واشنطن بوست: إلى متى تتجاهل أمريكا المعاناة في سوريا؟


جراسا -

مع امتداد الصراع في سوريا وانتشاره خارج الحدود، كنت متشككا بأن هناك حل عسكري أمريكي للمشاكل السياسية والدينية المعقدة في قلب الأزمة. لا زلت متشككا ويسرني أن إدارة أوباما مترددة في التدخل على نطاق واسع إنسانيا. ولكنني أشعر بالحزن لأنها لم تتحرك إنسانيا على نطاق واسع. والتمييز هنا بين الأمرين هام جدا.

في السنوات ال75 الماضية، كانت الولايات المتحدة أكثر الدول التي تلعب الأدوار الإنسانية . حيث قدمت معظم المساعدات الإنسانية واستقبلت غالبية اللاجئين. لعقود طويلة، استقبلت الولايات المتحدة حوالي 50% من مجمل الأشخاص الذين أعيد توطينهم في أراض أجنبية. ولكن ليس بعد الآن. مساعدات الولايات المتحدة في الأزمة السورية تساوي ما قدمه الاتحاد الأوروبي وكلاهما لم يقدما ما يكفي.

بالنسبة لللاجئين، أصبحت الولايات المتحدة في وضع محرج دوليا. حيث تعهدت باستقبال 10000 لاجئ سوري و لكنها لم تسقبل العام الماضي سوى 2192 وهي تسعى جاهدة لاستقبال المزيد، على الرغم من حقيقة أن الذين يمكن أن تستقبلهم خاضعون للانتقاء والفضل في ذلك يعود إلى بعد المسافة. في هذه الأثناء، أعادت كندا التي يشكل عدد سكانها عشر سكان الولايات المتحدة توطين أكثر من 25000 سوري. بدورها، سجلت ألمانيا حوالي نصف مليون طلب للحصول على اللجوء للعام 2015 لوحده، وفقا لصحيفة نيويورك تايمز.

ولكن بعض أغنى الدول في العالم تقف الآن في موقف مخجل أمام أفقرها. تستضيف لبنان الآن ما يزيد على مليون لاجئ مسجل، ما يعني ربع سكان البلاد. والأردن ليست بعيدة عن ذلك حيث لديها 650000 لاجئ مسجل. وهناك حوالي 3 مليون سوري يعيشون في تركيا حاليا. هذه الدول بحاجة إلى المساعدات على نطاق معغاير تماما عما يتلقونه حاليا.

تقليديا، عادة ما تأخذ واشنطن زمام المبادرة في وضع أجندة العمل الإنساني، وتشجع الدول الأخرى على تقديم التبرعات واستضافة اللاجئين وتوفير القوات اللازمة لعمليات حفظ السلام. تتحرك الإدارة على بعض هذه الجبهات، ولكنه هذا التحرك لا زال لا يتناسب مع حجم المعاناة. في فبراير، عقد مؤتمر للمانحين في لندن نظم من قبل الأمم المتحدة وبريطانيا وألمانيا والنرويج والكويت.

إن ما يحدث في سوريا هو مأساة إنسانية بأبعاد أسطورية. ما يقرب من 400000 شخص قتلوا, وشرد 6.5 مليون سوري في الداخل وما يقرب من 5 مليون آخرين خرجوا من البلاد. سوف يقول البعض بأن هذا هو السبب الذي يدعونا إلى إرسال المزيد من القوات، وقصف المزيد من الأهداف وإنشاء مناطق آمنة في البلاد. ولكن ذلك يفترض بأن لدينا شريك على الأرض يمكن أن نعمل معه، والأمر الأكثر أهمية، هو أن هناك نظام سياسي يمكن أن نساعد في إنشائه سوف يكون فعالا وشرعيا في عيون السوريين. دون هذه العناصر، فإن التدخل العسكري الأجنبي سوف يتحول إلى حالة من الفوضى والاحتلال الاستعماري.

ولكن ما يمكن أن تقوم به واشنطن هو محاولة التعامل مع الأزمة عبر مجموعة من الجهود الإنسانية التي تناسب حجم المأساة. على الرئيس أوباما أن يخاطب الرأي العام الأمريكي ويصف له المعاناة الإنسانية ويذكرنا بأفضل تقاليد أمتنا ويطالب الكونغرس بدعمه في تقديم المزيد من المساعدات، واستقبال عدد أكبر من اللاجئين وقيادة جهود أكثر تعاونية مع المجتمع الدولي. كما عليه أن يعين جورج بوش وبيل كلينتون كسفراء خاصين للبلاد للعمل الإنساني في سوريا.

دونالد ترامب سوف ينتقد أوباما. كما سوف يرفع الجمهوريون شبح الإرهاب في وجهه. ولكنهم مخطئون، وعليه أن يقول لهم لا. لقد كان الأمريكان حذرون دائما في استقبال اللاجئين. غالبية كبيرة عارضوا استقبال اليهود الألمان في ثلاثينات القرن الماضي وذلك مباشرة بعد الحرب العالمية الثانية بعد أن علمنا بشأن الهولوكوست. 55% عارضوا استقبال الهنغاريين بعد الغزو السوفيتي عام 1956، و57% عارضوا قبول لاجئي القوارب القادمين من آسيا بعد سقوط سايغون عام 1975. ولكن زعماء الولايات المتحدة أصروا، وتم قبول كل هؤلاء اللاجئين، وتم استيعابهم وأصبحوا أطرافا فعالة في المجتمع الأمريكي.
إن أوباما لا يستعد للانتخابات. وقد كان جريئا جدا في مواقف أخرى، حيث اعتمد سياسات كان يعلم تماما أن الكونغرس سوف يرفضها على أمل إحداث تغيير في طريقة الحوار. ولكن لماذا لا يتصرف بنفس الجرأة أمام أكبر مصدر للمعاناة الإنسانية في العالم اليوم؟
المشكلة ليست من ذلك النوع الذي يؤثر على السياسة حاليا أو على إدارة أوباما. أين هو بيرني ساندرس، الذي يشعر بقلق كبير على الأمريكان الذين لا يستطيعون دفع تكاليف الدراسة ولكن يبدو أنه غير مبال تماما للسوريين الذين لا يستطعيون البقاء على قيد الحياة؟ أين هم نجوم موسيقى الروك العالميون، الذي غنوا مرة:” نحن العالم” ونظموا حفلا مباشرا لمواجهة الفقر في أفريقيا؟ ملايين السوريين من الرجال والنساء والأطفال يهربون من بيوتهم حاليا، ويعيشون في ظروف مزرية ويفقدون حياتهم. أين نحن جميعا مما يجري؟



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات