مهم وعاجل لاصحاب النفس الطويل فقط.
يقولون في الامثال: وراء الأكَمَة ما وراءها.
وفي المثل الدارج يقولون: اللي بدري بدري واللي ما بدري بقول ( كفّ عدس).
ايها الاخوة الاعزاء، تمعنوا وتذكروا انكم في الاردن، في ارض الحشد والرباط، هذه الارض التي ما فارق اسمها لسان الرسول الاعظم صلوات الله عليه وسلامه.
لنتذكر الاحاديث التالية، تذكر من يعقل ويتدبر:
روى الإمام عبد الله ابن الإمام أحمد بن حنبل رحمهما الله،روى في كتاب السُّنَّة ج2 ص496حديث رقم 958 قال: حدثنا أبو أحمد الهيثم بن خارجة ،ان عثمان بن حصن بن علاق القرشي ، قال : سمعت عروة بن رويم ، يقول : إن رجلا لقي كعب الأحبار فسلم عليه وحياه ، ودعا له حتى أرضاه ، فسأله كعب « ممن هو ؟ » قال : رجل من أهل الشام ، قال : « فلعلك من الجند الذين يدخل الجنة منهم سبعون ألفا بغير حساب ولا عذاب » ، قال : قلت : من هم ؟ قال : « أهل حمص ، » قال : لست منهم ، قال : « فلعلك من الجند الذين يعرفون في الجنة بثياب خضر » ، قال : قلت : من هم ؟ قال : « أهل دمشق ، قال : قلت لست منهم ، قال : » فلعلك من الجند الذين هم في ظل عرش الرحمن جل وعز « ، قال : قلت : من هم ؟ قال : » هم أهل الأردن « ، قال : قلت : لست منهم ، قال : » فلعلك من الجند الذين ينظر الله إليهم عز وجل في كل يوم مرتين « ، قال : قلت : من هم ؟ قال : » أهل فلسطين « ، قال : قلت : نعم ، أنا منهم.
والأردن بشكلٍ عام هي أرض الخيراتِ والبركات،حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم يضرب بها المثل،ويُطلق عليها إسم الجِنان.
فقد روى الإمام إبن أبي حاتم في تفسيره ج12 ص57 عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرْظِيِّ، قَالَ:"اجْتَمَعَتْ قُرَيْشٌ، وَفِيهِمْ أَبُو جَهْلٍ عَلَى بَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا عَلَى بَابِهِ: إِنَّ مُحَمَّدًا يَزْعَمُ أَنَّكُمْ إِنْ بَايَعْتُمُوهُ عَلَى أَمْرِهِ كُنْتُمْ مُلَوكَ الْعَرَبِ، وَالْعَجَمِ، ثم بُعثتم من بعد موتكم، فجُعلت لكم جنان كجنان الأردن".
وفي حديث كعب الذي ذكره الإمام ابن الأثير في كتاب(النهاية في غريب الحديث والأثر ج3 ص791)،قال: [ إن اللّهَ بارَك في الشَّام وخَصَ بالتَّقْديس مِن فَحْصِ الأُرْدُنّ] قال ابن الأثير: وفَحْصُه : ما بُسِط منه وكُشِف من نواحيه.
كذلك، أخرج الإمام ابن عدي في "الكامل" (1/ 172) عن ابن عباس رضي الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا ذهب الإيمان من الأرض وجد ببطن الأردن ).
اما عن الشر ور المتوارية وراء الأكمات ( جمع أكَمَة)، فهو متلبس في اثواب التخفي، لكنه يظهر علينا بمظاهر شتى دون الافصاح صراحة عنه، فمن انحلال اخلاقي ممنهج، الى تغييب وعي متعمد، الى عولمة وتداخلات وتقاطعات مع كل الثوابت الوطنية والقومية، الى تشويه للذاكرة والتاريخ والجغرافيا والايدولوجيا الى ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
ما قصة المناهج؟
لعل الذي يجري من عبث وتلاعب في المناهج، لا يجري على نحو عفوي ابدا، كما لا يجري بنزوة واجتهاد شخصي من لجنة مؤلفة من عدة اشخاص، يجلسون اسبوعيا جلسة من يناقش تعيين او خلع عضو مجلس قروي.
من يعرف الوزير الحالي، ولعلنا عرفناه جميعا بانه ليس من المسؤولين الذين يؤخذون على حين غرة، انه وهذا حق علينا تجاه الرجل مسؤول ورجل دولة من الطراز الاول، لا تفوته شاردة ولا واردة، انه يتفحص ويدقق، ويبعبش في اتفه التفاصيل، اذا ما اهتم بامر ما اراد له ان يكون.
من هنا تبرز مسألة اللغط والسخط والغضب على ما جرى في المناهج من جرح وتغيير صنفه المجتمع بكل اطيافه وثقافاته انه تشويه متعمد وتفريغ ممنهج لمضامين قيمية نستلهمها من وحي ديننا الحنيف ومن نسل موروثنا وعاداتنا المنسلة اصلا من ديننا والمتوارثة جيلا اثر جيل.
نظرية المؤامرة ( فوكوياما):
دائما اذا ما بدأنا بمنهجية الشك في جملة الظواهر المترائية امام ناظرينا فاننا حتما سنتجنب الوقوع في المطبات والمصائد المنصوبة امام خطواتنا، لذلك نقول:
ان الاردن، ملكا وشعبا وترابا وارثا ومسؤولية تاريخية وديعة ربانية مناطة في رقاب اهل هذه الارض كل ذلك مستهدف من قوى الاستكبار والاستعمار والغطرسة ، لماذا؟
لان هذه الارض مخيفة ، فيها الوعيد والتهديد المفصح عنه من رب العزة والمتواتر من سلف الى خلف دون اي مواربة او وجل او تهيب، انها الارض التي ستشهد يوما معركة انتصار الحق على الباطل، بما فيها من شعب توارث تعاليم السماء ووصايا خاتم المرسلين ، حتى صار الامر انشودة خالدة عبر الاجيال في كل منشط وفي كل مجلس بلا اي تردد.
بات الامر مخيفا، مزعجا، مرعبا، لكل قوى الشر على الكرة الارضية، بات الامر مقلقا للاعب الاكبىر وهو الصهيونية العالمية، التي تضع يدها على كل مفاصل الادارة السياسية والاقتصادية في العالم، اصبح والكل بات على يقين من هذا الكشف القديم اقول اصبح العالم كله بقياداته وعلى مختلف المستويات دمى في ايديهم، ينصبون فلانا ويشرعنون منصبه بكل الذرائع والبراهين امام الشعوب المنسابة كالانعام فحصل لهم ما حصل ولا زال من الهيمنة والتغطرس والتجبر في المقدرات والارادات والملكات العقلية حتى دنت لهم طائعة صاغرة ذليلة كل الارادات والقيادات.
بقي المزعج في نظرهم ما ينز من بين اصابع الاكف القابضة على اعناق الشعوب، من طواريء وحوادث وظواهر يخشون من تفاقمها فتكبر وتتعاظم لبلوغ الوعد الاكبر، اقصد وعد الله ورسله بالقضاء عليهم على ايدي جيل تسلح بكتاب الله وسنة نبيه وموروث اجداده البغيض المبغض لهم حد زوالهم.
الادوات:
ان اخطر ما يتهدد لصوص العقول والافكار والاتجاهات هو منهاج دراسي ثر المضامين فيه الصدق والثبات ومعلم حصيف.
ان اخطر ما يتهدد المعتدي والمستعمر هو الوعي الحضاري للامة ، وتلاشي القابلية للانبطاح والاستسلام ( مالك بن نبي) لقوى الاستكبار، السنا خير امة اخرجت للناس؟
العبث الممنهج طال كل منافذ الوعي والادراك كانه اللاعب فوق ( منصة ادراك)، من اعلام منحل، الى فكر مشوه، الى نمط استهلاكي سلبي، الى قيم سلبية استحلت محل القيم التي تهدد كل اللصوص على الكرة الارضية.
اللعبة اذن لعبة وعي جمعي ، لعبة مفاهيم قيمية ( صلبة راسخة ام رخوة ماسخة)، وطالما انها لعبة وعي جمعي فان المورد الذي يستقي منه احيال الامة حاجتهم هو المنهاج الدراسي، فان مسألة مسخه وتشويهه وافراغه من مضمونه باتت ضرورة ملحة لا نقاش فيها.
يتحرك ( القتلة الاقتصاديون / جون بيركنز ) موظفو البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، والاوروبي، والدول المانحة التي تقاد قود الغنم الى مذاودها للضغط على المدين الغارق كجبل جليدي الى ما دون العشر الاخيرمن قامته، يفرض شروطه وتعاليمه عليه، للتعديل والتغيير والاستبدال.
استبدال قيمة ايجابية مرعبة لهم بقيمة سلبية مريحة آمنة ضامنة لمخرجات هامشية لا اثر لها حاضرا او مستقبلا، يامروننا كمدينين مستلبين للابتعاد عن كل مظهر من مظاهر تحقيق الوعد الالهي المحتوم المنصوص عليه بنص قرآني.
في زيارة تاريخية لمادلين اولبرايت وزيرة الخارجية الامريكية الاسبق التي سبقت السمراء غونزاليزا رايس ، زارت اسرائيل مسقط رأسها وارض الاجداد على حد تعبيرها، طلبت زيارة احدى المدارس هناك، وتجولت بين الصغار، والتقت المعلمين والمعلمات وجمع من الاباء والامهات، قالت لهم عبارة لا زلت اذكرها وكتبت حينها مقالا تحليليا نشر في مجلة الاقصى العسكرية، قالت للمعلمين واولياء الامور (( اقرأوا لهم صغارا))، اي اقرأوا لهم تاريخهم وحكايا امجاد البناة الاوائل لمجد اسرائيل، علموهم دينهم ومزامير التلمود التي تقول لهم انكم شعب الله المختار، علموهم من هم اعداؤهم العرب وكيف ينبغي التصدي لهم وطردهم.
يريدون ان يقتلعوا منا التضحية والفداء والشهادة وتاريخ الشهداء، يريدون منا ان نسبل الجفون ونرخي الايادي امام كل الاخطار، يريدون منا ان نستسلم ونخضع ونذل امام كل معتد، باختصار يريدون لنا ان نتجرد من الخلق الوعر خلق الرجال وخلق البناة الاوائل وفرسان الفتح الاول ، يريدوننا اجساما كالبغال باحلام كاحلام العصافير.
كانهم فعلا يقطّعون النخل الباسق من جذوره ثم يأمروننا باستبداله بشجر الغردق العزيز على قلوبهم الابكم الاصم لحظة اندلاع المعركة الفاصلة (الهرمجدون ).
عميد متقاعد / ماحستير مناهج واساليب تدريس العلوم.