جاذبية سارة بالين .. أميركا نحو حروب (مقدسة) جديدة!!


قد لا يختلف الكثيرون حول جاذبية سارة بالين الشخصية، نائبة الرئيس التي اختارها مرشح الحزب الجمهوري جون ماكين لتخوض الانتخابات الرئاسية معه، فالمرأة كانت ملكة جمال ألاسكا ذات يوم ـ والحق يقال أنها مازالت جميلة ـ وقد ظهرت أكثر من مرة كمعلقة رياضية حيث يعرف أنها رياضية وشغوفة بالرياضة ـ بطلة في عدة ألعاب وأهمها السباحة ـ تهوى السلاح والصيد، فضلاً عن كونها امرأة شابة تحمل بلاغة وفصاحة جيدتين، وتمثل الشخصية الأميركية التقليدية، العصامية والمؤمنة بتحقيق الحلم الشخصي من خلال العمل الجاد.. خير تمثيل، وكل من يحمل هذه الروح العصامية يجد قبولا في الثقافة الأميركية، خصوصا في الأوساط المحافظة والتقليدية من المجتمع الأميركي.  

إنها نجمة سياسية صاعدة في سماء الولايات المتحدة اليوم.. وربما كانت هذه الصفات وراء اختيارها من طرف المرشح الرئاسي جون ماكين وحزبه الجمهوري لتكون الشخصية الثانية في بلد عملاق مثل أميركا.

خصوصاً أن جون ماكين رجل طاعن في السن، عبوس الوجه، متلعثم اللسان، لا رصيد لديه من الكاريزما السياسية أو الجاذبية الشخصية.. إلا القليل، ولكن بوجود سارة بالين بجانبه فيبدو أن المعادلة تختلف لدى الناخب الأميركي، خصوصاً أنها تنتمي إلى أسرة متدينة أنشأتها في أحضان الكنيسة، وحملت الكثير من معتقدات الأصولية البروتستنانتية ، مثل الموقف الرافض للإجهاض ولزواج الشواذ بحدة، وانقسام العالم إلى أشرار وصالحين، والاحتكام إلى (الوحي) الإلهي في اتخاذ القرارات المصيرية.. حتى أنها تطالب بتدريس قصة الخلق الإلهي للكون (آدم وحواء) في المدارس جنبا إلى جنبا مع نظرية التطور الداروينية!!

إذاً معها يكون (العجوز) جون ماكين قد وفر لحملته عنصري المرأة والشباب، وهو الشيخ البالغ من العمر 72 عاماً. ولا يستطيع مد ذراعيه مدا كاملا والمصاب بسرطان الجلد..

ولكن هل تكفي الصفات الآنفة الذكر لاختيار سارة بولين لتكون نائبة لرئيس أهم دولة في العالم وأكثرها قدرة في التحكم بالمصير الدولي؟!

وهل مقتضيات الانتخابات والكاريزما الشعبية هي نفسها مقتضيات اتخاذ القرارات المصيرية لأمة ودولة مثل الولايات المتحدة الأميركية (وكاريزماها) المرتبطة بحياة الناس ومستقبلهم؟!!

خصوصا ونحن نعلم ،تمام العلم، أنها على صعيد الوعي السياسي، خصوصاً السياسة الخارجية، قد لا يساوي وعيها أكثر من وعي طالب في المرحلة الثانوية!!

يشبه الكاتب الأميركي توماس فريدمان  في مقال ساخر بعنوان ،"وطنية" سارة بالين!، عملية توجيه الانتقادات إلى سارة بالين (بإطلاق النار على سمكة مسكينة تائهة داخل برميل)!! ولنلاحظ أنه يضع كلمة وطنية بين قوسين.

ويضيف فريدمان منتقداً وعيها بالسياسة الداخلية (كيف لي أن أفهم أن يطالب أحدهم بأن نواصل بقاءنا في العراق إلى حين تحقيق النصر الحاسم على أعدائنا وأعداء الديمقراطية هناك، ولكن شريطة ألا نسدد الضرائب المفروضة علينا بصفتنا مواطنين؟ وإني لأعجب من المعلقين الصحفيين "المحافظين" الذين لا يكلون عن إخبارنا باستمرار، بأن سارة بالين هي المرشحة الملائمة لتولي منصب نائب الرئيس)

ليصل إلى نتيجة مفادها (أن سياسات بالين وآراءها الجديدة "المبتكرة" إنما هي "بدعة"ستدفع ببلادنا إلى أسوأ أزمة اقتصادية مالية عرفتها في تاريخها على الإطلاق).

أما عن مقدار فهمها للسياسة الخارجية فقد أوردت مجلة نيوزويك أن بالين لا تعرف شيئا عن السنة والشيعة، ولا تميز بين تنظيم القاعدة وحزب الله اللبناني. وهذا جهل يشترك معها فيه ماكين الذي تلتبس هذه التصنيفات في بعض تصريحاته أحيانا، رغم خدمته المديدة في الكونغرس.

ولا يشك أحد من المراقبين السياسيين، حتى أكثرهم يمينية في قلب أميركا نفسها، أنه أثناء الأعوام الأخيرة، كانت الولايات المتحدة قد شكلت مصدراً لزعزعة الاستقرار العالمي، خصوصاً بعد الحرب القبيحة التي شنتها على العراق وأفغانستان، وانتهاك المعاهدات الدولية مثل اتفاقيات جنيف في غوانتانامو وأبو غريب،ومع ذلك فإن بولين ترى أنّ الولايات المتحدة الأمريكية أرسلت قواتها لاحتلال العراق بناء على "تكليف إلهي"!!

وتطلق على الحرب في العراق اسم "المهمة الربانية المقدسة"!!

يقول المفكر الأميركي تشومسكي الذي عارض الحرب على العراق وعارض سياسات بوش الحمقاء داخل أميركا وخارجها، حول هذه النقطة (يتضح من العديد من التصريحات التي أطلقتها بالين أنها عازمة على استحضار "الرب" في كل أحكامها بشأن الحرب، وهي علامة مشؤومة للمستقبل إذا ما انتُخِبَت. فهي بلا شك سوف تعمل على إذكاء نار العديد من الأعداء الذين سوف ينكفئون على نسختهم الخاصة من الأصولية والتطرف للرد على ضربات الولايات المتحدة بضربات أشد)

ربما عانى العالم الويلات طيلة ثمان سنوات خلت من جراء (رؤى) الرئيس الأميركي و(تدينه) الذي دفعه إلى غزو أفغانستان والعراق وإدخال العالم في متاهات حربه المسماة ( الحرب على الإرهاب)

فهل سندخل ثانية مع سارة بالين مرحلة جديدة من الحروب (الربانية) التي أودت بشعوب عن بكرة أبيها إلى مذبحة مستمرة بدأت في كابول ولم تنته في بغداد؟!! 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات