سفير الإنسانية من المملكة العربية السعودية


قليلة هي المفردات التي تعبر خاطري، في وصف مواقف شهدتها في معية صاحب السمو الأمير خالد بن فيصل سفير خادم الحرمين الشريفين في الأردن، ولكنها تساوي ألفاً من غيرها؛ أربطها وأقصدها وأعنيها، لمواقف غابت عنا فوجدناها متأصلة بسموه، مواقف عاشت فينا وتسللت إلى داخل عروقنا ولكنها اندثرت لتعود من جديد في خطاب وتواضع صاحب السمو، تلك الروح التي مثلت روح الإنسان لتحمل معانٍ جليلة في طياتها، لتشكل لنا وصايا نبيلة تعبر عن مواقف تفرض علينا الإنحناء لها؛ لحظات عشناها بذاتها وبروحها، وعبَّرت بقدرتها عن تواضع الإنسان مهما علا ومهما كنا أوكانوا، كلمات شرَّفنا بها حملت بطيها المعنى الحقيقي لروح السمو ومعناه، أشكر فيها شخصا اختلط لحمُه ودمُهُ بحبِّ أبنائه وفيض حنانه، إنه الانسان الذي إن وعد حقق، وإن أراد شيئاً حارب لأجله، ليحصد الآخرون ما يزرع، وليأكلوا من طيبات ما جنى.

هو الانسان الذي جمع كل المعاني و المرادفات التي تعبر عن التواضع والحب و الوفاء و الإخلاص و كل ما يعبر عن أخلاق إنسان قدم إلينا من بلاد النبوة وبلاد العفة. تواضع فأحببناه، رفض أن يكون كبيراً بوجود الكبار، بل لملم أشيائه وانحنى لهم، وسار خلفهم، ونادى بأعلى صوت أنا لا أقدم نفسي قبلهم بل أسير خلفهم وعاتبنا على حبنا له لأنه فرض نفسه علينا كشخص منا وليس علينا. فجمع تحت عبائته الطاهرة روح الحق و القوة في آن واحد. فتح ذراعيه للحياة و استقبلها بكل ترحاب رغم قوتها. تواضع للصغار والكبار دون أن يشعرهم بأنه أفضل منهم، بل كونه يتعلم منهم الحكمة والقدر والإبصار. هو يدرك أن من لم يتواضع عند نفسه فلن يرتفع عند غيره، وقد وجدنا في روحه أنه يمتلك الكثير ليتواضع به. شكل بنفسه الطيبة سنبلة كلما شدت وثاقها انحنت لأنها تدرك أن طيبها في تواضعها ومحبة الأشخاص فيه هي كنزه ورهانه على نجاحه. وثق بنفسه وكتب بكلماته أن الصوت الهادئ أقوى من الصراخ وإن التهذيب يهزم الوقاحة وإن التواضع يحطم الغرور.

يا ليتني لا أكون سفيراً لأكون خلفكم، لأتعلم منكم القوة والحكمة، ولأكون بصيراً كما أنتم الآن. هذه الكلمات التي أجبرتنا جميعاً على الوقوف والانحناء عندما رفع عبائته وخطا خطواته ليكرم من اعتبرهم أبناؤه وبناته فخطا درجاته إليهم بدلاً من الصعود إليه. ولأنه الإنسان، فقدنا إحساسنا وانهمرت دموعنا لنتعلم منك يا سيدي صاحب السمو العفة والاحترام. تعلمنا منك يا سيدي أن الصدق، والإخلاص، البساطة والتواضع، والكرم، وغياب الغرور، والقدرة على خدمة الآخرين (وهي صفات في متناول كل نفس) هي الأسس الحقيقية لحياتنا الروحية.

إصراره بالتواضع والاحترام انتقل إلى قلوبنا فحملناه معنا لعلنا نكمل مسيرة بدأها بكلمات ارتجالية، فشرف لنا يا سيدي أن نكون خلفك لنصنع التوازن كما أراده سيد البشرية في هذا العالم، توازناً ما بين الحرية والأمل، وأن ننهض من الفشل و نصنع المستقبل.

تصعد إليك أمنياتنا من أعماق روحنا.. يا من لمست محبته و إرادته قلوبنا، وهزت كياننا.. أعطني أن أرى من خلال عينيك.. لأرى نفسي كما يجب أن تكون.. يعلو شكري إليك.. لأنك أبداً لم تفقد الأمل فينا بل زرعته من جديد في قلوبنا حتى نراه حلماً قد تحقق.

شكراً لك يا سيدي على كل ما حملته في كلماتك من معاني الإنسانية والتواضع. أشكرك باسمي وباسم أبنائي من أصحاب البصيرة لأن لي إخوة في هذه الدنيا، يخطون على نفس الطريق.. يسقطون و ينهضون.. يذكرونني بمحبتك و إرادتك.. يجعلونني كل يوم أقترب من ذاتي لأكون كل يوم ما أريد أن أكون أنا بذاتي أكون ما أكون كصورة أقرب إليك.. فأصير أكثر انسانية كل يوم.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدًا بعفو إلا عزًّا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله) ، وقال أيضاً: (إن الله تعالى أوحى إلى أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد ولا يبغي أحد على أحد).

هنئياً لنا بك يا صاحب السمو، وهنيئاً لك بأبنائك في بلدك الثاني، وحللت أهلاً ووطئت سهلاً.

رئيس المنظمة العربية للمكفوفين 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات