من واقع الفيس بوك


ظاهرة غير مسبوقة برزت في السنوات القليلة الأخيرة تتضح معالمها من خلال تصفح ومتابعة ما ينشر على الفيس بوك من أخبار رسمية ومنشورات شخصية وردود الأفعال عليها والتفاعل معها. والفيس بوك أصبح المصفاة التي يتجمع بها كل ما يجول بأذهان الناس فيما يتعلق بالأحداث اليومية والتصريحات الرسمية والقرارات المتخذة والتي عادة لا تنصف المواطن، بل تأتي لتزيد الحال السيء سوءا.

عند التصفح ونبش محتويات هذه المصفاة وبدقائق معدودة، يمكننا الخلوص لاستقراء الرأي العام بأي قضية خصوصا ما يتعلق بالداخل الأردني. فالشعور بالغبن والإحباط مكتنز بالقلوب والنفوس ويتضح هذا الشعور من خلال التندر والسخرية من قرارات الحكومة وتصريحات مسؤوليها التي لم يعد يفهم منها المواطن سوى أنها حقن تخديرية للتهدئة لتعطي الحكومة متسعا من الوقت لنفسها للإستعداد والتجهيز لما بعد انتهاء مفعول التخدير.

نبحث عن مخرج فنجد أنفسنا ندور داخل دائرة مغلقة لا مخرج منها. الأخطاء المتراكمة لم تصحح وأصحاب الخطيئة لم يحاسبوا والذين يدفعون بالوطن للوراء ما زالوا هم أنفسهم القائمون على إدارة شأننا من خلف الكواليس وبصماتهم واضحة وحقدهم المتوارث يتمثل بممارسات يندى لها جبين كل المواطنين. ويظهر هؤلاء علينا بمنتهى النعومة والأناقة والجمال والرفق وينتهي المشهد ليرصد بالذاكرة والأرشيف لإخراجه عندما تستدعي الحاجة لتبييض وتلميع الصورة.

ما زالت الحكومات وكلها رشيدة حسب أقوال المضللين وآخرها الحالية تمارس الإستخفاف الممنهج والتعامل مع الشعب على أنه مجموعة من القطعان المفروضة عليها ولا تعرف كيف السبيل للتخلص منها.
 رفع رسوم نقل ملكية السيارات والحكومة تعلم أن أعداد السيارات تتسارع لتقترب من عدد السكان. ومن ضروب الإستخفاف بالعقول يخرج علينا الملقي ليلقي علينا بما يطمئننا، من منظوره، بأن الرفع جاء بديلا عن رفع أسعار 91 سلعة. وفي الحقيقة لو حسبنا تكلفة رفع الرسوم لوجدناها تفوق تكلفة رفع السلع.
 مخالفات السير المبالغ بها. لا يختلف عليها اثنان بأنها جباية (وتحصل دار) وسرقة وتغول واستقواء وإذلال يحميه القانون الذي شرعه أناس لا يمتون للمواطن بصلة على الإطلاق. نحن مع التنظيم ومعاقبة المسيء، لكن بحدود المعقول وضمن امكانية التحمل. بالمقابل، أين التوليف لمثل هذه المخالفات من شوارع تستوعب الأعداد الضخمة للسيارات؟؟ أين الصيانة المستدامة للشوارع والطرق؟؟ الكثير مما تتعرض له السيارات من أعطال سببه اهتراء الطرق وكثرة المطبات التي لا لزوم لها بهذا العدد. الصيانة نراها بعد حدوث كارثة مرورية وتغيب حتى حدوث كارثة أخرى. أليس هذا استخفاف؟؟
في العالم أجمع مفهوم الضرائب يعني تقديم خدمات توازي ما تجنيه الحكومة من ضرائب. أما أن يدفع المواطن الضريبة المفروضة قسرا وظلما دونما يلمس مردودا، فتلك الجباية بعينها التي ورثها العثمانيون لنا وما زالت حكوماتنا متمسكة بها. أليس هذا استخفاف؟؟

 الأولوية بالتشغيل للأردنيين. وهو قول باطل وليس صحيحا لأن الحكومة الآن تحاول جاهدة إقناع الدول المانحة بأنها تستوعب وتحتوي اللاجئين السوريين وهو شرط للمنح بينما هذه الدول لا شأن لها باستيعاب واحتواء المواطن الأردني. هناك تصريحات ظاهرها بصالح المواطن لكن الهم الأكبر المسيطر على الذهنية التنفيذية هو اللاجئ السوري. وهذا قاد القائمين على الشأن العام وإدارته بالشعور أن المواطن أصبح حجر عثرة على تشريعاتهم وعبئا كبيرا يذكرهم بتقصيرهم وخذلانهم. فصارت المقارنة غير المباشرة بين الأردني والسوري والتي يمكن قراءتها بين ثنايا كلمات المسؤولين هي الصبغة الغالبة على التوجه الحكومي. والدولة مسؤولة أمام الدول عما تقدمه للاجئين لكنها ليست مسؤولة أمام نفس الدول عما تقدمه لمواطنيها. لن نتفاجأ يوما تخرج به الدولة للقول أنها ملتزمة باتفاقيات تفرض عليها ما تقوم به من أن تأخذ نصيب المواطن وتعطيه للاجئ.

 من يمد يده لمال المواطن سنكون له بالمرصاد. كلام جميل بظاهره ويخفي عكس ذلك، إذ الواقع يقول أن الحكومة هي من يمد يده لمال المواطن وبطريقة تدفع بالناس نحو الثوران وربما الثورة، لذا فالحكومة من يجب أن تحاسب يا دولة الرئيس الوارث والمكرر.

 تعبيد الشوارع وتزيين الأرصفة المتوقع مرور المشاركات بالألعاب الرياضية بها. حسنا، بالنهاية سيستفيد منها المواطن. لكن لماذا لم تقوموا بهذه التحسينات والترميمات منطلقين من مصلحة المواطن؟؟ أليس هذا نفاق وتملق وبنفس الوقت استخفاف بالمواطن؟؟
أليس ما سبق من اجراءات للحكومة تفضي للقول أن حكوماتنا المعينة وراثيا وتوريثيا لم تعين لتخدم الشعب بقدر ما تخدم نفسها وتخدم صندوق النقد الدولي وملئ جيوب الجباة؟؟
جميعنا يناشد ويرجو ويطالب ويتوسل جلالة الملك للتدخل وأن يعمل على وقف الإستخفاف الممنهج والمبرمج من قبل السلطة التنفيذية التي يعينها ويرأسها. نعم هناك تدخل وتلبية لنداء مصابين بحادث سير في السعوديةأو طفل استعصى علاجه لشدة فقر أهله أو المساعدة بحادث صادف وجوده بطريق موكب جلالته. لفتات إنسانية نقدرها ونحترمها وتدخل السرور بأنفسنا. بالوقت نفسه نعلم مدى حرص جلالته على تحقيق مصالح المواطنين وتأكيده على التخفيف عن المواطن والإرتقاء بنوعية ما يقدم له.
لكن لم نسمع عن محاسبة فاسد أو إقالة مقصرولم نسمع عن وقف التوريث ولم نسمع عن وقف تعيين أبناء البطانة غير الصالحة.
كيف علم جلالته بحادث في حفر الباطن بالسعودية ولم يسمع عن الأخطاء القاتلة بحق الشعب من قبل السلطة التنفيذية التي تدير الشأن العام وتصدر القرارات وتفرض الضرائب والرسوم والتي أذاقت الشعب الأمرين؟؟
كيف علم جلالته بأحوال أهلنا في غزة وترسل القافلة تلو الأخرى بالأدوية والأجهزة الطبية ومستشفياتنا تكاد تخلو من أدوية السرطان والسكري والضغط والقلب وغيرها من الأمراض التي ساهمت الحكومات كثيرا برفع أعداد المصابين بها؟؟ نحن لسنا ضد تقديم المساعدة للآخرين لمن يحتاجها ضمن امكاناتنا وقدراتنا لكن بعد مراعاة قاعدة أولى لك فأولى، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها.
سؤال لا مفر منه بهذا المقام : هل الجهات المعنية التي تقوم برصد نبض الشارع تقدم الحقيقة للملك؟؟ وإن قدمت هل هناك من يخفيها ويزورها لكي تبقى الحقيقة غائبة وحتى لا ينكشف المقصرون؟؟ أم هناك من هو بالظل يعرقل التصحيح والإصلاح والسير للأمام؟؟
كتبت غير مرة وأعيدها بأني أرى الأجواء اليوم كثيرة الشبه بأجواء بداية الربيع العربي وربما تكون أكثر خطورة وبشاعة بعد أن تراكمت التجارب والخبرات، فهل يتدارك أصحاب القرار لإنقاذ الوطن قبل الإنفلات؟؟
حمى الله الأردن والغيارى على الأردن والله من وراء القصد.
ababneh1958@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات