قسوة القلوب


هل من علاج لقسوة القلب عند بعض الناس ، الذين يبتعدون بقسوة قلوبهم عن الله ، والذين لم يشعروا يوما بأنّ ضميرهم يؤلمهم لعمل غير صالح قاموا به ، أو لم تؤثّر فيهم دمعة يتيم ، أو لدعاء امرأة ثكلى فقدت زوجا أو أبنا ، أو نصروا الظالم على المظلوم ، أو حرموا محتاجا من أن يحصل على ما يريد من حاجات بسيطة تغنيه عن السؤال ، ولم يعطفوا على فقير ولم يرحموا معاق ، ولم يهتمّوا بأمور اخوتهم ولم يعينوهم على من عاداهم ، ولم يتأثروا بآيات القرآن التي تتوّعد القاسية قلوبهم بالويل في الآخرة ، ولا يردعهم موت انسان قريب منهم أو بعيد عن عمل السوء مع الناس ويؤثرون متاع الدنيا القليل على نعيم الآخرة ، هؤلاء هم من تتوّحش قلوبهم فتقسى ، فيضيقون بالناس ويضيق الناس بهم .

القاسية قلوبهم من أخطر الناس على مجتمعاتهم ، فبهم وبسببهم يصبح المجتمع منعدم للرحمة والرفق واللين بين أفراده ، فتزول عنهم النعم ويبتلون بالنقم ، وتكثر بينهم وبين أفراد مجتمعهم العداوة ، وتدخل الامراض الى قلوبهم فيصبحون أكثر عرضة للإغواء واتباع الشهوات ، ويحبّون الدنيا ويركضون للحصول على رزق كتبه الله لغيرهم ، فيعتدون على رزق غيرهم من غير وجه حق ، ويكثر الران الذي ذكره الله في كتابه العزيز على قلوبهم بسبب الأعمال السيئة التي يقومون بها ولا يتوبون عنها ، ويغفلون عن ذكر الله الذي بذكره تلين القلوب ، فيقومون بالأفعال التي تغضب الله ويكرههم بسببها الناس .

ولكن هل يستطيع القاسية قلوبهم معالجة هذا المرض ، نعم ، فقد شكا رجل الى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قسوة قلبه فأعطاه الحلّ السحري بأن يطعم المساكين وأن يمسح على رأس اليتيم ، لانّ الذي يعتدي على حق المساكين والمحتاجين ويأكل مال اليتيم ، يخرج من رحمة الله ويصبح قلبه قاسيا خاليا من ذكر الله ، وأن من يفعل ما أمر به رسول الله يصبح قلبه رقيقا لينّا يحسن معاملة الناس ولا يقسو عليهم ، وبعكس ذلك فانّ على القاسية قلوبهم أن يقفوا أمام المرض الذي أصابهم ، فيحاسبون أنفسهم ولا يستقوون على الناس بأفعال لا يحبّها لله ، فيكونون ممن وصفهم الله بالقاسية قلوبهم الذين توّعدهم بعذابه .

في أيّامنا هذه أصبح القاسية قلوبهم يتفاخرون بذلك فتجدهم يعتدون على حق المحتاج واليتيم ويظنّون أنّ الله لا يراقب أعمالهم الشنيعة التي بسببها سيدخلون نارا وقودها الناس من أمثالهم والحجارة ، فقد غضب عليهم الله وكرههم الناس وعليهم محاسبة أنفسهم وإصلاح قلوبهم لعل الدرن يذهب عنها . وقد قال ابن القيّم رحمه الله ، ما عوقب عبد بعقوبة أعظم من قسوة القلب والبعد عن الله وما خلقت النار إلا لإذابة القلوب القاسية ، فإذا قسا القلب قحطت العين. نسأل الله العافية.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات