الثّقة المحيرة


لم يبقَ شيء في الرأي ليطرح إلا أنْ نتساءل عن أبعاد الاستصواب الملكي لسياسات الحكومات المتوالية , وعن مرجعيّة الثقة التي تمنح لرؤسائها في حين أنّ الواقع المجتمعي المرير ينسف كل تلك المراهنات ولا شكّ ينذر بالخطر الوشيك بعد ظهور السطحية و"الفزعوية" في التعامل مع الحدث و المعضلة على الارض.

ما حدث في ذيبان ليس الا بداية كشفت على الملأ ما يخفيه القناع الحكومي من هشاشة وسوء تقدير واعتماد سلطوي امني جامد في التعامل مع القضايا الوطنية والتي من المفروض أنْ تكون في الاصل نهجٌ اصلاحي معرّف ببرامج وخطط ضمن المسيرة التي يصرح بها هذا الجانب في كل محفل. ومن المُجحف بحق مطالب المجتمع والمستند الى سياسة التسويف المعتادة ان توضع هذه الاحداث ضمن الاعذار الحكومية امام صاحب السلطة العليا بمسميات من العراقيل البسيطة والمتوقعة في الاجندة , وهذا في الحقيقة ما يضبّب الرؤية الملكية للمشهد العام في الاردن والذي يخبئ الفشل الرسمي في الواجبات التي تضمنها كتاب التكليف حتى في ابسطها المتمثل بمتابعة تنفيذ السياسات.

ما أثار استهجان الشارع هو الصورة الامنية الشرسة المكررة التي أُسْتقبِلت بها شريحة اصيلة من ابناء الوطن والمطالبين بمظهر مدني مسالم بأبسط حقوقهم معتبرين الجوء الاقليمي الامني ومنتظرين من رب البيت أن ينصفهم , تلك السياسة التي افتقدت الى الرؤية والمنهجية والمصارحة في تطبيق معايير النزاهة والشفافية والاحترام المتبادل بين السلطة والشعب , ولم يكن مصطلح الخارجين عن القانون الا عذرا متلعثما ومتأخرا بعد أنْ خرج تنفيذ القانون نفسه عن مساره الاصيل في التطبيق...

في مرحلة متقدمة وباستمرار لذات صيغ المصطلحات من الامنية الى هيبة الدولة سيكون من المستحيل احتواء الغضب العام , ولن تكون الحلول بالهروب او الاقالة ذات جدوى وقابلة للتفاوض , مع ادراك أنّ هناك من المتصيدين من ينتظر هذه الاوقات والتي يكون فيها الحل الامني كخيار اخير ليس الا بداية النهاية....

المجتمع الاردني مجتمع واع مثقف صابر ومدرك لما يدور حوله ومن المخجل والمعيب أنْ يلاقي هذا الرد النّاكر للجميل من قبل حكومات مفلسة فكريا في السياسة والاقتصاد ولا تنظر حتّى لعامل الوقت بعين الاعتبار ... هناك اخفاق عام يسود محيط القرار السياسي يلجأ الى الاساليب التقليدية الهزيلة في ايجاد حلول لمشاكل الفقر والبطالة والظلم وتداعياتها وهو ما ولّد اليأس والإحباط العام في مصداقيته للإصلاح...

الانتخابات القادمة ستشكل منعطفا هاما من ناحية اهمية الحدث والمرتبط بخذلان السياسة الرسمية العامة وانعدام الثقة بها في السيطرة المطلقة على تداعيات هذا الحفل الوطني و بالاستقلالية والنزاهة للهيئة التي يأمل الشارع ، فهل يثير ذلك حفيظة الثقة الملكية في قدرة الحكومة على ادارة السياسات العامة بنجاح.
لا نريد أن نتحسّر كما تحسّر حافظ ابراهيم :

لم لم يبق شىء من الدنيا بأيدينا الا بقية دمع فى ماّقينــــــــــــــــــا

كنـّا قلادة جيد الدهر فانفرطت وفى يمين العلا كنّا رياحينــــــــــا

كانت منازلنا فى العز شامخة لا تشرق الشمس الا فى مغانينا

وكان أقصى منى نهر (المجرة) لو من مائه مزجت أقداح ساقينـــا

والشهب لو أنّها كانت مسخرة لرجم من كان يبدو من أعادينـــا

فلم نزل وصروف الدهر ترمقنا شزرا وتخدعنا الدنيا وتلهينـــــــــا

حتّى غدونا ولا جاه ولا نسب ولا صديق ولا خلّ يواســــــــــينــا

shnaikatt@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات