مهرجان الحمير


نظرا لما تقدمه الحمير من خدمات جليلة للمجتمعات التي تعتمد اعتمادا مباشرا عليها ، ولتميّزها في أداء هذه الخدمات ومن دون كلل أو ملل أو اعتصام أو امتناع عن الطعام أو حتّى عريضة استرحام ، وأسوة بالدول الشقيقة مثل المغرب ولبنان والصديقة مثل ايطاليا وباكستان ، وفي بلدة ريفيّة جبليّة ، قرر مالكي هذه الحيوانات الاليفة ، تكريما لها ، إقامة عيد سنوي يسمّى مهرجان الحمير ، على أن يكون موقعه في الميدان الكبير ، ويدعى له كلّ من يرغب في الضحك والسرور وازالة القلق والتجّهم والاستمتاع بيوم كلّه حبور ، وأيضا دعوة الصحفيين والمصطافين ، ومن لا عمل له الاّ مراقبة الآخرين ، وأن يشتمل هذا المهرجان على فقرات ومسابقات متنّوعة كثيرة .

المسابقة الاولى تكون سباق الحمير ، وتعطى جائزة كبرى لأسرع حمار رطلين من العلف المحسّن ، ومسابقة ملكة جمال الحمير، وجائزتها ثلاثة أرطال من الشعير . وعلى هامش المهرجان يقام أمسيات شعريّة وندوات فكريّة ، وتشكّلت لجنة عليا من مالكي الحمير للإعداد للمهرجان وتشكيل لجان منبثقة عن اللجنة الرئيسية ، إحداها إعلامية والثانية للتخطيط وأهمها اللجنة الماليّة ، على أن تجتمع هذه اللجان مقابل مكافآت نقدية تصرف لأعضائها فور انتهاء المهرجان ، ووضعت اللجنة العليا توصيفا يليق بكلّ لجنة من اللجان المنبثقة عنها وسمّت لها رئيسا وأعضاء ، وبدأت اللجان عملها بكلّ همّة ونشاط ، واضعة نصب عينيها إنجاح المهرجان لما فيه خير الوطن والإنسان .

وفي اليوم الموعود أحضر كلّ صاحب حمار حماره ، وكانت كلّها مزيّنة بأحسن زينة ، ووضعت على رؤوسها أكاليل الورود ، واستبدلت برادعها الوسخة بأخرى موّردة مزركشة ، ومع أنّها خضعت جميعها للتنظيف ، إلا أنّها بعد الحمام الساخن انبطحت وحكّت جلدها بالأرض فعادت متّسخة . وبالرغم من محاولة أصحابها جاهدين صفّها بطابور واحد ليصوّرها المصورين ، إلا أنّها كانت تأبى إلّا أن تتحرّك في مكانها غير مبدية رغبة في الانتظام ، ووقف رئيس اللجنة العليا بمهابة ثمّ بسمل وحوقل ، وأمر عازف المزمار أن يصدح بالنشيد معلنا بداية المهرجان ، وبعد الخطابات التي تغنّت بالخدمات الجليلة التي تقدّمها الحمير للإنسان ، بدأت الفقرات التي كان أوّلها اختيار ملكة جمال الحمير ، حسب المواصفات التي وضعتها لجنة مختصّة ، ومنها رشاقة القوام وتناسب الوزن مع نصف قطر القوائم ، وقصر الشعر و طول الذيل ، ومساحة الظهر وقلّة انتفاخ البطن ، على أن لا تكون بغل أو نغل . وفازت حمارة بيضاء ليس لها مثيل بين الحمير بثلاثة أرطال من الشعير بدأت بالتهامها غير مهتمّة بضحكات الجماهير .

وبدأ سباق الجري والدوران حول أكبر ميدان للسباق في البلدة ، وبعد اشارة البداية انطلقت الحمير بالسير السريع بالرغم من أنّ راكبيها كانوا يبذلون جهدا في دفعها للجري من دون فائدة ، وكأنّها لا تأبه بما ينتظرها من ربح وفير ، ومع أنّ السباق استغرق وقتا كبيرا ، الاّ أنّ اللجنة حكّمت الضمير وأعطت الجائزة لأسرع حمار وصل خطّ النهاية يرافقه أصوات نهيق باقي الحمير التي تغّلبت على صوت تصفيق الجماهير . ثمّ كانت فقرة للشاعر الموهوب الذي قرأ من نظمه قصيدة عصماء تتغنّى بصبر الحمير على الأحمال ، وقدرتها الفائقة في الوصول الى أعالي الجبال ، ونالت القصيدة استحسان الجماهير .

انتهى المهرجان وأعلن رئيس اللجنة العليا أنّ السنة القادمة ستشهد تغييرا في البرنامج وبدلا من أجمل حمارة سيتم اختيار أقذرها . وعاد جميع الحاضرين إلى بيوتهم سعداء مسرورين ، ضاحكين على الحمير التي لم تدري أنّها ستبدأ في اليوم التالي أعمالها الشّاقة في جرّ العربات وحمل الاثقال .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات