ندعم الخبز .. لم لا ندعم الأدوية!؟


الدواء أحيانا أهم من الخبز ، وسعره في الأردن مرتفع جدا ، ويندر أن تخلو أسرة من استهلاك يومي للدواء ، خاصة امهاتنا وآباؤنا ممن ابتلوا بالأمراض المزمنة التي تقتضي تناول دواء مدى العمر ، وبالرغم من تغطية التأمين الصحي لقطاعات واسعة من الناس ، إلا ان ثمن الدواء حتى مع التأمين الصحي لم يزل مكلفا (يقول تقرير لمنظمة الصحة العالمية ان اسعارالأدوية في الاردن تعتبر بشكل عام مرتفعة بالمقارنة مع العديد من الدول بما في ذلك لبنان وسوريا) الحكومة تدعم الخبز وجرة الغاز ، والأحرى أيضا أن تدعم الدواء ، ليس دعما مباشرا بل برفع يدها عنه،.

فرض ضريبة المبيعات يؤدي الى تضخيم ثمن الدواء ويسهم في ارتفاع ثمن الادوية المرتفعة اصلا. تقول الإحصاءات أن ما نسبته %30 من السكان غير مؤمنين صحيا حيث يدفعون ثمن الدواء من جيوبهم. ويزداد الأمر تعقيدا بشكل اضافي بسبب الشح في وجود الادوية في القطاع العام وبحقيقة أن نسبة كبيرة من المؤمنين صحيا يتمتعون فقط بتأمين جزئي.

في البداية كانت بعض الاصناف الصيدلانية معفاة من ضريبة المبيعات: ولكن في العام 2003 أضيفت ضريبة بنسبة ثابتة مقدارها 4% على جمبع الادوية. وفي العام 2007 تم تعديل القانون باعفاء الصيدليات التي تحقق دخلا يقل عن 75000 دينار سنويا من اضافة ضريبة المبيعات على الادوية ، ولكن فقط للفترة حتى نهاية عام ,2009 تقول دراسة لمنظمات المجتمع المدني أنه في حالة الغاء قانون ضريبة المبيعات على الادوية ، فان المرضى الذين يعالجون بدواء معين سيوفرون ما مجموعه 6,5 دينار سنويا - اي ما يعادل دخل 5 ايام لهذه الفئة التي تعيش عند مستوى خط الفقر هذا. اما في حالة صرف الدواء الاصلي من الشركة الام المصنعة له ، فان التوفير الناجم عن الغاء ضريبة المبيعات تبلغ 15 دينار ( اي ما يعادل دخل 10 ايام) ومثل هذا المبلغ المتوفر يمكن ان يستخدم لشراء الغذاء وغيره من الاحتياجات الاساسية للعائلة.

مؤسسة الغذاء والدواء الاردنية والتي أجرت دراسة على هذا الموضوع واتضح منها ان تاثير الغاء الرسوم الجمركية وضريبة المبيعات على الادوية سيكون ذا اثر محدود جدا على خزينة الدولة ، فقد تم في شهر اذار 2008 الغاء رسوم الجمارك على جميع الادوية المستوردة . اما المناشدة من قبل مؤسسة الغذاء والدواء الاردنية لالغاء ضريبة المبيعات فقد لاقت دعما من قبل عدد من المجموعات ومن ضمنها نقابة الصيادلة ولكنها اصطدمت بمعارضة من قبل دائرة الضريبة العامة على الدخل و المبيعات ، وحيث ان قيمة الرسوم الجمركية قد بلغت 9 ملايين دينار سنويا ، فانه من المتوقع فيما لو تم الغاء ضريبة المبيعات على الادوية ، والمقدر ان يكون ريعه المتوسط ما بين 4 - 6 ملايين دينار ، ان لا يكون له اي تاثير بالغ على خزينة الدولة. ان الدخل غير المتحقق يمكن تعويضه بفوائد اقتصادية ناجمة من سكان يتمتعون بصحة افضل ، وكذلك بفرض ضرائب اعلى على امور كمالية مثل المشروبات الكحولية والدخان . وفيما لو تم الغاء ضريبة المبيعات عن الادوية وفرض ضرائب اضافية على المشروبات الكحولية والدخان ، فان الحكومة في الاردن ستعطى الفضل بتحقيقها نصرا ثنائيا في الحفاظ على الصحة العامة: وذلك بتحسين مخرجات الصحة العامة بمقياس تخفيض العقبات التي تحول دون الحصول على الادوية وبذات الوقت زيادة العقبات في الوصول الى السجائر،.

ننتظر قرارا شجاعا من رئيس الوزراء بإعفاء الأدوية من ضريبة المبيعات.

hillmias@gmail.com


 



تعليقات القراء

وطني للزناقيل
اشكرك اخي حلمي الاسمر على هذا المقال الذي يعبر عما يجيش في صدور الكثير من الاردنيين من معاناة
21-02-2010 11:27 AM
منتصر
مسمى (الدعم) يعني الدفع من المال الخاص (من الجيبة)..
والحكومة او الوزارة لا تدفع من جيبها الخاص.. فالوزارات بكل مصاريفها ورواتبها مدفوعة التكاليف من الضرائب والرسوم وغيرها .. وهي التي يدفعها المواطن بالدرجة الأولى..
وحين يتم توفير سلعة (شعبية) اساسية بأسعار مناسبة للمواطن عن طريق مساهمة الدولة في جزء من السعر.. فإن هذا من صميم عملها وليس (عطية) يجب شكرها عليها.. ولا يجب تحميلنا (جميلة) عليها.. فالدفع والرفع والرواتب وكل التفاصيل نحن ندفعها بصورة او بأخرى.. اما الدواء والأغذية الرئيسية فيجب توفيرها لكل المواطنين ضمن امكانياتهم البسيطة.. فالوزارات الخدماتية بالدرجة الأولى ليست شركات مساهمة عامة.. بل وجدت لخدمة المجتمع..

08-03-2010 08:02 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات