علينا أن ننظر الى النصف الفارغ من الكأس .. ؟!


 البركة؛ يوجد في الأردن 72 حزباً؛ 49 حزباً مرخصاً، والباقي تحت التأسيس، تمارس نشاطاتها الحزبية وكأنها مرخصة، لكنها لا تحصل على دعم من الموازنة كبقية الأحزاب المرخصة. تجتمع تحت مظلة هذه الأحزاب قوى سياسية، وأسماء شخصيات لهم بصمات في العمل السياسي والحزبي والاجتماعي، والبعض الآخر؛ (فستق فاضي)، تعبئة عدد لا أكثر ولا أقل.

لو قسمنا السبعة ملايين مواطن بالتساوي على 72 حزباً، سيكون هناك أقل من 84 ألف مواطن لكل حزب، مع الأخذ بعين الإعتبار الكثافة السكانية لكل محافظة ولواء وقرية على امتداد الوطن، فالذي ينطبق على محافظة مثل عمان، وإربد، والزرقاء لا ينطبق على محافظة مثل الكرك، ومعان، والعقبة، والطفيلة.. وهكذاً.

لكن لو نظرنا الى ما تمتلكه الأحزاب من قواعد جماهيرية لخرجنا بنتيجة مفجعة ومفزعة في ذات الآن، فالحزب الواحد يحق له وفق القانون أن يجمع تواقيع 500 شخص ويحصل على ترخيص إنشاء حزب، وبعد أن تأكدت الحكومات بأن الأحزاب ليس لديها القدرة على جمع هذا العدد، ولتشجيع الشعب على العمل الحزبي؛ خفض مجلس النواب السابق العدد الى 150 عضواً بعد أن كان العدد قبل سنوات حوالي 50 عضواً هو كل ما يحتاجه المواطن لتشكيل الحزب..

لو جمعنا الأحزاب العاملة على الساحة الأردنية، مع التأكيد على أن كل حزب ينضوي تحت قيادته ما بين خمسمائة الى ألف عضو، ستكون النتيجة المؤلمة أن هناك ما بين 25 - 50 ألف مشترك في الأحزاب كلها وعددها 72 حزباً.. لكن هل يمكنها أن توصل العدد الكافي من النواب بالإعتماد فقط على الحزب أم تضطر الى العودة الى القواعد الشعبية...!

نحن نعلم بأن الملايين من أبناء الشعب الأردني لا يؤمنون بالأحزاب، وأنا أحد الذين لا يؤمنون بالعمل الحزبي، ليس لأن الإنخراط في الإحزاب يدخل في باب الحلال والحرام، أو الخوف من الحكومة، بل لأن الأحزاب الأردنية (95 بالمائة منها) مجرد رقم ليس له تأثير على الإطلاق في الحياة السياسية الأردنية، ولا يمكن أن تحقق الأحزاب الحالية أي نتائج مهمة ما عدا بعض الأحزاب التي تمتلك قواعد جماهيرية تحقق لها العدد المطلوب، ومع ذلك، فقد استطاعت بعض الأحزاب الحصول على 20 مقعداً في البرلمانات السابقة، أما البقية الباقية فكانت تحجز بعض المقاعد بناء على القاعدة العشائرية وليس بناء على القاعدة الحزبية مع أن المرشح الفائز قام بالترشح عن الحزب إلا أن الذي انتخبه هم أبناء عشيرته..؟

هناك مثل أردني يقول: علينا أن ننظر الى نصف الكأس المعبأ بالماء، ولا ننظر الى القسم الفارغ.

علينا قبل ذلك أن نعرف كم هي نسبة التصويت في الانتخابات التي جرت منذ عام 1989 ولغاية الإنتخابات الأخيرة عام 2013 إذ لم يسجل تاريخ العمل الإنتخابي ارتفاع نسبة التصويت الى أكثر من 50 % وهذا يعني أن النصف الآخر يمثل نصف الكأس الفارغ، إذا أخذنا بعين الإعتبار أن النسبة المتبقية من ال 50% تشمل الذين لا يحق لهم التصويت، ويمكن أن تكون نسبتهم 15 % فقط: علينا هنا أن نوجه السؤال الأهم: هل نسبة 35 بالمائة المتبقية يمكن أن نعتبرها من الأغلبية الصامتة، أم أن هذه النسبة غير مقتنعة بالمجلس النيابي أم أنهم لا يقتنعون بالنواب، أم بعدم جدوى العملية الإنتخابية برمتها..

لو عدنا الى القوائم النسبية، ونسبة التصويت العام، وعدم قدرة المواطن على فهم القانون الجديد، ستكون نسبة التصويت متدنية، ولن تتجاوز ال 40 % أي أن كل نائب قادم الى المجلس الثامن عشر سيمثل عدد محدود جداً من أبناء الشعب الأردني، وهنا نعود الى الجزء الفارغ من الكأس، الذي أصبح أكثر أهمية من الجزء المليء بالماء.

أعتقد بأن الأرقام متواضعة ولا تلبي الطموح لتحقيق عملية انتخابية ديمقراطية يشارك فيها كل أفراد المجتمع الأردني، سيما وأن المجلس السابق كان عدد نوابه الذين وصلوا على نظام القوائم 20 نائباً، و130 نائباً كمستقلين، وفي القانون الجديد سيكون هناك 130 نائباً على نظام القوائم، وممنوع على المستقلين خوض الإنتخابات كما كان في السابق..

كان الراحل الكبير الحسين بن طلال يتحدث دائماً عن الأغلبية الصامتة، ويطالب جميع أبناء الشعب بالمشاركة في العملية الإنتخابية؛ لأنها من الحقوق المكتسبة لأي مواطن أردني يعيش على تراب هذا الوطن.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات