعيدة، ويعيش الطفل في (وهم) لا يتقبله عندما يكبر ويعي الحقيقة.

وهذا الأسلوب لجأ إليه والد الطفلين الصغيرين (سامر ورزان) فلم يستطع إبلاغهما بوفاة والدتهما إثر مرض عانت منه لسنوات طويلة، حيث طلب من إحدى قريباته أن تحتفظ بهما، لحين انتهاء بيت العزاء، والتأكيد على جميع المقربين إخفاء الأمر عنهما، والادعاء بأن الوالدة سافرت لإحدى البلدان لتلقي العلاج.

يقول الوالد، "استطعت إقناعهما بأن والدتهما ما تزال على قيد الحياة، خصوصا بأن أعمارهما صغيرة جدا، وهي 4 و6 سنوات، ورغم صعوبة الأمر، خصوصا بأنهما يطالبان دائما بسماع صوتها أو محادثتها، وحقيقة لا أعلم إن كنت سأتمكن من إخفاء هذا الأمر حتى يكبرا أم لا".

وبالعادة الأطفال في سن صغير من سنة إلى سنتين ونصف لا يدركون معنى الموت ولا الفقدان في رأي اختصاصي علم النفس التربوي د. موسى مطارنة، الذي يؤكد أن الموضوع يمر عليهم ويعبرون عنه بطرق مختلفة، ولن يستوعبوا فكرة الموت.

لذا يجب أن يشعر الطفل بالأمان والطمأنينة والهدوء والراحة، وفق مطارنة، بأن نقول له (الملائكة أخذت الأم لأنها تحبها ونحن نحبك وسنرعاك)، بمعنى أن نخلق له جوا من الطمأنينة والسكينة والتعويض عن الفقدان.
ويستدرك قائلا "لكن في سن الأطفال (3 سنوات وما فوق)، يجب أن نصارح الطفل بتوضيح فكرة الموت وفكرة الحياة بأسلوب قريب إلى نفسه عن طريق ضرب الأمثلة والقصص، حتى يستطيع استيعاب الأمر، وفي السنوات الأكبر من خمس سنوات يأتي الدور المهم في تقريب الفكرة لديه ليشعر بالحنان والحب وعدم العيش بفراغ".

ويضيف "كما على الأهل دمج الطفل بأنشطة، والتعاون مع المدرسة لخلق حالة من التفاعل، بحيث يستطيع الطفل الانشغال بها، والاندماج مع أجواء عامة تخرجه من دائرة التعلق الطفولي، خصوصا إذا كان الفقيد الأب أو الأم، وبلا شك يبقى الطفل متعلقا بوالدته أكثر، وهنا تأتي ضرورة توفير البديل حتى يستطيع الشعور بالحب والحنان والعطف ويستوعب الفكرة بشكل أفضل".

أما بالنسبة لقضية الكذب على الطفل بأن يقال له سافر الشخص وسيرجع، فيؤكد مطارنة على أن لها أثارا سلبية على نفسية الطفل، إذ أنه سينتظر طوال الوقت ويعيش على أمل عودة ذلك الشخص، ويصاب بصدمة عندما يكتشف الحقيقة.

وفي الأصل، كما يقول، أن يعلم الطفل ويتم شرح الأمر له بأسلوب قريب لذهنه، من خلال القصص والأمثلة البسيطة، حتى لا يشعر بالفزع، وإعطاؤه البديل حتى لا يشعر بقصور في الحنان والعطف.الغد



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات