غياب ثقافة القيادة الذاتية


عندما يوجد شرطي سير في منطقة مرورية مكتظة لتنظيم السير وانسيابه بسهولة فيها، فإن جميع سائقي المركبات يلتزمون بالنظام، والمرور بالدور وإعطاء الأولوية والسرعة المحددة.

ولا يكون هناك فروقات تذكر، غير أن الأمر ينقلب إلى ضده مباشرة بعد مغادرته المكان، حيث تعم الفوضى والتداخل، والمخالفات، وكأنهم ليسوا أنفسهم الذين التزموا تماماً مع وجود شرطي السير.

أما عندما تتواجد دورية النجدة بشارع مدرسة للبنات، فإن الهدوء يسوده، وتختفي منه مظاهر التسكع، وحركة السيارات التي لا تمل الجيئة والذهاب مراراً وتكراراً أمام المدرسة.

لتعود مجدداً مع غيابها إلى ما كانت عليه من فوضى وقلة اكتراث وما تشكله من مخاطر حقيقية.

وعندما تحضر الشرطة إلى الأسواق أو في الشوارع التجارية، فإن مظاهر البيع على البسطات واحتلال أرصفة المشاة تختفي ومعها الإزعاجات التي تتسبب بها، غير أنها سرعان ما تعود إلى ما كانت عليه مع مغادرة الشرطة.

وفي مباريات كرة القدم تلتزم الجماهير بالهدوء والنظام عند وجود قوات الأمن في الملعب ومحيطه، وبات معروفاً أن غيابها يعني اندفاع هذه الجماهير نحو التكسير والتدمير للممتلكات العامة مع دخول أول هدف أو إطلاق لصافرة الحكم لأي سبب.

وعلى الطرق الخارجية يلتزم السائقون بالسرعة المحددة لمجرد معرفتهم بوجود الدرويات الخارجية ويتخلون عنها عند تأكدهم من مغادرتها.

وفي الأماكن غير المسموح فيها بالتدخين يلتزم المدخنون بالامتناع عنه إذا ما تواجد شرطي أو مراقب، ويمارسونه في حال غيابهم. وفي مجمعات السفريات يقف المسافرون على الدور في طوابير منظمة للصعود إلى الحافلات. وذلك في حالة وجود للشرطة، أما في حال غيابها، فإن التدافع على الحافلات يصل إلى درجة الدخول في نوافذها.

والأمر نفسه في أي مكان يكثر فيه المراجعون وأصحاب المعاملات، وتلك التي تكون مخصصة للتوزيع أو المقابلات أو أي أمر عادي آخر.

ويمكن القول إنه في معظم ما يسير أمور حياة الناس بات لزاماً وجود شرطي لضمان الهدوء والالتزام بالنظام العادي، والأمر على جلائه يكشف أن ثقافة القيادة الذاتية معدومة عند الغالبية العظمى، الذين يحتاجون للشرطي من أجل قيادتهم في أمورهم اليومية الاعتيادية، التي لا تحتاج لأكثر من وعي وثقافة في أصول المواطنة.

وهذا الأمر على وجه الخصوص هو الذي يقلل من شأنهم وقيمتهم، ويدفع للتجاوز عليهم، باعتبار الغوغائية التي تقع وتحدث مع أي تعامل على أي مستوى يحتاجونه ويقع في دائرة اهتماماتهم.

يدرك الجميع أن واجبات رجال الشرطة محددة بحماية الممتلكات، وأمن المواطنين والسهر على راحتهم، والمحافظة على النظام العام، وتوفير أجواء الحياة النظيفة اجتماعياً واقتصادياً، ومتابعة التنفيذ لمختلف القضايا المطروحة والمدارة في المؤسسات، وغير ذلك الكثير أيضاً وأنهم محط اهتمام واحترام وتقدير، وأنهم يؤدون واجباتهم بموجب القوانين، ويكونون محط مسألة عندما يخرجون عليها، أو ينصرفون خارج نطاق مهامهم المحددة، وأنه بالمقابل لا تجري متابعة المواطن الذي لا يلتزم بالأمور العادية إلا بوجود الشرطي، ويترك على حاله في قلة الثقافة والوعي والالتزام، وتناقضه مع نفسه بالالتزام وعدمه في ذات المسألة، مع الإدارك أنه من غير الممكن توفر شرطي لمراقبة كل مواطن وكل سيارة.

وعليه، وربما ما هو أكثر مما له علاقة بحركة الناس وتواجد الشركة، فإن الحاجة تبدو ملحة للدراسات والأبحاث التي تهدف لمعالجة الخلل، ودفع الناس نحو ثقافة القيادة الذاتية في الشارع والمواطنة الصالحة، وكذلك معالجة التمادي المقابل في المنع من الحقوق أو ممارسة تعطيلها، إن كان في المناسبات السياسية أو القضايا المطلبية السلمية.
السبيل



تعليقات القراء

الهملان
لقد عممت وهذا خطا يحسب عليك فهناك كثيرون ممن يلتزمون بما اسميته القياده الذاتيه وهذا نابع من تربيتهم الاسريه المبنيه على قاعدة (1) احترم نفسك يحترمك الغير(2)احترم وطنك يحترمك الوطن 0
اما السلوكيات السلبيه التي أشرت اليها فهي ليست بحاجه لا لدراسات ولا لأبحاث بل هي بحاجه لشيء قليل من الانتماء للوطن و تغليب مصلحه الوطن على المصلحه الشخصيه والعمل بمفهوم الوطنيه فعل وليس فقط قول0
27-02-2010 03:01 AM
شفير
مع احترامي المقال ركيك من كافة النواحي
27-02-2010 02:53 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات