هل يمكننا تغيير طباع الشخص السلبية؟


جراسا -

ينزعج الموظف الثلاثيني رياض العشا من طباع أحد أصدقائه المقربين لنفسه كثيرا، فيصفه بأنه شخص متردد، يعجز عن اتخاذ القرارات في الوقت المناسب، وغالبا ما يرى السلبيات في كل خيار، وعليه يخشى الاختيار، ويكتفي بالقول “كما تشاؤون”.

يقول العشا “لم أستطع احتمال سلبية صديقي لسنوات عدة، مما دفعني إلى التفكير في محاولة تغيير هذه الطباع”. ويضيف أن القرارات أحيانا قد تصيب وقد تفشل، وإن أصابت فهو أمر جيد جدا، وإن فشلت نتعلم منها، المهم أن يتخذ الإنسان خطوة يثبت بها وجوده في الحياة.

العشا حاول أكثر من مرة تعديل سلوكه، حتى أن الآخرين المقربين منه لاحظوا ذلك، لافتا إلى أن الإنسان يمكن أن يتغلب على طبعه السيئ إذا ما وجد شخصا مقربا لديه يساعده على تحقيق ذلك.

وقد يصادف المرء أصحاب صفات سلبية و”سيئة” في الوقت ذاته، في أحد أفراد الأسرة، فهم يسببون أحيانا معاناة حقيقية للآخرين، سواء بالكلمات، أو بالتصرفات، حتى لو كانت غير مقصودة. وتلك الطباع لها أشكال عدة؛ إذ هناك الشخص الذي لا يتدخل بشيء ويسحب نفسه من أي موضوع يحتاج الى قرار. وهنالك الشكاك الذي لا يفارقه الشك المرضي، وهناك الشخص الثرثار، والبخيل، والمؤيد المعترض في آن واحد، وهناك المتطفل، وعصبي المزاج، والكاذب، أو اللوام، وعليه يتساءل المرء هل هناك إمكانية لتغيير طباع الشخص السلبية أم أنه أمر محال والطبع يغلب التطبع؟.

وتبدي الأربعينية أم ضياء، استياءها من طباع زوجها السيئة، لأنه يهوى الشكوى، لعدم رضاه عن كل شيء، وهو ما يجعله يشيع جوا من السلبية التي تجعل الآخرين ينفرون منه.

تقول أم ضياء “أحيانا لا أعرف كيف أتعامل معه، فعندما أعترض على ما يقول وأحاول إقناعه بضرورة التفاؤل في الحياة، يصفني بصاحبة الخيال المفرط، وبعدم الواقعية”.

وتضيف “في الآونة الأخيرة ابتعد عنه بعض الأصدقاء والأقارب، وكأنهم أصبحوا يتجنبون الحديث معه أو زيارتنا، مما جعلني أؤكد له أهمية وضرورة الإيجابية والتفاؤل في التعامل مع الآخرين”.

وتتعجب مها إسماعيل (21 عاما) من طباع إحدى زميلاتها في الجامعة، فتصفها بأنها شخصية تميل للانطواء، يصعب عليها التعبير عن آرائها، أو مشاركة الآخرين في الحوارات، أو في إيجاد الحلول تجاه قضية أو مشكلة.

وتقول “بادرتُ وزميلاتي الأخريات لمحاولة إشراكها في إحدى اللجان الطلابية الجامعية، ونجحت في ذلك، فقد استفادت من هذه التجمعات، وانطلقت في التعبير عن رأيها عندما بدأت تشعر بأهمية مشاركتها في الرأي”.

وتعتقد الموظفة ليلى سلمان (38 عاما) أن الشخص الكاذب لا يمكن تعديله مطلقا، بقولها “كان زواجي تقليديا، وبعد أيام قليلة من زواجنا انكشفت طباعه في الكذب، وكأنه شخص اعتاد الأمر لا يستطيع العيش دونه”.

وتضيف سلمان “حاولت تدريجيا إصلاح الأمر، لأنني واجهت مشاكل عدة عندما كنت أواجهه بشكل مباشر وبعصبية، فوجدت الأمر يتفاقم، مما دفعني للتهدئة والبحث عن وسائل وأساليب محفزة على التغيير باستشارة كبار السن وأصحاب التجربة والخبرة”.
الاستشاري الأسري د. أحمد سريوي، يقول “يجب على الإنسان أن يدرك بأن أي إنسان في الدنيا يمكن تغييره للأفضل أو للأسوأ، وذلك حسب قرار الشخص نفسه وبالتأثير عليه من قبل الأشخاص المحيطين به”.

ويضيف “عملية التغيير الإيجابية التي نطمح لها في الأزواج تأتي بالحكمة والنصيحة والصبر والمثابرة وتحتاج لمعرفة نوع شخصية الإنسان المقابل، فالأسلوب الذي يستخدم مع شخص معين لا يصلح لجميع الأشخاص”.

ويبين اختصاصي علم النفس التربوي د. موسى مطارنة، أن التغيير ممكن ﻷن أي شخص لديه سلوك سلبي مكتسب، وهذه السوكيات لها أسباب معينة نشأ عليها، وهي تختلف من شخص لآخر.

ويقول “ولكن علاج هذا الأمر سلوكي من خلال أساليب وتقنيات، وأيضا يعتمد على حالة من التحليل النفسي. فهو يحتاج الى جلسات عدة على أساسها يتم هذا التغيير”.

ويضيف “هذه السلوكيات تتولد من خلال التنشئة الاجتماعية والبيئة الأسرية وأساليب التربية التي تم التعامل بها مع هؤلاء الأشخاص”.

ويذهب الى أن الأساس في جميع هذه السلوكيات هو مرحلة الطفولة. فإذا كانت التربية صحيحة ويتم التعامل مع الطفل بشكل إيجابي سيولد شخصية إيجابية خالية من السلوكيات غير المقبولة. والعكس في حال عدم التربية السليمة التي ترافق الطفل وتنمو معه وتلازمه في المستقبل.

الأصل عندما تظهر السلوكيات السلبية استشارة الاختصاصيين ليقوم الطبيب ببناء برامجه في العلاج. فكلما عرفت المشكلة مبكرا كان العلاج أسهل، حتى لا تنمو السلوكيات مع الطفل وتصبح سلوكا لاإراديا يقدم عليه بدون هدف، وفق مطارنة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات