الخِطابُ المُنْتَظر


أدمن الأردنيّون على مدى عقودٍ أنْ يحظوا بخطابٍ مبادرٍ يُنظّم الفوضى التي تَعتري الافكار والتوقّعات وينفضُ الغبارَ عما يشوّش الصورة العامة للحياة الاجتماعية والسياسيّة في الاردن ويستردُّ الوجهة المأمولة.

المُقْلق وما يَحْبِسُ الأنْفاسَ أنّ هناك تمنّعاً عن الاجابة على التساؤل الذي يطرحه الشّارع الاردني على منصة القرار السياسيّ والذي يتعلٌّق بمصداقيّة الانجاز الذي تدّعي الحكومة السّابقة بقيادة النسور تحقيقه. في الوقتِ الذي تتبادلُ فيه القبعات الوزاريّة لتتفاقم الحيرة أكثر حولَ مدى صحّة الاجنْدة التي تُطرح هنا وهناك والتي تُسندُ الى الأفق الرسميّ السابق واللاحق اعداداً مثيرا للشكّ والريبة الان ثمّ تنفيذاً لاحقاً بعد أنْ يكتمل النصاب في البرلمان القادم .....

الواقع أنّ التكليف ذو الشأن كان واضحاً في مقدمته ومتنه ونهايته وهو في مجمله الأرجح بأنْ يكون دليلا للملقي حين لم يبعد كثيرا عن واجب متابعة تنفيذ السّياسات ، ولكنّ هل على الاخير أن يتّخذ قرار ما على درجة من الاهمية في هذا الوقت ؟ ومع استبعاد أن يتمّ ذلك فلن يختلف أحد أنّ حدوثه يُعدّ في حقيقته تطاولاً على المنهج الديمقراطي العام من ناحية و فاقداً للأساس الشرعي الشعبي بغياب مجلس ممثل له من ناحية اخرى , وانْ حصل فعلا فهو فوق ذلك خرق صريح لأدنى معايير الاحترام للطموح الشعبي المثقف الواعي و ثقباً أسوداً في مسيرة الاصلاحية الاوزونية والتي يتغنّى بها جانب المخطّط والمقرّر على مرأى و مسمع القاصي والداني , ولن يُقبل ايضاً أنْ يُبرّرُ بأي شكلِ منْ الأشكالِ بحجّة استمرارية التكليف لذات الحكومة. وفي ذاتِ السّياق وإذا كانت المَهمّة التي أُلقيت على الملقي لا تتجاوزُ عناوين المتابعة والرّقابة فهل يعني ذلك أنْ يُمنحَ كامل الصّلاحيات المنوطة بمنصب رئيس الوزراء ، وهو ما يثير الدّهشة حول طبيعة تلك المَهمّة والتي تُعْتبر في مفهوم العرف السياسي مرحلةً مؤقّتةً لحين منح الثقة أو حجبها عن الحكومة المقبلة المراد تعيينها .

ومن الاهميّة بمكان أنْ نقفَ على موضوع حسّاس وعنوانٍ وعِد به الشارع الاردني لكنه لم ينفّذ وهو ما يخيّم ظلال الاسى على المثقف والمهتم ويعمّق هوّة الثقة ما بين جميع الاطراف والذي يختص بصناعة ديمقراطية معاصرة من رأي أخر معارض داخل البرلمان القادم , ولسانُ الحالِ يقول أنّه اذا كان الرأي المُعارض القويّ المتمثّل في الحزبيّة والذي فُقِدً في المجلس السابق قد حَسَم تغييبه مرة اخرى في المجلس القادم قانون انتخاب ، اذاً فما هو الواقع التمثيلي الذي سيكون عليه هذا المجلس ؟ وكل مسامة في الجانب الرسمي تعلم يقيناً أنّ هذا القانون أيضاً لم يَخرُجُ من لدن رأي حر كامل النصاب الديمقراطي في المجلس المنصرم ، اذا وبمنطق الأمور فانّ هذا القانون الغير المؤهل لن يفرز حالة ديمقراطية صحيّة وهو ما يصمت عنده التصريح الرسمي بما في ذلك بنود تكليفية.

من المُعيب والمشفق في آن واحد على السياسية الراعية هو غياب المصارحة عن حقيقة ما ينتظر المجلس والحكومة القادمة خلال الاربع سنوات القادمة وهو مدعاة للاستهجان من منطق النزاهة والشفافية انْ كان فعلا هناك ما يدور وراء الكواليس خارج تفاصيل كتاب التكليف من قضايا مصيرية اقليمية ومحلية بل وقضايا لم تطرح على السّاحة العامة لهذه اللحظة والتي قد تكوّن صدمة قوية لا يمكن تخمين نتائجها حتى بغياب المعارضة عن طرفي القرار التشريعي والرسمي.

هناك خطوط عريضة على الخطاب المنتظر أنْ يحملها في طيّات صفحاته تبيّن الاولويات والاستثناءات بصورة مستقيمة ,لان الصدام بين الحكومة والشعب من جهة والشعب والمجلس القادم من جهة اخرى سيكون حراكاً متشعّباً حسبما أرى ولن تستقبلُ القرارات الهامة سواءٌ اخذت الطابع الشرعيّ ام لا بالرضى وبالسهولة التي يتوقعها المستشار الغائب.
ومن الطبيعي أن يأخذ الحيز الامنيّ مساحة معتبرة على أرضيّة القادم من السياسات خاصة بعد ما حدث من جريمة نكراء في البقعة وهو الذي لا يعدّ خرقا بالمفهوم الأمني العام كون لا تفاصيل رسمية تبعته لتكشف تفاصيل واقع ما جرى, في الوقت الذي أدْرك الجميع حَجْم الوعيّ الشّعبيّ وأهمّيته في أكمالِ وتعزيزِ المنظومةِ الأمنيّة , وهذا بِحدّ ذاته لا يترك خيارا للسّاسة في جدية النّهوض بالمواطن اجتماعيا وماديا ليكونَ رديفا فاعلاً وركيزة أساسيّة لقاعدة للأمن والأمان , الركيزة التي نأخذ منها زاوية مهمة هي المتقاعدين العسكريين بعد ما نشر مؤخرا حول حقيقة التشرد الذهني الذي تعيشه هذه الفئة وهو الامر الذي نأمل أنْ يستقر على نحو يحفظ ماء الوجه ويحصّن الفكر من الوقوع في مستنقع الاجتهادات المشوّهة حين لا صادّ لطوفان التقهقر الاجتماعي والمادي.

الجميع ينتظر بالصبر الجميل خطاباً مباشرا مفسّراً والذي بلا شك سينير خارطة العمل للحكومة القادمة جنباً الى جنب مع المجلس , وليسدّ الثغرات الوطنيّة والتي بدأت تتسع , ولا نحسبه يتأخّر كثيرا بعد ما لمسناه من زخم معتبر من تجمعات وطنيّة حرّة على مواقع التواصل الاجتماعيّ تتبنّى أفكارٍ بنّاءة بدت تستيقظ من جديد تبعث على الارتياح العام لتصرّح بأنّ فرسان التغيير الحقيقيّون قادمون وبقوة .
shnaikatt@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات