فلما أطعنا الهوى هوينا

محمد الفقهاء

بقلم محمد الفقهاء - قدموا لنا السمَّ بعلبة العسل، فذقنا كذبتهم وصدقناها، بأننا متخلفون متأخرون، لا نقوى على الإنتاج، أوهمونا بأن همّنا الوحيد الترويح عن رغبات النفس، فأصبحنا نقذف هذه السمَّ على أنفسنا، فانتشر عدوى الوهم في عروقنا، وأيقنا بأنه مرض العجز والتخلف، وعدم القدرة على التقدم، وافقدوا فينا الأمل في استحالة علاجه، واسمينا المرض "بأننا عرب!".

فلما أطعنا الهوى هوينا، فأبقينا عقولنا نائما، لقناعتنا بأنها تُرهقنا ولا حاجة لها في التفكير، ما دام المرض دائم والبحث عن العلاج مستحيل.

فأصبحنا ننظر إلى الغرب نظرة متأمل معشوق في تقدمه، وأغلقنا سبل الوصول إلى ما هم فيه بجمل القطعية والتذمر، لنضع الكف على الخد مستنشقين آهات العجز دون العمل.

فلابد هنا من الوقوف وقفة في القدم، بفترة كان الغرب ينظرون إلى اليهود بأنهم عالة متخلفون على مجتمعاتهم، فاضطهدوهم، إلا أن اليهود أيقنوا بأن الخلاص من ذلك الاضطهاد هو العقل، فاستخدموه في العمل والإبداع، حتى سيطروا على الاقتصاد في جمع الأموال، وسيطروا على الإعلام في بث أجندتهم، والسينما في صناعة إنجازاتهم، حتى باتوا يسيطرون على صحتنا.

فلننظر إلى التطور الذي حدث في سنغافورة وماليزيا وتركيا، ما كانوا ليصلوا إلى ذلك المستوى من التقدم والرقي، إلا من خلال قناعتهم بأنهم قادرون على التغيير، وهَم العجز عندهم باتت سرابا لا يرى أمام أعينهم، مواجهين حُساد تقدمهم بالوعي، مؤمنين بأن العقل يخلق المستحيل.

لا أحد يستطيع أن يحطم حياتك المعنوية إلا بأمرين؛ ببث الأكاذيب واستخدامها مع الحقائق لتبدوا لغيرك أنها الحقيقة الكاملة، فتكون مذموما عند غيرك لقناعتهم في ما نشر عنك، والأمر الأخر الاستسلام في مكافحة الدفاع عن تلك الدعاية الرمادية التي أشيعت عنك بالعمل والجهد وعدم الركود والتذمر.

ما نحتاجه اليوم لتقدم أمتنا العربية هو القضاء على وهم التخلف، ومواجهة مؤامرة ربط مصطلح العرب بمسميات الرجعية العاجزة عن البناء، بالإضافة إلى تمسكنا بأصلنا أينما ذهبنا وفي أي مكان كنا، فبذلك أنسونا وصرفوا عن أعيينا تاريخ أجدادنا في تقدمهم بزمانهم في العلم والطب والأدب والفلسفة والحرب، ليبقى حاجز الرؤية إلى الجهة الأخرى عثرة في طريق التقدم.

سلاح المواجهة، يكون بنفس الوسيلة التي تم مهاجمتنا بها، ففي السينما الغربية يصورون الإنسان العربي على أنه متخلف في مظهره، ومتأخرٌ في عيشته بين الأنعام والخيام، وفي الإعلام يُظهرون عدية العرب والمسلمين لكافة العالم بأنهم مجرمون يريدون الفساد والتدمير، فبهذه الوسائل نواجه تلك الأفكار المسمومة، في تجسيد صورتنا الحقيقية، وبث حب العروبة في أنفسنا بأننا عرب قادرون ولسنا متخلفون.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات