بالدم والنار ، يُغيِّرُ أبالِسَتُنا ، قواعدَ اللَّعِبْ


يعيش الوطن العربي الأكبر ، بكل مَواطِنِهِ الصغرى ، أحداثاً عاصفة متتاليةَ الموجات ، ومُتغيرات غير مسبوقةِ السرعة والقسوةِ والأثر .

عملياتُ تفكيكٍ ساخنةٍ ، مُتعددةُ الأبعادِ والغايات ، تُمارَسُ على قدمٍ وساق ، على كل الصعد المعاشة . صادمةٌ لكل مكونات الوعي . يبدو معها كل شئ مُهتزاً مُترنِّحاً . تَحسَبُ أهله سُكارى . تَجْتاحهُم فوضى شاملة تستبد بهم بقسوة . حتى باتت جُلُّ مُستَقرَّاتِهم ، تميدُ بِناسِها وضيوفهم فيها .

تَحيَّرَت عقولُ المُتبصرين ، في رُؤيةِ مفردات ومجاميع ما يجري من وقائع . وتحيرت في تفسيرها وفهمها ، وفي الكشف عن مُقدماتها وتَبعاتها ومَآلاتِها . فالأضطرابُ شاملٌ وعميق . يتخفى في تضاريس معقدة ، من الجنون المعاصر ، وما يرافقه من تَأتآتٍ وتَتويهاتٍ تُدَغدِغُ غرائزيات المشاعر .

يمكن للحصيف ، تتبع هذه الحيرة ، في ذلك السيل العَرِمِ من المحاولات السردية - التبريرية ، التي ترغب في نَمْذَجَةِ المَشاهد الراهنة ، عبر الكثير من مُستنقعاتِ التاريخ وأوهامه وعفنه ، بعيدا عن أشواق المستقبل ومعاصرة العلم وتطبيقاته ومقتضياته .

العنصريون الجدد ، من كل الطوائف العمياء ، والمذاهب المُثقلةِ بالبِدَع ، والقُطرياتِ المُمْعِنَة في الضيق والتضييق ، يُطِلونَ علينا يوميا ، بمنظوماتٍ من الخرافات والأساطير، والحكاوي المُشبَعَةِ بفتنٍ ما اتى بها حقٌّ او يقين .

يتسابقون ببدائيةٍ مُعاصرةٍ ، للأمساك بقبضات سيوف عمياء ، تُؤَجَّرُ لهم بمقابل ، جُلُّهُ خَفِيٌّ وبعضه مُعلَن . قبضاتُ سيوفٍ مُزخرَفةٌ بجماجم ودماء أهلهم . ويتنافسون ظنا منهم ، أن الامساكَ بقبضةِ السيفِ المُزَرْكَشِ بالوهم لا السيف ، هي العنصرُ الحاسم في الصراع ، على الكون أرضاً وسماء ، وما فيهما وما بينهما ، من ثروات ومن بشر ومن مصالح .

ويتنافسون في إبتداع وفبركة وقائع ومفاهيم ، لتتكئ عليها صور ذهنية ، تمكنهم من توصيف صراع المصالح المعاش ، ومنحه أسماء ومعانٍ مستنسخة . تحول حكاويهم ، بعمليات قيصرية عصا معاصرة ، تكاد آلياتها لا غاياتها ، تشبه عصا سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام . تُمَكِّنهم من تسريع عمليات الألتِهامِ والنهب المبرمج . وفي تغييب كل غائيات التقدم ، المبني على العقل والعلم المستنير .

يا من تبقى من عقلاء هذه الأمة ، مهما إختلفتم في تشخيص أبعاد ما قد يترتب على ما يجري من جنون ، من نتائج قريبة او بعيدة ، إن جدل الفساد والأفساد ، المبرمج منه او العشوائي ، الأصيل والبديل ،ممؤسس كله . وإكتسى عظما وريشا ومخالب . يؤسس لكم إن كنتم حقا لا تعلمون علم اليقين ، اسلوب حياة جديدة تماماً ، تحملكم بعيداً عن انسانيتكم .

بيد أن المثير للفزع في كل ما يجري ، يكمن في أن البعض منا ، لا يرى في ما نشهد ، من صراعات متفاقمة ، وتمزقات حيوية ، وأزمات وحروب وتفكك وتفسخ ، تهديدا قويا وحاسما للبقاء ، بل مظهراً لمخاضِ حملٍ وان بَدا كاذبا ، لوضعِ جنينٍ قادم يتلفع بشئ من دين ، وان كان مُشَوَّهاً ، ويبدو مُشَوِّها للعصر بما نشهد من ممارسات ارهابية .

الوقت بالقطعِ ، ليس مُتاحا لكم ، بما فيه الكفاية ،للفُرْجَةِ بلا مُبالاة . أو إنشادِ مصفوفاتِ الوَهْمِ القائل : حادَتْ عن راسي بسيطه .

فكم من امم قبلكم ، سادت ثم بادت .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات